أوّل الكلام آخره:
- أكد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي كريستوفر راي في شهادته أمام لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب الأمريكي أن روسيا تتدخل بشكل نشط في السياسة الأميركية للتأثير في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني / نوفمبر.
- إن اعتماد إدارة ترامب الانتقائية والاستنسابية في التعامل مع المعلومات الاستخباراتية يشوه طبيعة التهديد، ويعرض الأمريكيين للخطر، ويشجع الجهات الفاعلة مثل روسيا على تكثيف عمليات تدخلها ونشرها للمعلومات المضللة.
- شن قراصنة من الصين وإيران وروسيا هجمات إلكترونية متطورة هدفت إلى اختراق الشبكات الحكومية الأمريكية وكذلك اختراق صناعات القطاع الخاص.
- تبدو الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني / نوفمبر 2020 فريدة من زوايا عدة، فهي تأتي في ظل ارتفاع درجة الاستقطاب، والمخاوف من الاضطرابات الاجتماعية المحلية، وفي ظل انتشار وباء كورونا.
أكد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي كريستوفر راي في شهادة أدلى بها أمام لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب الأمريكي، تدخل روسيا بشكل نشط في السياسة الأمريكية للتأثير في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني / نوفمبر، وهذا ما يوافق عليه العديد من محللي الأمن القومي. وقد هدفت حملة التضليل الروسية إلى تشويه سمعة المرشح الديمقراطي نائب الرئيس السابق جوزيف بايدن. وقد ركزت تكتيكات التضليل الاعلامي على التشكيك في صحة السيد بايدن العقلية والبدنية. وعلى الرغم من سعي الرئيس ترامب المعروف بتهاونه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى التقليل من شأن التدخل الروسي في السياسة الأمريكية، إلا أن مدير مكتب التحقيقات الفدرالي راي وصف جهود موسكو الحالية بأنها «نشطة للغاية». ويعتقد بوتين أن تدخل روسيا عام 2016 كان مربحا، فوجه الاستخبارات الروسية إلى إيجاد طرق مبتكرة للتلاعب في الانتخابات الرئاسية المقبلة التي لم يبق على موعدها إلا 43 يوما.
ومؤخرا، زعم أحد مسربي المعلومات في قسم الاستخبارات في وزارة الأمن الداخلي أن كبار المسؤولين في وزارة الأمن الداخلي وجهوا المحللين إلى تجنب إنتاج تقارير عن التدخل الروسي والتركيز بدلا من ذلك على التهديدات القادمة من الصين وإيران. إن الانتقائية والاستنسابية تشوهان طبيعة التهديد الحقيقية، وتجعلان الأمريكيين أقل أمانا، وتشجعان الجهات الفاعلة مثل روسيا على تكثيف عملياتها، ولا سيما مع تزايد ثقة الكرملين بأن إدارة ترامب ستتساهل مع المحاولات الروسية المستمرة لزرع التفرقة بين المواطنين الأمريكيين. وتعتمد روسيا على المواقع الإلكترونية التي تعمل بالوكالة لصالحها وعلى وسائل الإعلام الروسية الرسمية لنشر حملات التضليل على أوسع نطاق. كما تستخدم روسيا الشخصيات الزائفة والقصص المصنعة التي تحافظ على قدر من العقلانية الزائفة من أجل خداع المواطنين الأمريكيين غير المتيقّظين. ومع بلوغ التوترات ذروتها بعد فترة الحجر الصحي، والمظاهرات التي تلت مقتل جورج فلويد، والاحتجاجات المضادة في المدن الأمريكية الكبرى، أصبح للجهات الفاعلة الأجنبية مجموعة متنوعة من الموضوعات المثيرة للجدل لتبني عليها حملاتها على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد كثف قراصنة من الصين وإيران وروسيا الهجمات الإلكترونية، سعيا منهم للوصول إلى حسابات البريد الإلكتروني للموظفين والاستشاريين العاملين لدى كل من الديمقراطيين والجمهوريين. كما تبين انضمام وحدات من الاستخبارات العسكرية الروسية للقراصنة الروس. ولكن الولايات المتحدة أكثر استعدادا اليوم منها في سنة 2016، فتصدّت القيادة الإلكترونية الأمريكية بفعالية ضد عمليات النفوذ الروسي في محاولة لتعطيل حملة التضليل التي تشنها موسكو. ويهدف هذا الموقف إلى ردع روسيا عن التدخل مباشرة في انتخابات نوفمبر / تشرين الثاني. وعلى غرار الانتخابات النصفية عام 2018، راقب أولئك المكلفون بأمن الانتخابات والحفاظ على نزاهة عملية التصويت محاولات التأثير الخبيثة وهي تتكاثر في الأسابيع التي تسبق الانتخابات.
وتبدو الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني / نوفمبر 2020 فريدة من زوايا عدة. إذ تمر البلاد أولا بفترة من الانقسامات لم تشهد مثيلا لها في الذاكرة الحديثة. فالتحزب يهيمن اليوم على الخطاب السياسي، حيث ينجذب العديد من الأمريكيين إلى وسائل التواصل الاجتماعي لتمثيل أحزابهم وتشويه سمعة الأحزاب الأخرى. إن هذه الحدة المرتفعة في الاستقطاب توفر لروسيا الفرصة لتقسيم الأمريكيين عرقيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، وإغراق وسائل التواصل الاجتماعي بالأكاذيب والمعلومات المضللة. وثانيا، أضاف وباء كورونا بعدا جديدا تماما، مع حالة الغموض التي تكتنف كيفية تأثيره على التصويت الشخصي، ومع تحذير الرئيس ترامب مرارا وتكرارا من احتمال حدوث تزوير واسع النطاق لأصوات الناخبين، وإن كان ذلك التحذير قد جاء من دون أي مستند فعلي. وفي حين أن الهدف الأساسي لروسيا وغيرها من المتدخلين الأجانب هو التأثير على الانتخابات لصالح المرشح الذي يختارونه، فإن الهدف الثانوي هو خلق الفوضى وحالة من الشك حول الانتخابات نفسها، على نحو يشكّك بشرعية النتائج. وقد يكون السيناريو الكابوس هو تأخير تحديد الفائز في الانتخابات لمدة أسابيع، مما يؤدي إلى اضطرابات مدنية واسعة النطاق واشتباكات عنيفة في الشوارع، مما يوفر المزيد من الموضوعات التي يمكن للجهات الفاعلة المختلفة استغلالها في حملات التضليل.