أوّل الكلام آخره:
- تحاول إدارة ترامب عرقلة أي مسعى لإدارة بايدن القادمة لتغيير سياسة «الضغط القصوى» تجاه إيران.
- سيتعين التراجع عن العقوبات الإضافية التي فرضتها الإدارة الأمريكية في حال سعت إدارة بايدن إلى الانضمام مجددا إلى الاتفاق النووي الإيراني المتعدد الأطراف الذي عقد عام 2015.
- من العناصر الأساسية لاستراتيجية ترامب جعل الدعم الإيراني المزعوم للإرهاب العالمي قاعدة لفرض العقوبات جديدة.
- سيتوجب على إيران التراجع عن انتهاكاتها للاتفاق النووي إذا ما أريد للولايات المتحدة الانضمام مجددا إلى الاتفاقية.
أدت نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020 إلى نشوب صراع بين إدارة ترامب المغادرة قريبا وإدارة بايدن المقبلة حول السياسة تجاه إيران، أحدى أبرز خصوم الولايات المتحدة. وكانت السياسة تجاه إيران واحدة من قضايا السياسة الخارجية القليلة التي نوقشت في المناظرات بين الرئيس ترامب والرئيس المنتخب جو بايدن. وفي عام 2018، تخلى الرئيس ترامب عن الاتفاق النووي الذي عقد عام 2015، والذي تفاوضت عليه إدارة أوباما وبايدن، لصالح استراتيجية حملة «الضغط القصوى» التي تستهدف انهيار الاقتصاد الإيراني من خلال رزمة عقوبات. وكان بايدن قد أعلن في مقال نشره في 13 أيلول / سبتمبر 2020 عزمه الانضمام مجددا إلى الاتفاق النووي إذا عادت إيران إلى الامتثال لالتزاماتها النووية بموجب الاتفاق.
وقد تسببت هذه القضية في زيادة التوتر خلال عام 2020 عندما أعلنت إدارة ترامب عن سيل مستمر من العقوبات الجديدة ضد إيران، وتعهدت بمواصلة زيادة العقوبات حتى تنصيب بايدن في 20 كانون الثاني / يناير 2021. ويبدو أن الهدف من هذه التحركات هو تعقيد جهود بايدن للانضمام مجددا إلى الاتفاق الإيراني، الذي بقي قيد الالتزام، اسميّا في الحدّ الأدنى، من جانب الأطراف الأخرى في الاتفاق، وهي المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين. وقد طالبت طهران لعودة التزامها بالاتفاق على نحو كامل رفع جميع العقوبات التي أعيد فرضها أو فرضت حديثا منذ أن تركت الولايات المتحدة الاتفاق. وفي الأيام التي تلت الانتخابات الأمريكية، حذر الممثل الأمريكي الخاص لقضايا إيران (وفنزويلا)، إليوت أبرامز، الإدارة الأمريكية القادمة من تخفيف العقوبات المفروضة على إيران على أساس أن ذلك من شأنه أن يقلل من فرص الضغط الأمريكي لفرض تغيير في السلوك الإيراني. وقد جاءت تحذيراته بعد زيارة إلى إسرائيل والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة قام خلالها بتنسيق الجهود الرامية إلى معارضة أي محاولة من جانب الإدارة الأمريكية الجديدة لإعادة التعامل مع إيران.
وقد يكون من الصعب على إدارة بايدن التراجع عن بعض الخطوات التي اتخذتها إدارة ترامب. وقد عمدت إدارة ترامب بشكل متزايد إلى ربط العقوبات بدعم إيران للجماعات المصنّفة إرهابية. وفي عامي 2019 و2020، صنّفت الإدارة الحرس الثوري الإسلامي منظمة إرهابية أجنبية بموجب قانون صدر عام 1996، والبنك المركزي الإيراني كيانا داعما للإرهاب بموجب أمر تنفيذي صدر عام 2001. وسوف يتطلب إلغاء كلا التصنيفين عملية مناقشة مشتركة بين الوكالات من شأنها أن تمنح المتشددين في مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية والأجهزة البيروقراطية المعنية بمكافحة الإرهاب فرصة للطعن في «رفع» هذه الكيانات من القائمة. ومن ناحية أخرى، استخدمت إدارة ترامب حجة دعم الإرهاب لمعاقبة الكيانات الاقتصادية الإيرانية مثل مصانع الصلب، والخطوط الجوية ماهان، وشركات النفط الإقليمية وشركات تجارة السلع العامة، والبنوك اللبنانية. ويمكن للإدارة الأمريكية الجديدة أن تجادل بأن سابقتها قد وسّعت كثيرا نطاق عقوباتها. وقد استندت العديد من العقوبات الجديدة المفروضة على طهران إلى أوامر تنفيذية وليس إلى قوانين أقرها الكونغرس، ومن المعروف أنه من الممكن إلغاء الأمر التنفيذي في أي وقت. وقد تحتاج إدارة بايدن أيضا إلى سحب إصرار إدارة ترامب رسميا في تشرين الأول / أكتوبر 2020 على تطبيق ما يعرف بـ «سناب باك» والذي يفرض إعادة العمل بجميع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على إيران، على الرغم من أن مجلس الأمن الدولي لم يعترف بهذا الإعلان ولم ينفذه.
ولكي تعيد إدارة بايدن الولايات المتحدة إلى الاتفاق، سيتعين على طهران التراجع عن انتهاكاتها لالتزاماتها النووية بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق. وقد ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أوائل تشرين الثاني / نوفمبر أن مخزون إيران من اليورانيوم المنخفض التخصيب يبلغ حوالي 8 أضعاف الكمية المسموح بها بموجب الاتفاق، وهو ما يكفي لإنتاج سلاحين نوويين إذا تمت عملية تخصيب اليورانيوم إلى الحد المطلوب من النقاء. ومؤخرا، أكدت إيران أنها بدأت في بناء منشأة جديدة في موقع جبلي لتجميع أجهزة طرد مركزي متقدمة. ويتعين التفاوض على وضع المنشأة الجديدة ليكون جزءا من عودة إدارة بايدن إلى الاتفاق النووي. ويبدو أن التحديات التي ستحتاج كل من إيران وإدارة بايدن إلى التغلب عليها من أجل استعادة الاتفاق النووي وتفعيله بشكل كامل هي تحديات كبيرة ولكن ليست مستعصية.