أوّل الكلام آخره:
- قد يسمح الهجوم على مبنى الكابيتول الأمريكي بتغلغل الإرهاب المحلي والتطرف العنيف في الولايات المتحدة.
- شارك في اقتحام الكابيتول مجموعات عشوائية وغوغائية وأخرى شبه منظمة مثل «براود بويز» و«المحافظين على العهد» و«الثلاثة بالمئة».
- يؤمن مؤيدو نظرية التحفيز المسرّع أن العنف الشديد سيحفز انهيار المجتمع الحديث، على نحو ما يبشر به كتاب تنظيم القاعدة المسمى إدارة التوحش.
- حذرت الأجهزة الأمنية الفيدرالية من الهجمات المحتملة على مقرات الكابيتول في الولايات والمباني الفيدرالية وعلى المشرعين أنفسهم في الأسابيع المقبلة.
في أعقاب الهجوم الذي وقع في 6 كانون الثاني / يناير 2021 على مبنى الكابيتول الأمريكي، بدا جليا أن التهديد الإرهابي الأكبر داخل الولايات المتحدة يأتي من المجموعات اليمينية المتطرفة، بما فيها جماعات العنصريين البيض أو الجماعات التي تحركها دوافع عرقية، والمتطرفون والميليشيات العنيفة المناهضة للدولة. ففي المنتديات وغرف الدردشة عبر الإنترنت، عمم الأفراد على نطاق واسع الصور وكل ما يتعلق باقتحام الكابيتول، احتفالا بما عدوه انتصارا كبيرا ولخلق قضية توافقية يجتمع عليها مختلف فئات المتطرفين اليمينيين المحليين. وقد استفادت كل الجماعات المذكورة أعلاه من أحداث يوم الأربعاء الماضي لتعزيز أيديولوجيتها العنيفة ولأغراض الاستقطاب والتجنيد والتخطيط لهجمات مستقبلية. وقبيل تنصيب إدارة بايدن وهاريس، لا تزال التوترات في واشنطن العاصمة مرتفعة، حيث نشر 25,000 جندي من قوات الحرس الوطني لتعزيز الأمن. ومع ذلك، صدرت تقارير تفيد بأن المخاوف من هجوم محتمل من داخل القوى الأمنية قد دفعت مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى القيام بمهمة شاقة تقضي بالتحري عن جميع القوات المشاركة في تأمين الحدث.
واستفادت جماعات العنصريين البيض والنازيين الجدد من مشاركتها في هجوم الكابيتول من خلال مشاركة الصور في المنتديات عبر الإنترنت والعمل علانية لمخاطبة أتباعها ولاستقطاب أعضاء جدد وتجنيدهم من خلال إظهار أنها تحمل توجهات عملية. وفي اليوم التالي للهجوم العنيف على الكابيتول الذي تخلله تهديد المشرعين والموظفين وحتى العملية الديمقراطية نفسها، قام رئيس«براود بويز»، إنريكي تاريو، بمشاركة منشور على موقع Parler يشيد بمهاجمي الكابيتول واصفا إياهم بالثوريين. ورغم أن تاريو كان قد احتجز في اليوم السابق من الهجوم، إلا أن كثيرين يعتقدون أن منظمته كانت المسؤولة عن اختراق مبنى الكابيتول، إلى جانب مجموعات غوغائية وأخرى شبه منظمة مثل «المحافظين على العهد» و«الثلاثة بالمئة» وميلشيات أخرى.
