أوّل الكلام آخره:
- كشفت إدارة بايدن عن استراتيجيتها لمحاربة الإرهاب المحلي تفصل فيها خطة الحكومة الأمريكية لمحاربة التهديد المتفاقم.
- إن هذه الاستراتيجية، الأولى من نوعها، تتضمن أربع ركائز أساسية تركز كل منها على جوانب مختلفة من تهديد الإرهاب المحلي.
- في حين ينبغي الارتياح لشعور إدارة بايدن بأن مكافحة الإرهاب الداخلي أمر ملح، إلا أن التحديات كبيرة، والنجاح بعيد عن أن يكون مضمونا.
- نظرا إلى أن مسائل أخرى تمتلك الأسبقية على جدول أعمال السياسات، يظل من المهم أن تعمل الإدارة باستمرار على قياس التقدم الذي تحرزه وتقويمه.
في 14 حزيران / يونيو 2021، أصدرت إدارة بايدن استراتيجيتها لمكافحة الإرهاب الداخلي، ووضعت مخططا لتتبعه الحكومة الأمريكية يهدف إلى الرد على التهديد المتزايد الذي يشكله الإرهابيون والمتطرفون العنيفون الذين يعملون على الأراضي الأمريكية. وفي أعقاب تمرد الكابيتول في 6 كانون الثاني / يناير، فقد ظهرت إدارة بايدن جادة في رغبتها في مواجهة التحدي. وتتألف الاستراتيجية، وهي الأولى من نوعها، من أربع ركائز رئيسة تتمحور كل منها على جانب مختلف من تهديد الإرهاب الداخلي، وتتضمن لغة مألوفة لدى أي شخص يعمل على القضايا المتصلة بمكافحة الإرهاب. ومن خلال وضع استراتيجية رسمية، يمكن لإدارة بايدن ربطها مباشرة بالموارد اللازمة لتحقيقها. وهذا جزء من العملية التشغيلية المشتركة بين الوكالات في الحكومة الأمريكية، والتي يمكن أن تساعد في استباق المواقف الأمنية بدلا من البقاء في دائرة رد الفعل. فضلا عن أنها تتناول مسألة استئصال التطرف من صفوف الجيش، والأجهزة الأمنية، والحكومة الأمريكية على نطاق أوسع.
وتركز الركيزة الأولى على فهم المعلومات المحلية المتعلقة بالإرهاب وتبادلها. وفي حين أن هذه الخطوة قد تبدو بسيطة ومباشرة نسبيا، فمن المهم عدم التقليل من أهمية القدرة على تحديد التهديد. وتعد الأجهزة الأمنية المحلية عنصرا لا غنى عنه في هذه الاستراتيجية، حيث إن ضباط الشرطة المحليين وإدارات الشرطة غالبا ما يتمتعون بدراية وثيقة بالجهات الفاعلة في مجال الإرهاب المحلي. وستقوّم وزارة الخارجية الأمريكية، بوصفها جزءا من هذه الركيزة، ما إذا كان يمكن تصنيف الكيانات الأجنبية المرتبطة بالإرهاب المحلي منظمات إرهابية أجنبية أو منظمات مصنفة إرهابية عالمية بموجب المعايير القانونية ذات الصلة.
أما الركيزة الثانية فتتعلق باتخاذ التدابير الوقائية، ولا سيما وقف التجنيد والتعبئة من أجل العنف لدى الجهات الفاعلة الإرهابية المحلية. وتشدد هذه الركيزة على أهمية تبادل المعلومات، بما في ذلك مع وادي السيليكون، والحاجة إلى التفكير بأفكار مبتكرة حول قضايا مثل محو الأمية الرقمية وبناء القدرة على الصمود في المجتمعات المحلية.
أما بالنسبة للركيزة الثالثة في الاستراتيجية، فهي تركز على تعطيل النشاط الإرهابي المحلي وردعه قبل أن تتاح له فرصة الانتشار. ووفقا للاستراتيجية، فإن هذا يعني جعل وزارة العدل «تدرس عن كثب» الحاجة إلى سلطات تشريعية جديدة لإدارة التهديد، مع ضمان حماية الحريات المدنية. فالجمهور الأمريكي يستحق التعامل بشفافية بشأن هذه المسألة، ويجب على إدارة بايدن الضغط من أجل عقد جلسات استماع عامة في مبنى الكابيتول حيث يطلب من خبراء الإرهاب المحليين شرح إيجابيات أي تشريع جديد وسلبياته وكيف سيساعد، في حال إقراره، في مكافحة الإرهاب المحلي.
أما الركيزة الرابعة والأخيرة، فهي تلقي نظرة أطول أمدا وتسعى إلى معالجة القضايا التي تسهم في ارتكاب الإرهاب المحلي، مثل الاستقطاب، الذي تغذيه المعلومات المضللة وانتشار نظريات المؤامرة، والتي يجسدها بروز تنظيم كيو والجهات الفاعلة المتطرفة الأخرى. وكما صرح مكتب التحقيقات الفيدرالي مؤخرا، ومركز صوفان في تقريره عن تنظيم كيو الذي نشر في نيسان / أبريل، سيستمر أتباع كيو في تشكيل تهديد إرهابي متطرف وعنيف للولايات المتحدة في المستقبل المنظور. ولإحراز تقدم في مجال مكافحة التضليل، ستحتاج الحكومة الأمريكية إلى الانخراط في حوار قوي ومستمر مع وسائل التواصل الاجتماعي وشركات التكنولوجيا، فضلا عن الجوانب الأخرى للقطاع الخاص والمجتمع المدني.
ولقد اتخذت إدارة ترامب بعض الخطوات التي تستحق الثناء بشأن التطرف اليميني، بما في ذلك تصنيف الحركة الإمبراطورية الروسية على لائحة الإرهاب العالمي وتسليط الضوء على التهديد الذي تشكله المنظمات النازية الجديدة، وخاصة تلك التي لها روابط عابرة للحدود الوطنية، في استراتيجيتها الوطنية لمكافحة الإرهاب الصادرة عام 2018. ولكن في أغلب الأحيان، أدت أفعال ترامب إلى تحريض المتطرفين العنيفين وتشجيعهم في بعض الأحيان، بدلا من السعي إلى تهدئة التوترات الداخلية أو العمل على تحسينها. وتسعى إدارة بايدن إلى إلغاء الكثير من الأضرار الناجمة عن إخفاقات الإدارة السابقة المتكررة في إدانة التطرف العنيف والإرهاب المحلي بجميع أشكاله. وفي حين أنه من الجيد أن نرى الشعور داخل الإدارة بأن تكريس الموارد والقوى العاملة ضد التهديد الذي يشكله الإرهاب المحلي أمر ملح، فهذا لا يغير من حقيقة أن التحديات كبيرة. ومن بين عواملها الأبرز كيفية التعامل مع مجموعات الميليشيات مثل «المحافظين على العهد» و«الثلاثة بالمائة». وبالنسبة للجماعات والمنظمات التي يحفزها التعديل الثاني من الدستور إلى حد كبير، فإن أي جهود ترمي إلى تشريع قانون للتحكم في انتشار الأسلحة، مهما كان بسيطا، فمن المرجح أن يقابل بمعارضة كبيرة من الميليشيات.
ومما لا شك فيه أن هذه الاستراتيجية تشكل خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن النتائج أبعد ما يكون عن أن تكون مضمونة. ونظرا لأن مسائل أخرى تمتلك الأسبقية على جدول أعمال السياسات، يظل من المهم أن تتابع الإدارة استراتيجيتها وتعمل باستمرار على قياس التقدم الذي تحرزه وتقويمه.