أوّل الكلام آخره:
- تشكل استفادة الجهات الفاعلة غير الحكومية من مساعدة الدول في تطوير قدرات الطائرات المسيرة مصدر قلق كبير للمجتمع الدولي.
- استخدمت مجموعة من الجهات الفاعلة غير الحكومية الطائرات المسيرة في القتال، بما في ذلك داعش وحزب الله والمتمردون الحوثيون وحماس وبوكو حرام وطالبان الأفغانية وغيرها من الجماعات.
- يتزايد خوف الجيش الأمريكي من استخدام الميليشيات المدعومة من إيران للطائرات المسيرة في العراق.
- تعمل القوات الأمريكية على تطوير تدابير لمكافحة الطائرات المسيرة أكثر فعالية، بما في ذلك تطوير أجهزة الاستشعار وأجهزة التشويش الإلكترونية والاستجابات الحركية.
في كانون الثاني / يناير 2017، حذرت عناوين الصحف الكبرى في مختلف أنحاء العالم من أن داعش تستحوذ على «طائرات مسيرة مسلحة»، وقد بدا ذلك آنئذ بمثابة ابتكار فريد في الحرب الحديثة. وبرز قلق كبير بشأن المخاطر التي يحتمل أن تشكلها المنظومات الجوية الذاتية التشغيل عندما تقع في أيدي الجهات الفاعلة غير الحكومية التي تمارس العنف على نحو وحشي. وعلى الرغم من أن الحوادث كانت مثيرة للقلق، مثل إلقاء الطائرات المسيرة التابعة لداعش للقنابل اليدوية وقذائف الهاون في الموصل، إلا أنها لم تغير كثيرا في نتائج المعركة على نحو يعكس وابل المقالات التي كتبت محذرة من خطورة هذه الظاهرة. ولكن، بمعزل عن العناوين البراقة في الصحافة، ظهرت مخاوف حقيقية بين المحللين الأمنيين والعاملين في مجال مكافحة الإرهاب. وإذا كان تنظيم داعش قد استطاع تسخير إمكانات التقنيات الناشئة مثل المنظومات الجوية الذاتية التشغيل، فقد تساءل الكثيرون عما يمكن أن تحققه الجهات الفاعلة غير الحكومية العنيفة الأخرى، خاصة عندما تساعدها دول قومية ذات قوى عالية القدرة، مثل فيلق القدس في الحرس الثوري الإسلامي. ويمكن استخدام الطائرات المسيرة لأغراض هجومية ودفاعية متعددة، سواء لضرب الأهداف أو لتنفيذ أعمال الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع. كما يمكن استخدامها كأفخاخ وهمية، لصرف انتباه الأجهزة الأمنية من خلال توجيه الضربات في أماكن أخرى. وفي حالات أخرى، يمكن من خلالها استنزاف الموارد البشرية للأجهزة الأمنية. فعلى سبيل المثال، قيدت الطائرات المسيرة حول مطار هيثرو في المملكة المتحدة موظفي الأمن وتسببت بإثارة الفوضى والذعر.
أما في اليمن، فقد استخدم المتمردون الحوثيون الطائرات المسيرة لمهاجمة المنشآت النفطية السعودية، واختراق المجال الجوي السعودي بحرفية عالية موجهين من خلالها ضربات دقيقة. وأثار تطور قدرات الحوثيين في مجال الطائرات المسيرة قلق دول المنطقة، خاصة وأن المتمردين قادرون اليوم على تعطيل إمدادات الطاقة العالمية من خلال نشر أسراب من هذه الطائرات على مسافات طويلة بدقة. وكان حزب الله قد بدأ باستخدام الطائرات المسيرة منذ عام 2004 على الأقل، عندما قامت طائرة إيرانية تابعة للمنظومات الجوية الذاتية التشغيل من طراز مرصادبمهمة استطلاع فوق إسرائيل. وقد استخدمت الجماعات الإرهابية والمتمردة الأخرى، ومنها طالبان الأفغانية وبوكو حرام وحماس، الطائرات المسيرة في الصراع. وشن المقاتلون السوريون المدعومون من تركيا هجمات على القواعد الروسية في سوريا عام 2018، وهو العام نفسه الذي اعتقل فيه بعض من أنصار داعش الذين يعيشون في أوروبا لمحاولتهم شراء طائرات مسيرة بقصد إرسالها إلى مسلحين في العراق وسوريا. وفي فنزويلا، كاد نيكولاس مادورو أن يغتال على قرابة من كاراكاس عام 2018 في انفجار طائرتين مسيرتين محملتين بالمتفجرات بالقرب من المكان الذي كان يلقي فيه خطابا. وقد صدر تقرير حديث للأمم المتحدة تحدث عن استخدام المنظومات الجوية الذاتية التشغيل عسكريا، أو أنظمة الأسلحة الذاتية التشغيل عموما في القتال في ليبيا.
