أوّل الكلام آخره:
- يهدف تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية إلى تفخيخ سياسة إدارة بايدن تجاه إيران ودول الخليج.
- أبدت وكالات الإغاثة معارضتها هذا التصنيف وعارضه أيضا عدد من الدبلوماسيين الذين حاولوا إيقاف الحرب الأهلية اليمنية.
- يمثل هذا التصنيف تقويما أمريكيا مفاده أن إيران تستغل الحوثيين لتوسيع نفوذها الإقليمي وإظهار نفوذها.
- من غير المرجح أن يؤدي هذا التصنيف والعقوبات المرتبطة بها إلى تراجع مكاسب الحوثيين في ساحة المعركة أو حرمانهم من الأسلحة الإيرانية.
أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو، قبل مغادرة منصبه بأسبوع، عن تصنيف حركة أنصار الله، التي يقودها الحوثيون في اليمن، منظمة إرهابية أجنبية مع إدراج ثلاثة من القادة الحوثيين على لائحة الإرهابيين العالميين. وقد حظي ذلك التصنيف بدراسة إدارة ترامب لعدة أشهر، لكنها امتنعت عن القيام بذلك سابقا بسبب معارضة الدبلوماسيين الدوليين والعاملين في وكالات الإغاثة الذين جادلوا بأن هذه الخطوة ستعيق إيصال المساعدات الإنسانية وتعقد المفاوضات لإنهاء الصراع في اليمن. ويجرّم هذا التصنيف تقديم «الدعم المادي» من تمويل وتبرعات وغير ذلك إلى الحوثيين ومن المرجح أن يردع ذلك كثيرا من المؤسسات الدولية عن العمل معهم، رغم سيطرتهم على موانئ مهمة تشكل منافذ أساسية لليمن. وسعى الوزير بومبيو إلى التخفيف من الانتقادات الموجهة إلى التصنيف بالقول إن وزارة الخزانة ستصدر «تراخيص وإرشادات» من شأنها «التخفيف من تأثير التصنيف في بعض الأنشطة الإنسانية والواردات إلى اليمن». وقد استخدمت مثل هذه الآليات في دول أخرى مثل الصومال، لكن العديد من وكالات الإغاثة يرى أن هذه الآليات لا تسمح بتقديم المساعدة في الوقت المناسب، كما أنها أثارت مخاوف من أن «التأثير المروع» لتدابير مكافحة الإرهاب على الشركاء المحليين يقلل من إمكانية إيصال المساعدات الإنسانية في الميدان. كما أصدرت لجنة الصليب الأحمر الدولية مؤخرا بيانا حذرت فيه من التداعيات السلبية لتدابير مكافحة الإرهاب على المساعدة الإنسانية. ويعتمد حوالي 80 في المائة من سكان اليمن، أي حوالي 24 مليون نسمة، على المساعدات الإنسانية، في ظلّ أسوأ أزمة إنسانية في العالم بحسب الأمم المتحدة.
وقد سوّغت إدارة ترامب قرارها، إلى حد كبير، استنادا إلى هجوم 30 كانون الأول / ديسمبر 2020 على مطار عدن الذي يتّهم الحوثيون به. وقد استهدف الهجوم الصاروخي أعضاء الحكومة اليمنية الجدد الذين وصلوا إلى المطار، وأسفر عن مقتل 26 شخصا على الأقل. وقد ساعد الهجوم وزارة الخارجية على دحض المنتقدين الذين يجادلون بأن الحوثيين لم يرتكبوا بشكل عام أعمال عنف متعمدة ضد المدنيين. وذكرت وزارة الخارجية أن هذه الخطوة كانت أيضا محاولة «لتحرير اليمن من التدخل الإيراني». ومع ذلك، فمن المستبعد أن تحرم العقوبات المفروضة نتيجة هذا التصنيف الحوثيين من الإمداد المستمر بالأسلحة الإيرانية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية قصيرة المدى. وفضلا عن ذلك، فلا مؤشرات تدل على أن التصنيف سيمكن التحالف العربي الذي تقوده السعودية والذي يدعم الحكومة اليمنية من صدّ القوات الحوثية. فالحوثيون يسيطرون على ما يقارب 40٪ من أراضي اليمن وحوالي 70 ٪ من سكانها، بما في ذلك على عاصمتها صنعاء. وفي هذه الحالة، لا تزال القيمة الفعلية للتصنيف على لائحة الإرهاب مبهمة. أما في بعض الحالات الأخرى التي تتعزز فيها الجزاءات الانفرادية من خلال اتخاذ إجراءات دولية، فقد تساعد الجزاءات الدول على مساءلة الجماعات الإرهابية وتحسين التحقيقات والمحاكمات. ومع ذلك، يُحتاج على الدوام إلى موازنة هذه النتائج المتوقعة مع الضرورات الإنسانية، في ظل إطار معقد يجمع بين الالتزامات القانونية الدولية بمكافحة الإرهاب والالتزامات بالقانون الإنساني الدولي.
