أوّل الكلام آخره:
- قد يشير تعيين إليوت أبرامز في أعلى هرم صناعة السياسات الأمريكية الخاصة بإيران إلى سعي الإدارة الأمريكية إلى تغيير النظام الإيراني.
- سيحتفظ أبرامز بموقعه في صناعة السياسات الأمريكية الخاصة بفنزويلا، مما يشير إلى احتمال أن تتوافق سياسات الولايات المتحدة المتبعة مع خصميها.
- يعكس احتفاظ أبرامز بموقعه السابق وحصوله على الموقع الجديد وجهة نظر إدارة ترامب بأن إيران وفنزويلا دولتان متحالفتان تحالفا وثيقا.
- من المرجح أن يحول تعيين أبرامز دون إجراء أي مفاوضات جوهرية بين الولايات المتحدة وإيران قبل الانتخابات الأمريكية، بل وبعدها في حال التمديد للرئيس ترامب لولاية ثانية.
في 6 آب / أغسطس، أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو تعيين المثير للجدل إليوت أبرامز من إدارة ريغان في أعلى هرم صناعة السياسات الأمريكية الخاصة بإيران خلفا للسفير براين هوك. وذكر بومبيو أن أبرامز سيحتفظ بموقعه في صناعة السياسات الأمريكية الخاصة بفنزويلا الذي تعين فيه في كانون الثاني / يناير 2019، وذلك بعد ثلاثين عاما من إدانته بالكذب على الكونغرس حول دوره، إذ كان مساعد وزير الخارجية لشؤون نصف الكرة الغربي، في المساعدة في التحايل على حظر الكونغرس تسليح مسلحي كونترا في نيكاراغوا، فيما عرف بقضية «إيران كونترا»، على أنه حصل بعدها على عفو رئاسي عن هذه الجريمة.
ومن المؤكد أن تعيين أبرامز، وهو من قدامى مؤيدي الجهود الأمريكية للإطاحة بالأنظمة الاستبدادية، سيثير مخاوف عديدة في طهران. وقد جاء تعيينه في منصبه الخاص بفنزويلا في كانون الثاني / يناير 2019 لقيادة حملة الولايات المتحدة لمحاولة الإطاحة بالرئيس نيكولاس مادورو، كما أنه بتوليه منصبا شبيها خاصا بإيران اليوم سيسعى إلى تحقيق الأهداف نفسها بالنسبة للجمهورية الإسلامية. وإيران مستهدفة بالفعل من حملة «الضغط القصوى» الأمريكية وهي حملة تتضمن أشدّ أنظمة العقوبات الأمريكية صرامة. ويكمن الهدف المعلن من هذه السياسة، تغيير سلوك إيران لتصبح «دولة طبيعية»، لكن خطابات الوزير بومبيو العديدة حول إيران تشير إلى أنه يفضل، في نهاية المطاف، إسقاط النظام في طهران. ويظهر أن تفكير أبرامز يتوافق مع تفكير بومبيو أكثر من سلفه السفير هوك. وحتى قبل تعيين أبرامز، استبعد المرشد الأعلى الإيراني إجراء أي محادثات مع إدارة ترامب حول اتفاق نووي جديد متعدد الأطراف يحل محل اتفاق عام 2015 الذي كان قد ألغاه الرئيس دونالد ترامب. ومن شبه المؤكد أن تعيين أبرامز في منصبه الجديد سيحول دون أي تراجع لطهران عن مواقفها قبل الانتخابات، ومن المرجح كذلك أنه سيحول دون ذلك أيضا في فترة ولاية ترامب الثانية إذا أعيد انتخابه.
ومع ذلك، فإذا كانت نية بومبيو في تسمية أبرامز هي تطبيق استراتيجية تغيير النظام في الدولتين، فقد تبرز عقبات كبيرة تحول دون تطبيق ذلك. وفضلا عن جميع العقوبات الأمريكية المفروضة على كلا البلدين، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مادورو عام 2017، وعلى مكتب المرشد الأعلى الإيراني في عام 2019. ومع ذلك، فقد تمكّن نظام مادورو من الصمود في وجه الأزمات، على الرغم من وجود زعيم معارض له شرعية هو خوان غوايدو الذي نال اعتراف الولايات المتحدة وأغلب جيران فنزويلا. ومن الواضح صعوبة الإطاحة بالحكومة الإيرانية، إذ تغيب الشخصيات المعارضة في إيران التي يمكن أن تقود الشعب الإيراني. فالعديد من جيران إيران، وخاصة إسرائيل ودول الخليج الفارسي، تفضل تغيير النظام في إيران، ولكنها تفتقر إلى النفوذ الكافي لتحقيق ما ترجو إليه. وعليه، تمكنت إيران من تشكيل السياسة الإقليمية تشكيلا يناسبها ويوافق سياساتها، كما فعلت في العراق واليمن ولبنان، ناهيك عن تدخلها الناجح لمساعدة بشار الأسد على الاحتفاظ بالسلطة في سوريا في مواجهة التمرد المسلح الهائل.
إن الجمع بين المنصبين يعكس إدراك الإدارة الأمريكية أن البلدين يعملان معا، حيثما أمكن، سعيا منهما لإحباط الأهداف الأمريكية وزعزعة مكانة الولايات المتحدة. وقد ثبت هذا التكهن في أيار / مايو 2020، عندما سلّمت إيران خمس ناقلات بنزين إلى فنزويلا التي انهارت قدرتها على إنتاج البنزين فعليا بسبب الإهمال ونقص الكفاءة. وفي المقابل، قدم مادورو إلى إيران حوالي 500 مليون دولار من الذهب، مما أعطى إيران عملة صعبة تشتد الحاجة إليها بعد أن أصبحت نادرة بسبب العقوبات الأمريكية. ومثلت شحنات البنزين إحياء للعلاقات الإيرانية الفنزويلية التي كانت قد ضعفت إلى حد كبير عام 2013 الذي شهد نهاية ولاية الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ووفاة الزعيم الثوري الفنزويلي هوغو شافيز. إن إعادة توطيد العلاقة الإيرانية الفنزويلية تشير إلى إدراك الحكومتين بأنهما الهدفان الرئيسان لإدارة ترامب، لذا يتعين عليهما العمل معا، على الرغم من التباعد الجغرافي واختلاف الخلفيات السياسية والدينية والعرقية للبلدين.