وتشير التقارير الأخيرة إلى أن الجيش الأمريكي ازداد قلقه من استخدام الميليشيات المدعومة من إيران في العراق للطائرات المسيرة. التي تشمل طائرات مسيرة صغيرة وثابتة الأجنحة تمتلك على ما يبدو القدرة على التهرب من الأنظمة الدفاعية، بما في ذلك تلك الموجودة في القواعد العسكرية والمرافق الدبلوماسية. وقد شُنّ هجوم في نيسان / أبريل في أربيل باستخدام طائرة مسيرة ضربت مستودعا تابعا لوكالة المخابرات المركزية يقع في مجمع المطار. كما استهدف هجوم آخر في أيار / مايو قاعدة عين الأسد الجوية، وهي نفس القاعدة التي استهدفتها الصواريخ الباليستية الإيرانية في كانون الثاني / يناير 2020 عقب اغتيال قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني. وقد أطلقت الطائرات المسيرة المستخدمة لمهاجمة المملكة العربية السعودية في كانون الثاني / يناير 2021 من الأراضي العراقية، حيث صنعت على مراحل وسلمت من إيران ونشرتها الجماعات المدعومة من إيران العاملة في العراق. وقد تبنى هذا الهجوم مجموعة غير معروفة تطلق على نفسها اسم «ألوية الوعد الحق» ومن المثير أن الجماعة ادعت أن الهجوم كان ردا على تفجير انتحاري داعشي في بغداد في منتصف كانون الثاني / يناير.
وتسعى القوات الأمريكية بكامل جهودها لتطوير تدابير لمكافحة الطائرات المسيرة تكون أكثر فعالية، بما في ذلك تطوير أجهزة استشعار رادارية أكثر تطورا وأجهزة تشويش إلكترونية، فضلا عن طرق حركية مصممة لضرب الطائرات المسيرة من السماء. وأعلنت الولايات المتحدة مؤخرا عن مجموعة عمل مشتركة مع إسرائيل تركز على مواجهة التهديد المتزايد الذي تشكله الطائرات المسيرة، وخاصة تلك التي طورتها إيران ثم قدمتها إلى حلفائها في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ووفقا لتقرير صادر عن واشنطن بوست. وخلال المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، تعمل الولايات المتحدة مع ألمانيا وغيرها من الشركاء الدوليين للتوصل إلى توافق عالمي وإجراءات جيدة لمكافحة استخدام الجماعات الإرهابية للمنظومات الجوية الذاتية التشغيل. وأشار بعض المحللين إلى احتمال إصدار قرار لمجلس الأمن الدولي بهذا الشأن، ولكن شيئا من ذلك لم ينفّذ حتى اليوم.
ومن دون شك، تستطيع إيران، فضلا عن تأمين الطائرات المسيرة، استخدام وحدات الحرس الثوري الإيراني لتدريب حلفائها، مما يسمح بنقل المعرفة الضمنية التي يمكن أن تحسن بشكل كبير مهارات الجهات الفاعلة غير الحكومية وقدراتها. وقد يسهم استخدام هذه الجهات المستمر للطائرات المسيرة في المنطقة في انتشارها، ويحفّز الجماعات الإرهابية والمتمردة والميليشيات على تطوير قدرات المنظومات الجوية الذاتية التشغيل وتحسين القدرات الحربية غير المتماثلة بكلفة مقبولة. وفي حين أن الوصول إلى التكنولوجيا المتطورة كان محصورا بالدول ذات الميزانيات العسكرية القوية، فإنه قد أصبح أكثر سهولة مع مرور الوقت. واليوم، يمكن للأفراد والجهات الفاعلة غير الحكومية الحصول على البرمجيات التكنولوجية الجاهزة بأسعار مناسبة لإدماجها في التخطيط للهجوم، مما يوسع نطاق تطبيقها والأضرار الناجمة عنها.