وقد ترك مؤيدو الرئيس ترامب مواقع التواصل الاجتماعي التقليدية مثل منصة تويتر واعتمدوا منصات أقل شهرة. وتعتقد الجماعات المناهضة للدولة، وجماعات العنصريين البيض، وجماعات النازيين الجدد أن هذه الفترة هي الأنسب لتجنيد متحمسي حملة «لنجعل أمريكا عظيمة من جديد» الذين أعرب الكثير منهم عن إهمال ترامب لهم. وفضلا عن ذلك، حذت الجماعات المتطرفة العنيفة المحلية بتكريم أشلي بابيت، المرأة التي أطلقت عليها قوات الأمن النار وقتلتها في مبنى الكابيتول، حذو الجماعات الجهادية السلفية التي تكرم شهداءها. وتحثّ هذه الجماعات اليوم مؤيديها على الانتقام لموت بابيت وتلقنهم شعارات مثل «لا يمكنهم قتلنا». ويمثل الشهداء شخصيات مؤثرة في الحركات المتطرفة كما أنهم يساعدون في تحفيز الجيل القادم وإلهامه. وقد رأى مؤيدو نظرية التحفيز المسرّع، وهم فئة من الأفراد والجماعات تؤمن بأن الحرب العرقية هي النتيجة الحتمية والمرغوبة للعنف الموجه ضد الدولة، في تمرد الكابيتول دليلا على صدق نظريتهم. ويرى أتباع هذه النظرية أنه من خلال أعمال العنف والإرهاب فقط سيكونون قادرين على التسريع بانهيار المجتمع الحديث، وهي استراتيجية تذكرنا بشكل مخيف بكتاب تنظيم القاعدة المسمى إدارة التوحش، والذي تبنى تنظيم داعش كثيرا من أفكاره. ولطالما حاكت الجماعات العنيفة المحلية الجهاديين واستعارت من ذخيرة القاعدة، حتى أنها مجدت في أحد الأيام أسامة بن لادن واستخدمت مرة عبارة ـ«الجهاد الأبيض». وعلى غرار تنظيم القاعدة وداعش، يسعى البعض إلى شرح أفعالهم وتسويغها باستخدام لغة التخلص من القادة الفاسدين، والإشارة أحيانا إلى الروايات والنصوص الدينية. كما أن هذه الجماعات تسعى إلى تجنيد أولئك الذين يمكنهم المساهمة في الدعم غير القتالي أيضا، ويشمل ذلك الحملات الدعائية والرعاية الطبية.
وقد عمد مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي إلى القنوات عبر الإنترنت لمشاركة المنشورات التي تعزز القدرات العملية للمؤيدين قبل الأسبوع المقبل. فمثلا، يتشارك المشاركون في الدردشات ملفات Pdf الخاصة بطرائق حرب العصابات، مثل War Of The Flea، فضلا عن منشورات ترشد إلى طرق صنع القنابل بسهولة. وقد جاء ذلك ليؤكد تقارير الأمم المتحدة السابقة التي سلطت الضوء على أن الإرهابيين ذوي الدوافع العرقية كانوا يستخدمون مواد تدريبية لتنظيم القاعدة وداعش على سبيل المثال. فضلا عن ذلك، كانت التعليمات حول كيفية طباعة البنادق والذخيرة ثلاثية الأبعاد، وكذلك كيفية تهريب البنادق بنجاح إلى واشنطن العاصمة من بين بعض التوجيهات التكتيكية المتداولة عبر الإنترنت. ويجري نشر الأخبار حول تفاصيل تعزيز الأمن في واشنطن العاصمة وكذلك أشرطة الفيديو التي تظهر تزويد مواقع مختلفة بهياكل أمنية مدعمة. وفي الواقع، تشير ثرثرة جماعات العنصريين البيض عبر الإنترنت إلى أن الجماعات المتطرفة قد تكون بصدد شن هجمات عنيفة في جميع أنحاء الولايات وليس فقط في العاصمة. وقد دعت المشاركات عبر العديد من المنصات إلى شن هجمات على منازل المشرعين، ومقرات الكابيتول في الولايات، والمباني الفيدرالية، ومنازل أعضاء الكونغرس والشركات لأن تركيز جهاز الأمن الأمريكي سيكون منصبا على واشنطن العاصمة. وفي 14 كانون الثاني / يناير، صرح مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي راي بأن الأجهزة الأمنية تراقب «الثرثرة على الإنترنت» المتعلقة بأحداث التنصيب. وتثير تقارير الحكومات الأجنبية التي تستغل هذه الديناميات تساؤلات حول دور الجهات الخارجية من حكومية وغير حكومية في نشر المعلومات المضللة والعنف. وبالنسبة لمكتب التحقيقات الفيدرالي، فإن تحديد ما يشكل تهديدات حقيقية يمثل تحديا صعبا للغاية، خاصة نظرا إلى حالة الضوضاء الراهنة. وسواء حصلت أعمال عنف يوم التنصيب أم لم تحصل، فمن الواضح أن التهديد الذي تشكله هذه الجماعات سيستمر في المستقبل وينبغي التعامل معه على أنه تهديد إرهابي محلي لا يمكن الاستهانة به.