أوّل الكلام آخره:
- يبدو أن العلاقات العسكرية بين إيران وفنزويلا تزداد متانة بما يتجاوز الجهود المشتركة للتهرب من العقوبات الاقتصادية الأمريكية.
- دخل أسطول إيراني محمّل بطائرات مسيرة وطائرات هليكوبتر هجومية وزوارق هجومية سريعة إلى المحيط الأطلسي متجها فيما يبدو إلى فنزويلا.
- من شأن إدخال إيران المحتمل لتكنولوجيا الطائرات المسيرة إلى فنزويلا أن يعزز جهود إيران لإبراز قوتها الصلبة في نصف الكرة الغربي.
- لم تعلن إدارة بايدن عن استراتيجية أمريكية لمواجهة أي تعزيزات عسكرية إيرانية في فنزويلا أو أي مناطق أخرى قريبة من الولايات المتحدة.
في 10 حزيران / يونيو، صرح القادة العسكريون الإيرانيون بأن سفينتين من البحرية الإيرانية دخلتا المحيط الأطلسي. ووفقا لمسؤولين أمريكيين، فمن المرجح أن وجهتهما هي فنزويلا. وتشمل السفن الإيرانية فرقاطة وباخرة مكران، وهي في الأصل ناقلة نفط زوّدت بمنصة إطلاق لطائرات الهليكوبتر وغيرها من المركبات المفيدة في الحرب الإلكترونية والعمليات الخاصة، ويزعم أنها تمتلك قدرات صاروخية وتسليحية متطورة ويمكنها أن تحمل طائرات مسيرة، ومن ست إلى سبع طائرات هليكوبتر. وتفيد بعض التقارير إن مكران حملت أيضا مركبة هجومية سريعة، ويفترض أنها مصممة لتستخدمها فنزويلا أو إيران في منطقة البحر الكاريبي. وتشير هذه التعزيزات إلى أن إيران تسعى في نصف الكرة الغربي إلى تنفيذ الاستراتيجية التي اتبعتها بنجاح في الشرق الأوسط، وهي تتمحور حول تسليح الحلفاء الذين هم في وضع يسمح لهم بضرب خصوم إيران وتقديم المشورة لهم. وفيما مضى، كان لدى إيران عدد قليل من الحلفاء الحكوميين في أمريكا اللاتينية، فعملت على توسيع نفوذها من خلال دعم الهجمات الإرهابية، ومنها تفجير حزب الله اللبناني لسفارة إسرائيل ومركز ثقافي يهودي في بوينس آيرس، في الأرجنتين عامي 1992 و 1994، على التوالي.
ويعتمد توسيع البعد العسكري للعلاقات بين إيران وفنزويلا على العلاقات الاقتصادية التي ازدادت متانة عام 2020 والتي تعد جزءا من جهودهما المشتركة لإحباط سياسة حملة «الضغوط القصوى» التي اتبعتها إدارة ترامب مع الحكومتين. وكانت سياسة الولايات المتحدة تهدف علنا إلى إسقاط نظام مادورو من جهة، وإضعاف إيران استراتيجيا ضعفا يقربها من الانهيار من جهة أخرى. وتمحورت سياسة الولايات المتحدة تجاه البلدين حول تطبيق عقوبات اقتصادية شاملة، وعليه، رأت إيران وفنزويلا أن توحيد القوى من شأنه أن يساعدهما على إحباط الاستراتيجية الأمريكية. وخلال عام 2020، قام عدد قليل من أساطيل الناقلات الإيرانية بنقل البنزين والمنتجات البتروكيماوية إلى فنزويلا. وقد ساعدت الشحنات حكومة مادورو على التعامل مع سياسة العقوبات الأمريكية وسوء إدارة قطاع الطاقة المحلي اللذين تسببا في انهيار قدرة تكرير النفط في فنزويلا فضلا عن تقنين الحكومة الوقود. وفي المقابل، دفعت حكومة مادورو لإيران ذهبا نقل جوا إلى طهران بقيمة مئات الملايين من الدولارات. وقد ساعدت هذه الدفعة من الذهب إيران على مواجهة أزمة نقدية سببها عقوبات الولايات المتحدة المتمحورة حول منع إيران من الوصول إلى مواردها المالية المحتفظ بها في البنوك في جميع أنحاء العالم. وقد انتهك تداول البنزين مقابل الذهب العقوبات الأمريكية بالنسبة لكلا البلدين.
إن العلاقات العسكرية الإيرانية-الفنزويلية الآخذة في التوسع تعقّد صورة التهديد الذي يواجه إدارة بايدن إلى ما هو أبعد من إجراءاتهما المشتركة ضد العقوبات الأمريكية. فقد وصف الأدميرال كريغ فالر، قائد القيادة الجنوبية الأمريكية (والمسؤول عن العمليات العسكرية الأمريكية في أمريكا الوسطى والجنوبية) الحضور العسكري الإيراني المتنامي في فنزويلا، بما في ذلك حضور أفراد من فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، بأنه «مثير للقلق». وأشار متحدث باسم مجلس الأمن القومي إلى أن أي تسليم جديد للأسلحة «سيكون عملا استفزازيا وتهديدا لشركائنا في نصف الكرة الغربي»، وأضاف المسؤول: «سنحتفظ بالحق في اتخاذ التدابير المناسبة، بالتنسيق مع حلفائنا، لردع تسليم هذه الأسلحة أو عبورها».
ولا تزال إدارة بايدن حذرة من اتخاذ إجراءات قد تعرقل المحادثات مع إيران بشأن العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني المتعدد الأطراف الذي عقد عام 2015. وفي هذا الأسبوع فقط، قال مسؤول دفاع أمريكي إنه لا خطط حاليا حول إرسال سفن تابعة للبحرية الأمريكية لمراقبة باخرة مكران أو ردعها. وبحسب بعض التقارير، فقد حثت الإدارة سرّا حكومتي فنزويلا وكوبا على إبعاد السفن الإيرانية، على الرغم من أنه ما من شيء يؤكد أن البلدين سيأخذان هذا التحذير على محمل الجد. وتكمن المهام الأساسية للقوات البحرية الأمريكية في منطقة البحر الكاريبي في مكافحة تهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية وإجراء عمليات الإنقاذ البحري. إن الحضور البحري الإيراني في المحيط الأطلسي والبحر الكاريبي قد يحول مسار المهمات البحرية الأمريكية والمهمات الاستخباراتية الأمريكية البعيدة عن نصف الكرة الغربي، ويعيدها إليه. ومن المرجح أن يطلب جيران فنزويلا، ومعظمهم يدعمون الجهود الأمريكية للإطاحة بمادورو، دعما أمريكيا إضافيا للرد على التهديد الإيراني المتمثل بالطائرات المسيرة. ومن الصعب التنبؤ يقينا كيف سيتعامل المسؤولون الأمريكيون على المدى البعيد مع التهديد الإيراني المتمثل في نقل نهج الحرب بالوكالة ضد الولايات المتحدة وحلفائها من الشرق الأوسط إلى نصف الكرة الغربي.