أوّل الكلام آخره:
- بعد أشهر من الجمود، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز أن ألمانيا وحلفاءها سوف يسلحون أوكرانيا بدبابات ليوبارد 2.
- تستمر حزم المساعدات العسكرية المتعاقبة في الوصول لأوكرانيا، وهي تزداد نوعا وكما بما يظهر التزام القوى الغربية بضمان نصر أوكرانيا.
- من المتوقع أن تلعب الفهود (ليوبارد) دورًا حيويًا في تعطيل الهجوم الروسي و/أو دعم الهجوم الأوكراني المضاد.
- بعد التغيير الوزاري الذي أجراه الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي بسبب بعض شبه الفساد، فإن إظهار الدعم الغربي المستمر قد يكون بنفس أهمية تسليح أوكرانيا بالدبابات.
أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز يوم الأربعاء أن ألمانيا ستسلح أوكرانيا بدبابات قتال رئيسية من طراز ليوبارد 2. وكسر القرار جمودًا دام شهورًا، بلإضافة لكونه قدم دعمًا ماديًا ونفسيًا كبيرًا للجهود الحربية الأوكرانية. وقد واجه شولتز ضغوطًا دولية شديدة، وأدى تأجيل قرار التسليح إلى إحباط الحلفاء والقيادة الأوكرانية. ويفضل العديد من أنصار شولتز سياسة خارجية ألمانية سلمية، وينقسم السكان الألمان حول إرسال دبابات ليوبارد إلى أوكرانيا. ويعود ذلك جزئيا إلى أن ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية والتقسيم الذي أعقب ذلك، سعت على الدوام إلى تجنب الصراع من خلال إشراك روسيا اقتصاديًا وسياسيًا. وكانت المملكة المتحدة، في إطار الضغط على برلين وطمأنة كييف، قد وعدت في وقت سابق من هذا الشهر بتسليم 14 دبابة تشالنجر 2 بريطانية الصنع إلى أوكرانيا. بل إن بولندا، التي تدير عشرات دبابات الفهود الألمانية الصنع، هددت بنقل دباباتها إلى أوكرانيا دون موافقة برلين. وبعد سلسلة من المناقشات العامة المضنية، وافق شولتز أخيرًا، وذلك بعد أن وافقت الإدارة الأمريكية على إرسال 31 دبابة أبرامز M1 الخاصة بها. وتشير العملية التي طال أمدها إلى أن ألمانيا قد تكون غير راغبة في الإلقاء بثقلها في دعم الدفاعات الأوكرانية ما لم تتأكد من الدعم الأمريكي الكامل.
وقد زادت المساعدة العسكرية والأمنية الغربية لأوكرانيا بشكل تدريجي كما ونوعا منذ بدء الحرب في فبراير الماضي. وكانت العديد من الدول قد رفضت في البداية تزويد أوكرانيا بالأسلحة الثقيلة خوفا من تصعيد الصراع، ولكن الصمود الأوكراني جعل هذه الدول اليوم تدعم الجهود الأوكرانية بقوة. وفي البداية أرسلت القوى الغربية أسلحة سهلة الاستخدام يمكن أن يكون لها تأثير فوري على ساحة المعركة في أوكرانيا. ولكن مع بدء الصيف، أصبحت حزم المساعدات العسكرية لأوكرانيا أكثر تعقيدًا وفتكًا وتكلفة. وهذا النمو المطرد في المساعدات يظهر التزام القوى الغربية بشكل أكبر بضمان انتصار أوكرانيا. وقد أدت التكاليف المادية والنقدية التي قدمها شركاء أوكرانيا إلى جعل النصر الروسي أمرًا غير مرغوب فيه، مما يشير إلى أن اتجاه المساعدة العسكرية المتزايدة الفعالية قد يستمر في المستقبل المنظور.
ويمثل إعلان شولتز انفراجًا لعدة أسباب. فهو أولًا يصرح لحلفاء ألمانيا مثل بولندا بإعادة تصدير دبابات الفهود الخاصة بهم إلى أوكرانيا. وفي أوروبا نحو من ألفي دبابة قيد الاستخدام أو في المخازن، وقد تعهدت النرويج بالفعل بتسليم دفعة من دبابات الفهود. ويشكل اشتراك دول عدة في إرسال هذا الطراز من الدبابات توزيعا لأعباء تدريب الطواقم وصيانة المركبات وإمدادات الذخيرة وقطع الغيار. وعلى النقيض من ذلك، ستكون المملكة المتحدة المزود الوحيد لدبابة تشالنجر 2 وهذا سيحملها وحدها أعباء التدريب والصيانة. اما في ما يتعلق بدبابات M1 و هي واحدة من أقوى الدبابات المستخدمة حاليًا، فمحركها التوربيني صعب الصيانة ويعمل بشكل أفضل على وقود الطائرات، بينما يستخدم كل من ليوبارد وتشالنجر وقود الديزل المتاح بسهولة أكبر. على أن الدبابات الثلاث تتفوق نوعا على الدبابات القديمة التي تنشرها روسيا حاليًا في أوكرانيا ومن المتوقع أن تكون مفيدة في تعطيل الهجوم الروسي المتوقع و/أو دعم اي هجوم أوكراني مضاد. وللاستفادة الكاملة من الأسلحة الثقيلة المتدفقة إلى أوكرانيا، بما في ذلك مركبات المشاة القتالية الأمريكية برادلي، فإن القوات المسلحة الأوكرانية في امس الحاجة إلى الدمج الفعال للدروع والمشاة والمدفعية وسلاح الجو في عمليات الأسلحة المشتركة.
منذ بداية الحرب، كانت القيادة الأوكرانية تسعى للحصول على دبابات غربية حديثة تستبدلها بدباباتها القديمة التي تعود إلى الحقبة السوفيتية، ولذلك فقد رحبت كييف بحرارة بما أعلنته ألمانيا، ولكنها تتفهم أن عمليات التسليم المتوقعة قد تستغرق وقتًا قبل أن يكون لها تأثير على ساحة المعركة. وبعد التعديل الوزاري للرئيس زيلينسكي في أعقاب شبه بالفساد، ربما كان استمرار إظهار الغرب للدعم لا يقل أهمية عن عن عملية تزويد كييف بالدبابات . وكانت الدعاية الروسية تحاول إبراز عدم رغبة ألمانيا في تولي زمام المبادرة على أنه دليل على الانقسامات داخل الناتو. أما بعد الإعلان الأخير فقد حاول مسؤولو الكرملين نفي التأثير المحتمل للدبابات الغربية على الحرب. وعلى الرغم من هذه المشاحنات الصغيرة، والنكسة الأخيرة لترشيح السويد وفنلندا لعضوية الناتو بعد إحراق مصحف أمام سفارة تركيا في ستوكهولم، يبدو التحالف الغربي موحدًا في التزامه بدعم المجهود الحربي الأوكراني.
والأنظار الآن شاخصة نحو فرنسا، بصفتها العضو التالي في التحالف الذي قد يعلن أنه سيرسل دباباته المنتجة محليًا إلى أوكرانيا. وقد أثبتت كييف أكثر من مرة قدرتها التفاوضية العالية. وبغض النظر عما يختاره الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فقد شكلت هذه التطورات الأخيرة تحولًا جذريًا في نهج ألمانيا لدعم أوكرانيا، تاركة الباب مفتوحًا أمام تسليم أسلحة غربية أكثر قوة إلى ساحة المعركة.