أوّل الكلام آخره:
- في 9 أغسطس، هزت سلسلة من الانفجارات الهائلة قاعدة ساكي الجوية في جنوب غرب شبه جزيرة القرم التي تسيطر عليها روسيا، مما أدى إلى اهتزاز الشعور بالأمن الذي كان يتمتع به الجيش والروس في شبه الجزيرة.
- لم تعترف أوكرانيا علنًا بمسؤوليتها عن الضربة، على أن هجومًا بهذا الحجم وفي هذا العمق العملياتي هو بلا شك نجاح تكتيكي كبير.
- يهدد هجوم ساكي أيضًا وضع شبه جزيرة القرم بوصفها منطقة انطلاق آمنة للعمليات الروسية المستقبلية، حيث إن هذه هي الضربة الكبرى الأولى ومن المحتمل ألا تكون الأخيرة.
- من الناحية الاستراتيجية، يعد هذا الهجوم ذا أهمية مستدامة، لأنه يظهر رغبة أوكرانيا في توسيع الصراع ليشمل شبه جزيرة القرم وقدرتها على ذلك.
بعد ظهر يوم 9 أغسطس، هزت سلسلة من الانفجارات الضخمة قاعدة ساكي الجوية في جنوب غرب شبه جزيرة القرم التي تسيطر عليها روسيا. وزعمت روسيا أن الانفجارات أسفرت عن مقتل شخص واحد على الأقل وإصابة 13 آخرين بينهم طفلان. وسرعان ما طوقت السلطات الروسية المطار وشوهدت سيارات إسعاف وطائرات هليكوبتر طبية تحلق حول منطقة الانفجار. وقللت وزارة الدفاع الروسية من احتمال أن تكون الانفجارات نتيجة لضربة أوكرانية، وبدلًا من ذلك زعمت أن مستودعات للذخائر انفجرت في القاعدة بسبب حادث عرضي. على أن هذا كان التفسير الروسي لعدة انفجارات كارثية أخرى في مستودعات الذخيرة الروسية على مدى الأسابيع السابقة. وأصابت الانفجارات السكان المحليين بالذعر وأثارت الارتباك بين المسؤولين الحكوميين الروس الذين تخوفوا من وقوع هجمات في المستقبل ترفع مستوى التهديد الإرهابي داخل المنطقة. وصورت مقاطع الفيديو المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي مرتادي الشواطئ المرتبكين والاختناقات المرورية على جسر كيرتش بينما كان المصطافون الروس يفرون من شبه الجزيرة التي كانت تعد منطقة آمنة سابقًا. وتقع ساكي على بعد حوالي 150 ميلًا من أقرب موقع عسكري أوكراني، ومثل العديد من المنشآت داخل شبه جزيرة القرم، هي محمية بأنظمة دفاع متطورة. وتستضيف القاعدة فوج طيران الهجوم البحري 43 التابع لأسطول البحر الأسود والذي يدعم القوات الروسية التي تقاتل في جنوب أوكرانيا. وربما كان على أرض المطار نحو من 30 طائرة وقت التفجيرات. وتشير التقارير الأولية إلى أن تسع طائرات على الأقل قد دمرت واستنادًا إلى حجم الانفجارات، فمن المحتمل أن العديد من الطائرات الأخرى قد تضررت.
وزعم مسؤول أوكراني مجهول أن القوات الخاصة الأوكرانية نفذت الهجوم، رغم أن الحكومة لم تعلن مسؤوليتها علنًا. على أن هجوما على هذا النطاق وفي هذا العمق العملياتي سيكون نجاحًا تكتيكيًا كبيرًا لأوكرانيا. وبالنظر إلى المسافة بين القاعدة الجوية وخط التماس، فإن كيفية تنفيذ الهجوم بقيت غامضة. وقد تكون تعليقات المسؤول الأوكراني المجهول تهدف إلى إخفاء القدرات الأوكرانية أو نقاط الضعف الروسية التي تأمل أوكرانيا في استغلالها في المستقبل. والاحتمال الآخر هو أن الطائرات الأوكرانية كانت قادرة على تعطيل أنظمة الدفاع الجوي الروسية في شبه جزيرة القرم باستخدام صواريخ HARM الأمريكية المضادة للإشعاع التي أرسلت مؤخرًا. وقد يكون هذا قد أضعف قدرات الإنذار المبكر الروسية، مما سمح للصواريخ بعيدة المدى، مثل نبتون المنتجة محليًا، بضرب القاعدة الجوية.
وللضربة آثار كبيرة على المستويات التكتيكية والتشغيلية والاستراتيجية. فمن الناحية التكتيكية، ستضعف الضربة فورًا القوة الجوية الروسية على المحور الجنوبي الذي يتمركز حول خيرسون. ومن الناحية العملية، سيؤثر ذلك على قدرة روسيا على صد الهجوم المضاد الأوكراني الذي طال انتظاره والذي قد يشمل خيرسون هدفا رئيسيا. ومنذ عدة أسابيع، كانت روسيا تنقل القوات والمعدات من دونباس إلى الجبهة الجنوبية تحسبا لهجوم مضاد في المستقبل. وعلاوة على ذلك، يهدد هجوم ساكي أيضًا وضع شبه جزيرة القرم بوصفها منطقة انطلاق آمنة للعمليات المستقبلية. وهذه هي الضربة الكبرى الأولى في المنطقة ومن المحتمل ألا تكون الأخيرة؛ وسيكون على الخدمات اللوجستية الروسية الآن أن تتكيف. ومن المرجح أن تكون هذه الآثار مؤقتة، حيث ستكون روسيا قادرة على التكيف مع مرور الوقت وتخفيف الخسائر عن طريق إعادة انتشار الطائرات من المناطق العسكرية الأخرى؛ ولن تحدد التأثيرات المحلية في حد ذاتها نتيجة الحرب أو حتى تضمن نجاح هجوم مضاد أوكراني في المستقبل.
ومع ذلك، فمن الناحية الاستراتيجية، لهذا الهجوم أهمية مستدامة. إذ إنه يظهر رغبة أوكرانيا في توسيع الصراع ليشمل شبه جزيرة القرم وقدرتها على ذلك. وفي أعقاب الهجوم، صرح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لأول مرة أن تحرير شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا هو هدف رسمي من أهداف الحرب، مما يزيد بشكل كبير من مخاطر الصراع بالنسبة لروسيا والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقد عززت التقارير عن الهجوم الروح المعنوية الأوكرانية وثقة الأوكرانيين بأنفسهم، مما يذكر بتضخم الثقة الشعبية الذي أعقب غرق موسكفا، المركبة الرائدة في أسطول البحر الأسود الروسي. وهذا مهم بشكل خاص في أعقاب تقرير مثير للجدل لمنظمة العفو الدولية استخدم لتعزيز الروايات الروسية. وخارجيًا، سيساعد نجاح الهجوم على إعادة تأكيد الدعم الدولي لجهود أوكرانيا الحربية على الرغم من سيطرة روسيا على أسواق الطاقة الأوروبية وحملات التضليل والدعاية في إفريقيا ومناطق أخرى من جنوب الكرة الأرضية. وسيكون تأمين الدعم الدولي المستمر أمرًا مهمًا بشكل خاص للرئيس زيلينسكي مع اقتراب نهاية الصيف واستعداد أوروبا لفصل شتاء صعب.