أوّل الكلام آخره:
- تستغل الحكومة الإيرانية العمليات الإلكترونية في سعي منها ليخسر الرئيس ترامب دورة الانتخابات المقبلة.
- تشير محاولات إيران للتأثير في الناخبين الأمريكيين إلى فهم دقيق للسياسة الأمريكية، يتجاوز ذلك الذي أبدته سابقا.
- أصدر قادة طهران قرارا بعدم التصعيد في الشرق الأوسط، وذلك ليقينهم بأن ذلك قد يزيد من دعم الأمريكيين للرئيس ترامب.
- يعد نظام الانتخابات الأمريكية نفسه آمنا من الهجمات الإيرانية، ولكن ردّ إدارة ترامب على الهجمات الإيرانية لن يردع الإيرانيين.
في 21 تشرين الأول / أكتوبر، صرح مدير الاستخبارات الوطنية جون راتكليف بأن الاستخبارات الأمريكية قد توصّلت إلى أن إيران حاولت التدخل في الانتخابات الأمريكية في تشرين الثاني / نوفمبر 2020 من خلال إرسال رسائل بريد إلكتروني مزيفة إلى الناخبين الأمريكيين في عدة ولايات. ووفقا لراتكليف، نجحت إيران، وكذلك روسيا، في الحصول على بعض المعلومات المتاحة علنا عن تسجيل الناخبين الأمريكيين. وكانت العملية الإيرانية التي ذكرها راتكليف تتألف في المقام الأول من رسائل إلكترونية، من المفترض أنها صادرة عن«براود بويز» وهي مجموعة يمينية أمريكية، تهدد الناخبين المستهدفين بالإيذاء جسديا ما لم يصوتوا للرئيس ترامب. وقد سعت العملية الإلكترونية الإيرانية إلى إثارة رد فعل سياسي عنيف ضد الرئيس ترامب من خلال ربط حملته الانتخابية بجماعات هامشية محلية تخوّف الناخبين. ويبدو أن العملية تمثل مستوى معينا من فهم طهران للسياسة الأمريكية لم يسبق وأن أظهرته فيما مضى. وفي ظل التشهير بالعمليات الإيرانية، سعى المسؤولون الأمريكيون إلى طمأنة الرأي العام بأن الاستخبارات الأمريكية ستكشف محاولات التدخل في الانتخابات وتحبطها بسرعة، ومنها محاولات الخصوم الإلكترونيين الأقوى مثل روسيا. وقد شدد المسؤولون الأمريكيون على أن إيران لن تتمكن من اختراق أنظمة الانتخابات الأمريكية وتغيير قوائم الناخبين أو الأصوات المدلى بها أو جداول الأصوات، وأن روسيا لن تتمكن من فعل ذلك أيضا.
ولا شك أن نية طهران في التدخل في التصويت الأمريكي واضحة، وهي الإطاحة بالرئيس ترامب من أجل تخفيف آثار حملة «الضغط القصوى» التي تشنها الإدارة الأمريكية ضد إيران. وعلى النقيض من الرئيس ترامب، صرح نائب الرئيس السابق جوزيف بايدن بأنه، في حال انتخابه، سيغير السياسة المعتمدة مع إيران من خلال السعي إلى إعادة الدخول في الاتفاق النووي الإيراني المتعدد الأطراف لعام 2015 الذي تضمن تخفيفا كبيرا للعقوبات الاقتصادية الأمريكية. كما تسعى إيران إلى الانتقام من ضربة إدارة ترامب التي أودت بحياة قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في كانون الثاني / يناير. كما تشارك إيران روسيا في الأهداف العامة المتمثلة باستمرار الشقاق السياسي داخل الولايات المتحدة وإضعاف النفوذ العالمي للولايات المتحدة عامة.
ويعكس التدخل الإلكتروني الإيراني في الانتخابات الأمريكية حسابات طهران بأن السياسات البديلة لن تؤدي بالضرورة إلى النتائج المرجوة. وقد توقع العديد من الخبراء أن إيران قد تقوم بعمليات مسلحة في المنطقة تهدف إلى نقض تأكيدات الرئيس ترامب بأن إدارته قد جلبت الاستقرار والأمن إلى المنطقة. وكان من الممكن أن تشمل هذه الأعمال تكرار الهجوم الصاروخي الإيراني الذي استهدف المنشآت النفطية السعودية عام 2019 فضلا عن الهجمات على السفن في الخليج الفارسي، أو هجمات الحلفاء الإيرانيين مثل الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن أو الميليشيات الشيعية العراقية. ولكن من شأن أي تصعيد إيراني جديد أن يهدد بإثارة رد عسكري أمريكي قد يؤدي إلى الالتفاف حول الرئيس الحالي خلافا لرغبات طهران. ويبدو أن هذا التقويم يفسر الهدوء النسبي للقوات الإيرانية وحلفائها الإقليميين خلال الأشهر القليلة الماضية، على الرغم من أن حلفاء إيران في العراق قد حافظوا على سيل هجماتهم على المنشآت حيث تقيم القوات الأمريكية. وفي الوقت نفسه، قوّم قادة إيران أن إشراك الإدارة الأمريكية في مفاوضات نووية جديدة من شأنه أن يعزز احتمالات إعادة انتخاب الرئيس ترامب. وقد رفض قادة إيران إجراء محادثات ما لم تتخل الإدارة الأمريكية عن سياسة عقوبات حملة «الضغط القصوى». ولا شك أن إيران تدرك أنه من المستبعد أن يقوم الرئيس ترامب بالتخفيف من سياسته تجاه إيران التي يراد لها أن تظهر على أنها سياسة قاسية للغاية في وجه إيران المناهضة للولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن أنظمة الانتخابات الأمريكية آمنة على ما يبدو، فمن المستبعد أن تتوقف إيران عن تنفيذ عملياتها الإلكترونية حتى لو قامت الولايات المتحدة بالرد عليها. وفي 22 تشرين الأول / أكتوبر، فرضت وزارة الخزانة عقوبات على الحرس الثوري الإسلامي الإيراني وفيلق القدس وثلاثة معاهد ووسائل إعلام إيرانية بسبب ما عدّته سرديات كاذبة تنشرها هذه الكيانات، وغيرها من المحتويات المضللة للتأثير في الانتخابات الأمريكية. ولكن العقوبات المفروضة على هذه المنظمات تشمل فرض حظر على أصولها في الولايات المتحدة ومعاقبة البنوك الأجنبية التي تتعامل معها، وليس معروفا عن هذه المنظمات الإيرانية أن لديها أي أصول أمريكية أو أنها تتعامل مع شركات أمريكية أو بنوك دولية كبرى، مما يجعل العقوبات الأمريكية غير ذات موضوع. وتشير محدودية رد الولايات المتحدة إلى حدود الاعتماد على العقوبات الأمريكية ضد إيران، وهي ستفشل حتما في ردع طهران عن مواصلة جهودها لهزيمة الرئيس ترامب في 3 تشرين الثاني / نوفمبر.