أوّل الكلام آخره:
- مؤخرا، أجرت السلطات في المملكة المتحدة سلسلة من الاعتقالات لأفراد يشتبه في ارتكابهم جرائم إرهابية بدوافع يمينية متطرفة.
- تأتي الاعتقالات في أعقاب حظر حكومة المملكة المتحدة لشعبة أتوموافين، وهي منظمة متطرفة للعنصريين البيض عابرة للحدود الوطنية.
- تواجه المملكة المتحدة العديد من التهديدات، ولا تزال الأيديولوجية «الجهادية» حافزا كبيرا للإرهاب فيها ولكن التطرف اليميني في صعود.
- تطورت قاعدة التطرف اليميني في المملكة المتحدة على مدى العقد الماضي لتتضمن النزعات المرتبطة بكره الأجانب والشعبوية ومناهضة العولمة.
مؤخرا، أجرت السلطات في المملكة المتحدة سلسلة من الاعتقالات لأفراد يشتبه في ارتكابهم جرائم إرهابية بدوافع يمينية متطرفة. وشملت الاعتقالات شابا يبلغ من العمر ستة عشر عاما، مما يؤشر إلى تعقيدات التهديد الذي يمثله التطرف اليميني في المملكة المتحدة، حيث يبدو تورط عدد من المراهقين في بيئة التطرف اليميني العنيف. وفي شباط / فبراير، أدين مراهق بريطاني بجرائم إرهابية لتورطه مع الفرع البريطاني لفرقة حرب الحرائق وعلاقاته مع مجموعة في إستونيا. وقد وقعت الاعتقالات الأخيرة في عدد من المدن، بما في ذلك غرب يوركشاير، وكيغلي، وسويندون، وأنغليسي. وتطلب الاعتقال في كيغلي فريق التخلص من القنابل للتحقيق في بعض المواد المشبوهة. ووفقا لهيئة الإذاعة البريطانية، فإن الاعتقالات الخمسة جاءت إثر «الاشتباه بالتورط بارتكاب أعمال إرهابية أو تحضيرها أو التحريض عليها».
وتأتي الاعتقالات في أعقاب حظر الحكومة البريطانية مؤخرا لشعبة أتوموافين، وهي منظمة متطرفة للعنصريين البيض نشأت في الولايات المتحدة ولها فروع في جميع أنحاء العالم. ومع حظر شعبة أتوموافين، أدرجت المملكة المتحدة أيضا «الحركة الاشتراكية الوطنية» (وهو الاسم الاخر لشعبة أتوموافين) على لائحة الإرهاب. وفي كانون الأول / ديسمبر 2016، حظرت الحكومة البريطانية جماعة العمل الوطني المتطرفة اليمينية العنيفة، وهي أول جماعة يمينية متطرفة تدرجها المملكة المتحدة على لائحة الإرهاب منذ عام 1940. وكانت هذه الخطوة فعالة في المساعدة على تفكيك المنظمة، ولكنها أدت أيضا إلى حدوث انشقاقات، مما زاد من تعقيد عمل الأجهزة الأمنية وأجهزة الاستخبارات. وفضلا عن ذلك، فقد فشل الحظر في تقويض تطبيقات جماعة العمل الوطني، التي استمرت في النشاط بأشكال مختلفة عبر الإنترنت نظرا لأصولها في الحزب الوطني البريطاني والبيئة المواتية في المملكة المتحدة. ومن المعروف أن أعضاء جماعة العمل الوطني كانوا قد شاركوا في معسكرات التدريب التي يرأسها المقاتل الروسي دينيس نيكيتين، وهو من النازيين الجدد الذين تربطهم علاقة مع كتيبة آزوف في أوكرانيا.
وقد تطور مشهد التهديد في المملكة المتحدة بشكل كبير على مدى العقود العديدة الماضية. ففي الثمانينيات والتسعينيات، كانت المملكة المتحدة مهتمة في المقام الأول بإرهاب الجماعات العرقية القومية مثل بعض أجنحة الجيش الجمهوري الايرلندي، ولكن خفت حدة الصراع في أواخر التسعينيات. وبعد فترة وجيزة، ارتفع التهديد الذي يشكله «الجهاديون» السلفيون، وبات في طليعة المخاوف الأمنية، وفي 7 تموز / يوليو 2005، شن العديد من «الجهاديين» البريطانيين هجمات مميتة مستوحاة من القاعدة في جميع أنحاء لندن. وفي عام 2021، بدأت المملكة المتحدة تواجه العديد من التهديدات، فالأيديولوجية الجهادية لا تزال حافزا كبيرا للإرهاب، ولكن برز بموازاته التطرف اليميني العنيف ونمو تطرف العنصريين البيض في جميع أنحاء البلاد مما أحدث قلقا متزايدا. وفي تشرين الثاني / نوفمبر 2020، أكد نيل باسو، مساعد مفوض شرطة العاصمة، بأن التطرف اليميني العنيف يعد التهديد الأسرع نموا في المملكة المتحدة. وقد أدت عمليات الإغلاق جراء وباء كورونا إلى تفاقم التهديد، حيث قضى عدد متزايد من الناس المزيد من الوقت عبر الإنترنت على نحو عرضهم بشكل متزايد للتطرف من خلال الدعاية الإرهابية. وتبرز اليوم المزيد من الإحالات إلى برنامج «قناة» المملكة المتحدة، تحت إشراف برنامج PREVENT، والذي يدعم الأفراد العرضة للتطرف. وعلى الرغم من أن PREVENT قد ركز في المقام الأول على منع العنف الإسلامي المتشدد، إلا أن هذا الإطار يهدف إلى أن يكون عابرا للإيديولوجيات، وقد شهدت الإحالات المتعلقة بالجماعات اليمينية المتطرفة العنيفة ارتفاعا كبيرا.
ولطالما بحث اليمين البريطاني المتطرف عن فرص للتوسع دوليا. وقد تطلع أعضاؤه إلى اليونان تحديدا وحذوا حذو حزب الفجر الذهبي اليميني المتطرف، وهو حزب يوناني نازي جديد حقق نجاحا انتخابيا على مر السنين. كما سافر عدد من المواطنين البريطانيين إلى أوكرانيا، وأقام النازيون الجدد من البريطانيين علاقات مع مجموعات مثل حركة المقاومة الشمالية. وقام تومي روبنسون، المحرض اليميني المتطرف والزعيم السابق لرابطة الدفاع الإنجليزية، بـ«جولة إعلامية» في روسيا العام الماضي. ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز، فقد كان يبحث عن حسابات مصرفية روسية لنقل أمواله من خلالها. وتطورت منصة المتطرفين اليمينيين العنيفين على مدى العقد الماضي، متجاوزة نزعات التمييز العنصري ومعاداة السامية والعنصرية البيضاء، لتشمل كراهية الأجانب والشعبوية ونزعات معاداة العولمة. ومع انتشار المشاعر المناهضة للدول في جميع أنحاء العالم، وبروز قضايا مثل حملات مكافحة التطعيم ونظريات المؤامرات المتعلقة بشبكات الجيل الخامس، يبرز قلق متزايد من انتشار التطرف اليميني العنيف، مما يجعل تحدي مكافحة الإرهاب في المملكة المتحدة أكثر تعقيدا.