ولأن التأثير العملي لهذا التصنيف في القدرات العسكرية للحوثيين يبدو ضعيفا، يبدو أن الغرض منه هو تعطيل خطط إدارة بايدن لإبعاد الولايات المتحدة عن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والتأثير في السياسة المستقبلية تجاه إيران. ومن خلال ربط الحوثيين بجهود إيران لنشر النفوذ في جميع أنحاء المنطقة، فمن المتوقع أن يسهم التصنيف في إثارة معارضة لنية إدارة بايدن في الانضمام مرة أخرى إلى الاتفاق النووي الإيراني المتعدد الأطراف الموقّع عام 2015 والذي ألغاه الرئيس ترامب عام 2018. ومن الجدير ذكره أن الوزير بومبيو كان المنفذ الرئيس لحملة «الضغط القصوى» الأمريكية. وقد حاول مع مسؤولين آخرين في إدارة ترامب إلى ثني إدارة بايدن عن الانضمام مرة أخرى إلى الاتفاق النووي، الأمر الذي يتطلب رفع العقوبات الأمريكية على كل قطاع من قطاعات الاقتصاد الإيراني تقريبا. ومع ذلك، فشلت استراتيجية الحملة في منع إيران من الاستفادة من الحوثيين الذين باتوا في الواجهة للضغط على المملكة العربية السعودية وتهديد الشحن الدولي في مضيق باب المندب الحيوي. وقد زودت إيران الحوثيين بطائرات مسيّرة وصواريخ أطلقوها بانتظام على المطارات والمنشآت النفطية وغيرها من البنى التحتية في المملكة، فضلا عن صواريخ كروز الساحلية التي تطلق على السفن في المضيق.
ويبدو أن من أهداف التصنيف عرقلة الجهود التي تبذلها إدارة بايدن لاتخاذ موقف حاسم أكثر تجاه المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وقد انتقد كثير من أعضاء الكونغرس ومنظمات حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية كلا البلدين نتيجة حرب اليمن وآثارها الإنسانية. وقد تسببت الانتقادات، إلى جانب عدم إحراز أي تقدم عسكري، في سحب الإمارات لقواتها البرية عام 2020. ومع ذلك، فلا تزال القوات الإماراتية حاضرة جنوب اليمن، وتدعم الإمارات العربية المتحدة الخط السعودي المتشدد بشأن أي تسوية سلمية محتملة تمنح الحوثيين حصة كبيرة من السلطة في اليمن. وقد تحالفت إدارة ترامب مع الحكومتين بسبب مواقفهما المتشددة بشأن إيران واستعدادهما لبناء علاقات مع إسرائيل. ومع اقتراب يوم التنصيب، ستتمتع إدارة بايدن بحق إلغاء قرار التصنيف. ومما لا شك فيه أن القيام بذلك يتطلب تقويما مشتركا ومطولا بين الوكالات سيستغرق على الأقل عدة أشهر، قد تتفاقم فيها الحالة الإنسانية سوءا في اليمن.