أوّل الكلام آخره:
- أعلن رئيس وزراء المملكة المتحدة، بوريس جونسون أنه سيستقيل من زعامة حزب المحافظين على أن يبقى في رئاسة الوزراء إلى أن يُختار زعيم جديد للحزب.
- انهارت الحكومة الائتلافية الإسرائيلية الهشة في أواخر الشهر الماضي، مما أدى إلى تولي يائير لابيد رئاسة الحكومة مؤقتا حتى تشرين الثاني (نوفمبر)، عندما تجري إسرائيل انتخاباتها الوطنية الخامسة في أقل من أربع سنوات.
- شكلت الانتخابات الرئاسية في كولومبيا تحولا تاريخيا بمجيئها برئيس يساري للمرة الأولى، ولعلها تشير إلى أن مواقف الكولومبيين تجاه ماضي المتمردين في البلاد قد تغيرت.
- واجه تحالف إنسيمبل الذي يتزعمه الرئيس الفرنسي ماكرون هزيمة غير متوقعة في الانتخابات البرلمانية الشهر الماضي، والتي شهدت حصول اليمين المتطرف واليسار المتطرف على مقاعد كافية لترك حزب ماكرون دون أغلبية برلمانية.
تحاول كولومبيا وفرنسا التكيف مع الاضطرابات السياسية التي أعقبت الانتخابات الشهر الماضي، بينما تستعد إسرائيل والمملكة المتحدة لإجراء انتخابات جديدة بعد انهيار الائتلافات الحاكمة في الأيام الأخيرة. وبالأمس، أعلن رئيس وزراء المملكة المتحدة، بوريس جونسون أنه سيستقيل من زعامة حزب المحافظين، مع بقائه رئيسا للوزراء حتى شهر تشرين الأول (أكتوبر)، وهو الوقت الذي من المتوقع فيه أن يُختار زعيم جديد للحزب. ومن المتوقع أن يجتمع قادة حزب المحافظين الأسبوع المقبل لتحديد جدول زمني لاختيار زعيم الحزب القادم. وبعد سنوات قليلة مضطربة تحت قيادة جونسون، من المرجح أن يختار الحزب شخصية أقل استقطابا للوظيفة العليا. ويعد كل من ريشي سوناك وليز تروس وساجد جاويد وجيريمي هانت من المرشحين الأقوياء لهذا المنصب. وإذا ظل جونسون في منصبه رئيسا مؤقتا للوزراء، فقد تساءل الكثيرون عن كيفية عمل الحكومة في ظل مجلس وزراء فارغ، بعد سلسلة من الاستقالات الرفيعة المستوى. وقد هدد زعيم المعارضة، السير كير ستارمر، بالشروع في تصويت بحجب الثقة إذا لم يستبدل بجونسون رئيس آخر. وعلى أي حال، فسواء ظل جونسون في منصبه حتى الخريف أو اعترف بالهزيمة، فسوف تذكر فترة جونسون على أنها من الفترات الفوضوية في السياسة البريطانية. وكان جونسون رمزا من رموز خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقد انتخب لأنه كان يُعدّ أفضل مرشح لإكمال هذه المهمة. وعلى الرغم من أنه حقق ذلك، إلا أن الفترة التي قضاها في المنصب وسلسلة الفضائح التي طبعت عهده، تقدم دليلًا إضافيًا على أن انتخاب شعبوي أمر سهل، ولكن ذلك لا يضمن حسن الأداء ولا الحكم الرشيد.
وبعد أسابيع من الجدل السياسي، انهارت الحكومة الائتلافية الضعيفة في إسرائيل أواخر الشهر الماضي. وردا على ذلك، أعلن رئيس الوزراء نفتالي بينيت أنه سيتنحى عن منصبه ويحل البرلمان، وهو ما سيؤدي إلى انتخابات جديدة في تشرين الثاني (نوفمبر). وفي غضون ذلك، سيقود إسرائيل يائير لابيد، شريك بينيت السابق في الائتلاف. وستكون الانتخابات المقبلة هي الانتخابات الوطنية الخامسة لإسرائيل في أقل من أربع سنوات، وسيتنافس فيها يائير لبيد الوسطي والمنافسان اليمينيان، نفتالي بينيت وبنيامين نتنياهو. وعلى الرغم من الإجراءات القانونية الجارية ضد رئيس الوزراء السابق نتنياهو بتهمة الفساد، يبدو أن حزبه في الوقت الحالي يستعد لنيل الأغلبية في الكنيست وإذا تمكن من الحصول على دعم نواب اليمين المتطرف، فقد يعود نتنياهو إلى السلطة رئيسا للوزراء. ومن المرجح أن تعزز زيارة الرئيس الأمريكي بايدن صورة رئيس الوزراء المؤقت لبيد، وقد يمكنه ذلك من الحصول على المنصب الدائم. وعلى الرغم من أن الرئيس بايدن سيلتقي مع نتنياهو على سبيل المجاملة، إلا أنه يفضل بلا شك أن يرى لبيد يفوز في الانتخابات، ولذلك فإنه قد يتجنب الضغط على إسرائيل بشأن القضايا المثيرة للجدل مثل مقتل الصحفية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عاقلة. على أن توالي الانتخابات في إسرائيل يؤكد الجمود الذي سيطر على السياسة الإسرائيلية في السنوات الماضية. وينقسم الناخبون حول العديد من القضايا الرئيسية، وعلى الرغم من المخاطر الكبيرة المستمرة، فقد فقد العديد من الناخبين المعتدلين الاهتمام بالعملية الديمقراطية منذ فترة طويلة.
