أوّل الكلام آخره:
- تستمر الحرب الأهلية في إثيوبيا منذ ما يقارب الشهر، في ظل استمرار تدهور الحالة الإنسانية في منطقة تكرينيا.
- تتقدّم القوة البرية الإثيوبية المدعومة بالقوة الجوية في هجومها، فيما يستعد متمردو الجبهة الشعبية لتحرير تكرينيا للقتال على غرار حرب العصابات.
- قد يترتب عن الصراع في حال اشتداده تداعيات مزعزعة للاستقرار خارج إثيوبيا قد تمتد إلى كامل منطقة شرق إفريقيا.
- وفي محاولة لإنهاء الصراع، عيّن الاتحاد الإفريقي عدة وسطاء، من بينهم إلين جونسون سيرليف، ويواكيم تشيسانو، وكجاليما موتلانثي.
تدور الحرب الأهلية في إثيوبيا منذ شهر تقريبا، في ظل استمرار تدهور الحالة الإنسانية. وقد حذرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مؤخرا من الوضع الراهن مشيرة إلى أن ما يصل إلى 100,000 لاجئ إريتري في شمال إثيوبيا لا يتمكنون من تأمين الغذاء. ويعتمد مئات الآلاف من المدنيين في المنطقة بشكل منتظم على المعونة الغذائية. وقد ضاعف قطع الحكومة الإثيوبية جميع سبل الوصول إلى المساعدات الإنسانية والاتصالات داخل منطقة تكرينيا المضطربة من التحديات. إلا أن إثيوبيا والأمم المتحدة أعلنتا هذا الأسبوع عن اتفاق مبدئي للسماح ببدء تدفق المساعدات إلى تكرينيا. وقد فر أكثر من 46,000 مدني من الحدود إلى السودان، حيث تبذل منظمات الإغاثة الإنسانية قصارى جهودها للتعامل مع تدفق اللاجئين. وتصارع دولة السودان مع تحدياتها الخاصة سعيا منها إلى تجاوز عقود من حكم البشير إلى حكومة انتقالية مقرها الخرطوم.
وقد أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مؤخرا أن القوات الإثيوبية أمنت السيطرة على ميكيلي، عاصمة تكرينيا، في صراعها المستمر ضد الجبهة الشعبية لتحرير تكرينيا. وتتقدّم القوة البرية الإثيوبية المدعومة بالقوة الجوية في هجومها، فيما يستعد متمردو الجبهة الشعبية لتحرير تكرينيا للقتال على غرار حرب العصابات. ومع سقوط قذائف مدفعية على ميكيلي، ادعى آبي أحمد أن قواته تقف على حافة النصر، على الرغم من أنه لم يمكن التحقق من هذا الادعاء بشكل مستقل، ويراه الكثيرون سابقا لأوانه. ولا يزال من الصعب الحصول على تقارير دقيقة من تكرينيا، ولا سيما بعد إعلان رئيس الوزراء أحمد حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر، وبالتالي قطع الوصول إلى الإنترنت وأجزاء أخرى من شبكة الاتصالات في المنطقة. وقد تعهدت قيادة الجبهة الشعبية لتحرير تكرينيا بشن عمليات مقاومة مستدامة، مما يشير إلى احتمالات اندلاع قتال طويل ودموي ضد خصم مدجج بالسلاح وخبير في المعارك. وقد أكد زعيم الجبهة الشعبية لتحرير تكرينيا ديبرتسيون جبريمايكل من جديد أن الجماعة تكافح من أجل «حق تقرير المصير والحكم الذاتي». وقد بدأ الصراع بشكل جدي في أوائل تشرين الثاني / نوفمبر بعد أن هاجم مقاتلو الجبهة الشعبية لتحرير تكرينيا قاعدة لقوات الدفاع الوطني الإثيوبية في شمال إثيوبيا.
وقد اتّهمت القيادة في تكرينيا الحكومة في أديس أبابا بالسعي إلى شن حملة إبادة جماعية. وتتراوح تقديرات الخسائر في صفوف المدنيين من عدة مئات إلى أكثر من ألف، مع تزايد المخاوف بشأن تقدم الجيش الإثيوبي إلى ميكيلي، حيث يعيش حاليا 500,000 مدني. وقد حاولت منظمات الإغاثة الدولية، بما فيها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ولجنة الصليب الأحمر الدولية، تسليط الضوء على الاحتياجات الملحة التي تواجه السكان المدنيين في المنطقة، ومنها نقص المعدات الطبية الأساسية. وقد يترتب على الصراع في حال اشتداده، تداعيات مزعزعة للاستقرار خارج إثيوبيا قد تمتد إلى كامل منطقة شرق إفريقيا. وسبق وأن وجهت اتهامات للجبهة الشعبية لتحرير تكرينيا باطلاق صواريخ على اريتريا المجاورة مما أثار مخاوف من اندلاع حرب إقليمية قد تجر في طريقها دولا أخرى من بينها اريتريا أو السودان.
وعلى الرغم من أن سكان تكرينيا لا يشكلون إلا حوالي 6 % من إجمالي سكان إثيوبيا البالغ عددهم 109 مليون نسمة، إلا أنهم شغلوا مناصب بارزة في الحكومة والجيش والقطاعات القيادية الأخرى. ولكن، ومنذ تولي رئيس الوزراء آبي أحمد السلطة عام 2018، يشكو سكان تكرينيا من تهميشهم. وفي أيلول / سبتمبر من هذا العام، أجرت تكرينيا انتخاباتها البرلمانية على الرغم من أن الحكومة الاتحادية أعلنت تأجيلها بسبب وباء كورونا. ونتيجة لذلك، علقت الحكومة التمويل للمنطقة، مما أثار دوامة الأحداث الحالية. وفي محاولة لإنهاء الصراع، عين الاتحاد الأفريقي عدة وسطاء، من بينهم: إلين جونسون سيرليف، رئيسة ليبريا السابقة، ويواكيم شيسانو، رئيس الموزمبيق السابق، وكجاليما موتلانثي الرئيس السابق لجنوب إفريقيا. واليوم وللمرة الثانية، تعد الفرصة مفتوحة أمام رئيس الوزراء آبي أحمد، الذي فاز بجائزة نوبل للسلام عام 2019 لجهوده لحل الصراع الطويل الأمد بين إثيوبيا وإريتريا المجاورة، للعب دور صانع السلام هذه المرة داخل بلاده، عبر التحرك نحو إنهاء الأزمة الحالية من خلال الدبلوماسية والتفاوض. وإذا أصر على السعي إلى حلول عسكرية بحتة، فإن إثيوبيا قد تدخل في حرب اهلية قد تستمر لسنوات.