أوّل الكلام آخره:
- لم يؤثر قرار الإمارات العربية المتحدة والبحرين تطبيع العلاقات مع إسرائيل سلبا في علاقة قطر مع إدارة ترامب.
- عززت اجتماعات الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وقطر في أيلول / سبتمبر الدور الهام الذي تلعبه قطر في تمكين الولايات المتحدة من إبراز قوتها في المنطقة على الرغم من تقليص حضورها العسكري.
- تنوي إدارة ترامب على ما يبدو إعلان قطر «حليفا رئيسا من خارج حلف شمال الأطلسي» تقديرا لمساهمتها في الاستراتيجية الأمريكية.
- أدى انخراط قطر مع مجموعة واسعة من الفصائل الإقليمية وكذلك مع إيران إلى الوصول إلى تفاهمات عزّزت أمن إسرائيل، وإلى تسهيل المفاوضات الأمريكية مع خصومها.
احتلت الإمارات العربية المتحدة، وهي الخصم الرئيس لقطر داخل مجلس التعاون الخليجي الذي يضم إلى جانبهما المملكة العربية السعودية والكويت وقطر والبحرين وعمان، العناوين الرئيسة بفعل قرارها في آب / أغسطس، الذي انضمت إليه البحرين، تطبيع العلاقات مع إسرائيل في إطار ما بات يعرف بـ«اتفاقات إبراهيم». وقد جدّد هذا القرار أيضا حرارة العلاقة القائمة مع إدارة ترامب. ويبدو أن اتفاق التطبيع يزيد من احتمال أن تغض إدارة ترامب الطرف عن إصرار الإمارات على مواصلة الحصار الجوي والبحري والبري المفروض على قطر من أبوظبي والرياض والمنامة. وتقديرا للخطوة الإماراتية، أكدت إدارة ترامب أيضا أنها قد تبيع الإمارات الطائرات المقاتلة من طراز F-35 المتطورة وغيرها من الأسلحة. وفي الوقت نفسه، أجبرت الإدارة الأمريكية قناة الجزيرة بلس التي تستهدف الشباب والتابعة لقناة الجزيرة ومقرها قطر، على تسجيل نفسها لدى وزارة العدل الأمريكية في فئة الوكلاء الأجانب. ولكن ذلك بقي على أي حال دون ما تسعى إليه الإمارات العربية المتحدة من إجبار شبكة الجزيرة الرئيسة أيضا على تسجيل نفسها كذلك، إن لم يكن على الإغلاق النهائي.
وعلى هامش التركيز العالمي على اتفاقات إبراهيم في الفترة التي سبقت توقيع الاتفاقية في البيت الأبيض في 15 أيلول / سبتمبر، أجرت قطر والولايات المتحدة «الحوار الاستراتيجي» الثالث. وقد توج الاجتماع الذي عقد على مدى يومين بصدور بيان ختامي مفصل حدد مدى عمق العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وقطر، والتي تتمحور حول استضافة قطر لنحو 8500 عسكري أمريكي في قاعدة العديد الجوية الكبيرة. كما سلط البيان الضوء على مجموعة واسعة من علاقات التعاون الاقتصادي والثقافي الحالية والمستقبلية، والجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب، والوساطات الدبلوماسية القطرية والمساعدات الإنسانية في جميع أنحاء المنطقة. وقد أعربت إدارة ترامب عن نيتها مواصلة العمل على حل النزاع داخل دول مجلس التعاون الخليجي.
وقد عزز الحوار مركزية المنشآت العسكرية القطرية، ولا سيما قاعدة العديد، في الأمن القومي الأمريكي. وتعد هذه القاعدة الأكبر في المنطقة، وتسمح للولايات المتحدة باستعراض قواها ومد نفوذها في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك ضد تنظيم داعش وفي أفغانستان. وقد أصبح التعاون الدفاعي القطري الأمريكي أكثر أهمية مع انسحاب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان وإخلاء العديد من القواعد التي تستخدمها القوات الأمريكية في تلك البلدان. وفي أعقاب الحوار الاستراتيجي الأخير بين الولايات المتحدة وقطر، تجلى الاعتراف بمساهمة قطر في أمن الولايات المتحدة في تقارير أفادت بأن إدارة ترامب ستعلن قطر «حليفا رئيسا من خارج حلف شمال الأطلسي». وهذه التسمية مخصصة للشركاء المقربين فقط، وقد سبق أن أعطيت لدولتين خليجيتين، هما الكويت والبحرين.
ولا يخفى على إدارة ترامب أن السياسة الخارجية المستقلة لقطر والقائمة على التعامل مع مجموعة واسعة من الفصائل والأطراف المتنازعة في كثير من الأحيان في المنطقة تخدم مصالح الولايات المتحدة وحلفائها. وفي وقت متزامن تقريبا مع إعلان اتفاقات إبراهيم، أفادت قطر أن برنامج المساعدات المقدم لقطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس والذي يديره مبعوث قطري إلى غزة يجتمع بانتظام مع مسؤولين إسرائيليين، قد أسفر عن تعهد من حماس بوقف العنف ضد إسرائيل. وقد أثبت برنامج المساعدات قدرة قطر على الإسهام في تعزيز الأمن الإسرائيلي بالرغم من أن قطر أشارت إلى أنها لن تطبع علاقاتها مع إسرائيل حتى إعلان اتفاق سلام اسرائيلي فلسطيني شامل. وفي منتصف أيلول /سبتمبر، عقدت أول مفاوضات رسمية في الدوحة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان لتخطيط هيكل سياسي مستقبلي لأفغانستان. وكانت المحادثات الأفغانية، التي حضرها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، نتاج اتفاق السلام المبرم في الدوحة في شباط / فبراير 2020 والذي حصلت مفاوضاته في الدوحة بين الولايات المتحدة وطالبان. وقد مكّن هذا الاتفاق إدارة ترامب من خفض أعداد القوات الأمريكية في أفغانستان إلى أدنى مستوياتها منذ بدء التدخل الأمريكي في أفغانستان عام 2001. وعلى الرغم من أن الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية طالبتا، سعيا منهما لعزل قطر، بأن تنأى الحكومة القطرية بنفسها عن إيران، إلا أن العلاقات القطرية مع إيران قد تفيد المصالح الأمريكية. وتسعى إدارة ترامب، وكذلك المرشح الرئاسي ونائب الرئيس السابق جوزيف بايدن، إلى إشراك إيران في مفاوضات لإحياء الاتفاق النووي، وإن كان بشروط مختلفة. وقد عرض قادة قطر مرارا وتكرارا التوسط في محادثات أمريكية مع طهران لخفض التوترات في الخليج. وقد تكون الوساطة القطرية حاسمة إذا قرر القادة الإيرانيون التفاوض مجددا مع الأمريكيين، بغض النظر عمن ينتخب رئيسا.