وشكلت الانتخابات الرئاسية في كولومبيا تحولا تاريخيا مع انتخاب رئيس يساري لأول مرة. فقد تغلب غوستافو بيترو، وهو مقاتل يساري سابق، على رودولفو هيرنانديز، قطب البناء والمرشح اليميني لمكافحة الفساد، والذي كان يشار إليه باسم «دونالد ترامب الكولومبي». وكلاهما كان يعد من المرشحين المناهضين للمؤسسة الحاكمة، ولكن رؤية بترو تمكنت من الغلبة. وقد يشير انتخابه إلى أن مواقف الكولومبيين تجاه ماضي المتمردين في البلاد قد تغيرت. وقد واجه السياسيون اليساريون لعقود عدة عقبات في الانتخابات الوطنية بسبب انتماءاتهم إلى حركات التمرد العنيفة. وعلى الرغم من أن انتخابه قد يكون بمثابة رد فعل شعبي مؤقت على تزايد التفاوت الاجتماعي وانعدام الفرص وتفشي الفساد، فمن المؤكد أن فترة رئاسته ستغير طبيعة العلاقة بين كولومبيا والولايات المتحدة، والتي تتميز بشراكة أمنية وتجارية قوية للغاية. ويخشى المحللون من أن بيترو قد يقوض هذه العلاقة ويستبدل بها علاقات أوثق مع القادة الاستبداديين والمعارضين للولايات المتحدة في المنطقة. وسواء كان انتخاب بترو مؤشرا على تغير عميق في مزاج الكولومبيين أو مجرد مغازلة مؤقتة للسياسة اليسارية، فإن إدارته مستعدة لتغيير مسار البلاد بشكل كبير على المدى القصير إلى المتوسط.
أما في المقلب الآخر من المحيط الأطلسي، فلا يزال حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يحاول استجماع أنفاسه بعد الهزيمة غير المتوقعة في الانتخابات البرلمانية الشهر الماضي. فقد حصل كل من اليمين المتطرف واليسار المتطرف على عدد غير متوقع من المقاعد، مما جعل تحالف إنسمبل بقيادة ماكرون يفقد الأغلبية البرلمانية. وقد فاز حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان بعدد تاريخي من المقاعد بلغ 89 مقعدًا. وعلى الرغم من أن التجمع الوطني هو الآن ثاني أكبر كتلة تصويتية قائمة بذاتها في الهيئة التشريعية، إلا أنه لا يمكنه تمرير القوانين دون دعم الأحزاب الأخرى. والتحول التاريخي الآخر الذي أثر في الانتخابات كان تشكيل ائتلاف يساري بقيادة اليساري الراديكالي جان لوك ميلينشون. ومن خلال توحيد العديد من الأحزاب اليسارية، يشكل اتحاد الشعب الإيكولوجي والاجتماعي الجديد الآن ثاني أكبر كتلة تصويت برلمانية بعد ائتلاف ماكرون. ويلاحظ زيادة الاستقطاب السياسي في فرنسا، الأمر الذي ترك السياسيين الوسطيين قلقين بشأن استمراريتهم السياسية. وكانت الجمهورية الخامسة في فرنسا قد تشكلت حول رئاسة قوية، ولكن غياب الأغلبية البرلمانية اليوم سيجبر ماكرون على كبح طموحاته الداخلية، كما أنه سيضع رؤية ماكرون لتعزيز الاتحاد الأوروبي موضع المساءلة وذلك في السنوات الخمس الأخيرة من ولايته.