أوّل الكلام آخره:
- تواصل إيران الضغط على الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين من خلال استئناف الهجمات على السفن في الخليج الفارسي.
- سيكون حلفاء الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأوروبا حذرين في ردهم على الهجمات لتجنب عرقلة المحادثات الجارية لاستعادة الاتفاق النووي الإيراني المتعدد الأطراف الذي عقد عام 2015.
- إن إحكام المتشددين الإيرانيين قبضتهم على مفاصل السلطة يزيد من احتمال تصعيد طهران للصراع في حالة ردت الولايات المتحدة أو أي من حلفائها ردا عسكريا.
- يتحجج المسؤولون الإسرائيليون بهجمات الناقلات لتسويغ ردهم العسكري المحتمل على البرنامج النووي الإيراني ومرافق أخرى.
بدأت جولة جديدة من الهجمات الإيرانية على المراكب في الخليج الفارسي في 29 تموز / يوليو عندما هاجمت طائرات مسيرة مسلحة ناقلة نفط إسرائيلية قبالة ساحل عمان، مما أسفر عن مقتل اثنين من أفراد طاقم السفينة، أحدهما بريطاني والآخر روماني. وكانت الناقلة ميرسر ستريت في طريقها من دار السلام في تنزانيا إلى الفجيرة في الإمارات العربية المتحدة. ومن المحتمل أن الهجوم الإيراني على السفينة له علاقة بإدارة السفينة التابعة إلى شركة زودياك ماريتيم، وهي شركة يملكها رجل الأعمال الإسرائيلي، إيال عوفر، وهو ابن عائلة أسست إمبراطورية ضخمة للنقل البحري والصناعي. ومن الجدير بالذكر أن بين إيران وعائلة عوفر تاريخا معقدا. فقد عاقبت إدارة أوباما مجموعة عوفر براذرز لفترة وجيزة عام 2011 بتهمة بيع إيران سفينة مقابل حوالي 9 ملايين دولار. وقد نظر إلى الهجوم على نطاق واسع على أنه انتقام إيراني من الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة ضد المنشآت النووية الإيرانية والعلماء داخل إيران. وقد ردت إيران على عملية ميرسر ستريت بمحاولة اختطاف سفينة تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة في خليج عمان في 3 آب / أغسطس. وقد غادر الكوماندوز التابع للحرس الثوري الإسلامي السفينة بعد الصعود على متنها، وذلك بعد تدخل السفن الأمريكية والعمانية. وكانت هذه السفن جزءا من مهمة الأمن البحري الخليجي التي تقودها الولايات المتحدة والتي أنشئت ردا على جولة سابقة من الهجمات الإيرانية عام 2019.
وفي أعقاب مشاورات مغلقة لمجلس الأمن الدولي دعت إلى مناقشة الأمن البحري، قالت سفيرة المملكة المتحدة باربرة وودوارد للصحفيين: «إن الأدلة واضحة. والمملكة المتحدة تدرك أن إيران كانت مسؤولة عن هذا الهجوم. كما نعلم أنه كان متعمدا ومقصودا». وأضافت: «نحن نعلم أن إيران كانت مسؤولة عن هذا الهجوم. ونحن نملك أدلة دامغة، اعتمادا على تقويمنا للحطام من ناقلة ميرسر ستريت، على أن الهجوم حصل من خلال طائرة إيرانية مسيرة من طراز شاهد 136 تصنع حصريا في إيران».
كما تشير الهجمات الجديدة على الناقلات إلى أن القيادة الإيرانية تريد زيادة أوراقها في المحادثات المتعددة الأطراف الجارية بشأن العودة المتبادلة إلى الامتثال الكامل للاتفاق النووي الإيراني المتعدد الأطراف الذي عقد عام 2015. إن هجمات الشحن، فضلا عن الضربات الصاروخية الأخيرة التي شنها حلفاء إيران على إسرائيل والقوات الأمريكية في العراق، تثبت قدرة إيران على تهديد السلام والأمن الإقليميين في حال عدم تلبية مطالبها بتخفيف العقوبات. ويبدو أن القيادة الإيرانية ترى أن أفعالها في الخليج والمنطقة الأوسع لن تعزز أهداف إيران فحسب، بل إنها لن تواجه برد قوي من إدارة بايدن أو المملكة المتحدة أو الحلفاء الأوروبيين أيضا. وفي 6 آب / أغسطس، أدانت الولايات المتحدة والعديد من القوى العالمية الأخرى (كمجموعة الدول الصناعية السبع) رسميا هجوم ميرسر ستريت بوصفه «انتهاكا واضحا للقانون الدولي» من إيران، ولكنها لم تفرض أي عقوبات جديدة أو تأذن باتخاذ خطوات أخرى ضد طهران. وتفضل الولايات المتحدة والقوى الأخرى محاولة تهدئة التوترات الإقليمية من خلال العودة إلى الاتفاق النووي الذي عقد عام 2015، بدلا من المخاطرة باستفزاز طهران بمزيد من الإجراءات العقابية. ويشير التحول السياسي داخل إيران إلى أن الإجراءات الإيرانية الحازمة ضد الولايات المتحدة وحلفائها قد تتصاعد في حال الرد على تصرفات إيران. ويمثل تنصيب إبراهيم رئيسي رئيسا جديدا لإيران في 5 آب / أغسطس تعزيزا لسلطة المتشددين الإيرانيين بعد رئاسة حسن روحاني المعتدلة نسبيا والتي استمرت ثماني سنوات. ولم يتخلّ المتشددون الإيرانيون أبدا عن مبدأ الانتقام والعمل العدواني ضد الخصوم، حتى عندما يؤدي ذلك إلى تعقيد الدبلوماسية الإيرانية.
وعلى النقيض من ذلك، لا تعد إسرائيل الدبلوماسية الطريقة المثلى للرد على تحديات طهران، ولا سيما برنامجها النووي. وقد تبنى رئيس وزراء إسرائيل الجديد، نفتالي بينيت، السياسة نفسها التي انتهجها سلفه، بنيامين نتنياهو، مؤكدا أن إسرائيل قد تتصرف من جانب واحد ضد إيران ردا على تهديدات مثل ميرسر ستريت. إن هجوم ميرسر ستريت، وهو الحادث الأخير في «حرب الظلال» بين إسرائيل وإيران، قد مكن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس من وصف إيران مرة أخرى بأنها «مشكلة عالمية وإقليمية وتحد لإسرائيل». وفي 5 آب / أغسطس، أجاب غانتس بـ«نعم» على سؤال من موقع الأخبار الإسرائيلي Ynet News حول ما إذا كان جيش الدفاع الإسرائيلي مستعدا لاتخاذ إجراءات عسكرية ضد إيران. ومن شبه المؤكد أن استعداد إسرائيل لتصعيد عملياتها ضد إيران، فضلا عن نية طهران الاستمرار في الرد بالمثل، من شأنه تعقيد الجهود التي تبذلها إدارة بايدن لتهدئة التوترات الإقليمية من خلال اعتماد الدبلوماسية مع إيران.