أوّل الكلام آخره:
- أسفر التصويت في الكنيست الإسرائيلي عن حكومة ائتلافية جديدة وهي خطوة ستضع نهاية لاثني عشر عاما قضاها بنيامين نتنياهو رئيسا للوزراء.
- تتسلم الحكومة الائتلافية مهامها في أعقاب أربعة انتخابات غير حاسمة في أقل من عامين، وهي تضم كتلة متنوعة من الأحزاب السياسية.
- هنأ قادة العالم، بمن فيهم الرئيس الأمريكي جو بايدن والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد نفتالي بينيت.
- ولا يزال بينيت، على غرار نتنياهو، يعارض قيام الدولة الفلسطينية ويعارض جهود الولايات المتحدة لإعادة التفاوض على اتفاق نووي مع إيران.
يوم الأحد 13 حزيران / يونيو، أسفر التصويت في المجلس التشريعي الإسرائيلي الكنيست عن حكومة ائتلافية جديدة وضعت حدا لحكم بنيامين نتنياهو الذي دام اثني عشر عاما شغل فيها منصب رئيس وزراء البلاد. وقد عرف نتنياهو، الذي سبق له أيضا أن شغل منصب رئيس الوزراء من عام 2006 حتى عام 2009، أي قبل فترة ولايته الأخيرة، والذي بات ثابتا من ثوابت السياسة الإسرائيلية، بآرائه اليمينية المتطرفة. وفي السنوات الأخيرة، تورط في العديد من الفضائح المتعلقة بالفساد. واليوم، سيقود الحكومة الجديدة حليفه السابق، نفتالي بينيت، زعيم حزب «يمينا» اليميني المتشدد والقومي اليهودي كما يصف نفسه، والذي تولى سابقا زعامة المستوطنين اليهود ووزارة الدفاع. ويعارض بينيت تشكيل دولة فلسطينية، وعلى غرار سلفه نتنياهو، يعارض جهود واشنطن للعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، المعروفة أيضا بالاتفاق النووي الإيراني.
وقد نشأت الحكومة الائتلافية بعد أربعة انتخابات غير حاسمة في أقل من عامين. فهي تجمع بين وجهات نظر ومواقف سياسية متنوعة تصل حد التعارض، وتتألف من ثمانية أحزاب سياسية متميزة، منها ثلاثة أحزاب يمينية، وحزبان يساريان، وحزبان وسطيان، وحزب رام، وهو حزب عربي إسلامي محافظ، بقيادة منصور عباس. وينسب البعض إلى يائير لبيد، وهو علماني وسطي قد يتسلم وزارة الخارجية، الفضل لكونه القوة الدافعة وراء الائتلاف الحكومي الجديد، الذي وصف في كثير من الأحيان بـ«الهشاشة» منذ أن أقره البرلمان الإسرائيلي بفارق صوت واحد ( 60 صوتا مقابل 59 ضده). وقد نجح إنشاء التحالف في أعقاب الصراع الأخير بين إسرائيل والفلسطينيين، الذي استمر لمدة أحد عشر يوما وأدى إلى تصعيد عنيف آخر. وما كان مختلفا عن الجولة الأخيرة من القتال هو العنف الداخلي الذي اندلع في المدن الإسرائيلية التي تضم عددا كبيرا من السكان العرب، فضلا عن تنامي مشاعر السخط السياسي والإحباط من الحكومة بين المواطنين الإسرائيليين. إن معالجة تداعيات العنف المحلي سيكون تحديا صعبا للحكومة القادمة، التي يزعم أن وحدتها ترتكز على معارضتها لنتنياهو، أكثر من ارتكازها إلى قضايا جامعة.
ولم يضيع الرئيس الأمريكي جو بايدن أي فرصة للترحيب برئيس وزراء إسرائيل الجديد، إذ اتصل بالرئيس بينيت لتهنئته، وقد صرح في بيان له بأن «ليس لإسرائيل صديق أفضل من الولايات المتحدة». وحذا قادة العالم الآخرون حذوه، بما في ذلك المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء الكندي جوستين ترودو، ووزيرة الخارجية البريطانية دومينيك راب، ورئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل. ومن الجدير ذكره أنه من بين الأولويات العليا للحكومة الائتلافية الجديدة إصلاح العلاقات مع الحزب الديمقراطي الأمريكي. ووفقا للبيد: «نجد أنفسنا في مواجهة مع البيت الأبيض الديمقراطي ومجلس الشيوخ ومجلس النواب، ونجدهم غاضبين من ذلك». وتعهد بإصلاح العلاقة وإيجاد نقاط مشتركة.
ولطالما وصف نتنياهو نفسه بأنه صارم تجاه إيران، ولكن طهران مع ذلك قد تمكنت من توسيع نفوذها بشكل كبير في جميع أنحاء الشرق الأوسط خلال فترة حكم نتنياهو. وقد عارض نتنياهو، وهو حليف مقرب للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، إدارة بايدن في بعض تعليقاته الأخيرة، مؤكدا على الخطر التي تفرضه الإدارة على مصالح إسرائيل. كما أشرف نتنياهو على ما يسمى بجهود التطبيع مع أربع دول، وهي البحرين والمغرب والسودان والإمارات العربية المتحدة، في محاولة لاحتواء إيران وتهميش الدعم للفلسطينيين في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي. ومع ذلك، يبدو أن هذه الجهود لم تنجح في قمع المشاعر الشعبية في المنطقة فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وبعد أنباء تفيد بأن نتنياهو سيترك رئاسة الوزراء، احتفل خصومه بالرقص والغناء في ميدان رابين في تل أبيب. إلا أن العديد من مؤيديه يؤمنون بأن نتنياهو سيعود. ويخطط نتنياهو للبقاء في قيادة حزب الليكود، حيث سيكون له دور كبير في قيادة المعارضة، وبذلك سيفي بوعده بالاستمرار في المشاركة الفعالة في السياسة.
ويبقى السؤال الذي يراود الكثيرين في جميع أنحاء المنطقة هو كيف ستتعامل حكومة إسرائيلية جديدة مع بعض التحديات الأكثر إلحاحا المستمرة من عهد الحكومات السابقة؟ فقد أدت مسيرة قومية يمينية في القدس هذا الأسبوع إلى اشتباكات بين المتظاهرين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية، حيث أطلقت الشرطة الرصاص المطاطي. وردا على ذلك، أرسلت جماعة حماس الفلسطينية المسلحة قنابل بالونية حارقة إلى إسرائيل، مما جعل جيش الدفاع الإسرائيلي يرد بغارات جوية على غزة. وقد خرق ما حصل وقف إطلاق النار الذي اتفق عليه منذ بضعة أسابيع فقط وأثار مخاوف من نشوب نزاع أوسع واحتمال تصاعد العنف. ويشكل هذا العنف اختبارا مبكرا للحكومة الجديدة، التي تحتاج لأن تثبت أنها تمثل شيئا أكثر من إبعاد نتنياهو. وقد يعد تشكيل هذا التحالف الأول من نوعه في إسرائيل، ولكن الجزء الأصعب من مهامها ما زال ماثلا أمامها.