أوّل الكلام آخره:
- على الرغم من أن أوساطا رفيعة المستوى في البرازيل وصفت مثيري الشغب في العاصمة البرازيلية بأنهم «إرهابيون»، فإن لوائح الاتهام الأولية حتى الآن لا تشمل تهم الإرهاب.
- لا يشمل قانون الإرهاب البرازيلي الأنشطة ذات الدوافع السياسية.
- قد تسعى الحكومة بالفعل إلى تقديم لوائح اتهام بالإرهاب وذلك مع توسع التحقيقات التي تشمل المنظمين والممولين والمتآمرين المحتملين الآخرين.
- على الرغم من أوجه التشابه بين الهجمات اليمينية الأخيرة على الكابيتول البرازيلي والأمريكي، فإن ردّة فعل السلطات البرازيلية كانت أسرع وأشدّ.
عندما صدرت لوائح الاتهام الأولى ضد مثيري الشغب في العاصمة البرازيلية في وقت سابق من هذا الشهر، و قد تراوحت التهم بين تدمير الممتلكات العامة والقيام بأنشطة انقلابية. لكن تهم الإرهاب كانت غائبة بشكل ملحوظ. وربما كان هذا الإغفال مفاجئا، ولا سيما مع صدور بيان مشترك – أصدره الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، وزعماء في الكونجرس ورئيس المحكمة العليا – أدان ما وصفه بأنه «أعمال إرهابية»، ومع وصف وزير العدل، فلافيو دينو، أعمال الشغب بالإرهاب، مرددًا الخطاب الذي اعتمده في الأسابيع السابقة عند الحديث عن احباط مخطط تفجيري. وبالمثل، قال رئيس الشرطة الفيدرالية البرازيلية إن المسؤولين الذين قوضوا عمدًا أمن الكابيتول قبل أعمال الشغب «ساهموا في أعمال إرهابية».
ولكن القانون البرازيلي لا يشمل الأنشطة ذات الدوافع السياسية في تعريفه الجنائي للإرهاب، فقانونها الخاص بالإرهاب يركز على الأنشطة التي تُنفّذ «لأسباب تتعلق بكراهية الأجانب أو التمييز أو التحيز على أساس العرق أو اللون أو الدين». ولذلك فليس من الواضح ما إذا كانت الدولة ستلاحق أيا من المتورطين بتهم تتعلق بالإرهاب. ولكن بعض التقارير الصحفية تشير إلى أن السلطات قد تحاول بناء حالة واحدة على الأقل من هذا القبيل، وذلك مع توسع التحقيق الفيدرالي ليشمل المنظمين والممولين والمتآمرين. وبعد محاولة تفجير مطار برازيليا، اقترح دينو إنشاء «مجموعات خاصة لمكافحة الإرهاب والاستخدام غير المسؤول للسلاح».
ويُتّهم أندرسون توريس، رئيس الأمن السابق للمنطقة التي تضم برازيليا، بإعداد مسودة مرسوم لإلغاء الانتخابات الرئاسية الأخيرة في البلاد، وقد اكتشفت هذه المسودة خلال مداهمة اتحادية لمنزله. ويقال إن توريس ومسؤولا أمنيا آخر، وكلاهما قد فصلا من العمل واعتقلا، يخضعان للتحقيق بتهمة الإرهاب فضلا عن جرائم تتعلق بمحاولة الإطاحة بالديمقراطية. وفي غضون ذلك، اتهم الرئيس لولا صراحة سلفه، جايير بولسونارو، بإثارة العنف في العاصمة، واتهم بعض عناصر أجهزة إنفاذ القانون والجيش بـ «التواطؤ» مع مثيري الشغب.
وفي حين أن المعلقين غالبًا ما يقارنون أعمال الشغب البرازيلية بهجوم 6 يناير على مبنى الكابيتول الأمريكي، فإن الرد البرازيلي جاء سريعا وقويا على نحو مغاير لما رأيناه في الولايات المتحدة. فقد قامت السلطات البرازيلية باعتقال حوالي 300 شخص في يوم أعمال الشغب ثم عادت واحتجزت في اليوم التالي 1200 آخرين في تجمع للمتظاهرين المؤيدين لبولسونارو كانوا يطالبون الجيش بالإطاحة بالرئيس لولا. وفي غضون أربعة أيام من الإضرابات في العاصمة، نفذت السلطات البرازيلية ما يقرب من 1200 اعتقال رسمي، معظمها الآن ينتظر صدور اتهامات رسمية.
وبالمقارنة، لم يتجاوز عدد الاعتقالات الـ 20 داخل مبنى الكابيتول الأمريكي أو من قبل شرطة الكابيتول في 6 يناير 2021، بينما وقع حوالي 40 اعتقالا آخر في ذلك اليوم معظمها يتعلق بانتهاك حظر التجول. أكثر من نصف الاعتقالات التي تزيد قليلا عن 950 اعتقالا منذ 6 يناير وقعت في الأشهر الستة الأولى من التحقيق. وكانت العقوبات أيضًا خفيفة نسبيًا بالنسبة لمثيري الشغب في الكابيتول الأمريكي: فمعظمهم لم يُحكم عليهم بالسجن، أما الذين حكم عليهم بالسجن فقد كان معدل مدة عقوبة السجن التي صدرت بحقهم حوالي 48 يومًا فقط. وقد وجهت بعض التهم الخطيرة في بعض الحالات (كالاعتداء على عناصر الشرطة أو محاولة عرقلة الإجراءات الحكومية الرسمية). ورغم أن المدعين الأمريكيين قالوا إنهم يعتقدون أن أعمال 6 يناير تندرج في إطار الأعمال الإرهابية المحلية، إلا أنهم لم يحاولوا بشكل عام إلى استخدام هذا التوصيف في المحاكمات.
وعلى الرغم من الدعوات إلى اعتماد قانون مستقل لمكافحة الإرهاب المحلي الفيدرالي في أعقاب 6 يناير، وعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن، مثل لولا، أشار إلى أولئك الذين هاجموا العاصمة على أنهم «إرهابيون»، فإن الإرهاب المحلي لا يعد حتى الآن جريمة فيدرالية في حد ذاته في الولايات المتحدة. وبالمثل، تواجه البرازيل عقبات قانونية مشابهة في ظل التعريفات القانونية المعتمدة للإرهاب في البرازيل، وليس من الواضح كيف يمكن توجيه تهم الإرهاب في حالة هجمات الكابيتول. ومع ذلك، اكتسبت المحكمة العليا البرازيلية – ولا سيما رئيس المحكمة العليا ألكسندر دي مورايس – سمعة الوقوف في وجه التطرف اليميني. وفي عام 2019، منح مورايس محكمته سلطة بدء تحقيقاتها الخاصة بدلًا من الاضطرار إلى الانتظار حتى تأخذ جهات إنفاذ القانون زمام المبادرة. وقبل الهجمات في برازيليا، طالبت المحكمة شركات التواصل الاجتماعي بإزالة بعض المحتويات والحسابات المشبوهة التي تنشر مواد كاذبة و غير شفافة. وقامت المحكمة بسجن أشخاص دون محاكمة بتهمة توجيه تهديدات على وسائل التواصل الاجتماعي، كما أمرت بحذف حسابات العديد من أعضاء الكونجرس. وفي سياق آخر، أمر مورايس أيضًا بسحب مقال يربطه بالفساد، ولكنه عاد وألغاه لاحقًا عندما قدم الناشر بعض الأدلة على ما ورد في تقريره.
وفضلا عن التحقيقات مع بولسونارو ومسؤولين أمنيين سابقين، أمر مورايس بإيقاف حاكم برازيليا السابق عن العمل لمدة 90 يومًا بسبب رضاه المزعوم عن هجمات العاصمة. أما بالنسبة للكيفية التي سيؤثر بها هذا التفسير الواسع للقيود الدستورية للمحكمة على سعي البلاد لتحقيق العدالة ضد هذه التهديدات الجديدة لديمقراطيتها، فليس أمامنا إلا الانتظار لنرى.