أوّل الكلام آخره:
- تشكّل جماعات اليمين المتطرف التهديد الأمني الأسرع نموا في المملكة المتحدة، خاصة بالنظر إلى الزيادات في أعداد الحالات المحالة إلى خطة الحكومة البريطانية لمكافحة التطرف أو ما يعرف ببرنامج «بريفينت».
- اتخذت الحكومة البريطانية، بالتعاون مع شركات التكنولوجيا، خطوات مهمة لحظر الجماعات ذات الصلة باليمين المتطرف، ولكن من الضروري القيام بالمزيد من العمل لمكافحة التهديد الذي يشكله الفاعلون المنفردون، بما في ذلك أولئك الناشطون على منصات الإنترنت.
- سلّط رئيس المخابرات العسكرية (أم آي 5) السابق اللورد جوناثان إيفانز الضوء مؤخرا على الصلة القائمة بين الضغط المجتمعي على المجتمعات المحلية (كارتفاع مستويات البطالة مثلا) وتصاعد إرهاب جماعات اليمين المتطرف في المملكة المتحدة.
- نظرا لتداعيات وباء كورونا على البطالة على صعيد المملكة المتحدة والصعيد الدولي، فقد تؤدي المزيد من إجراءات التقشف إلى ارتفاع متزايد في التهديد الذي تشكله جماعات اليمين المتطرف.
في آذار / مارس 2020، أشار رئيس المخابرات العسكرية (أم آي 5) السابق اللورد جوناثان إيفانز إلى أن التحدي الذي تشكله جماعات اليمين المتطرف قد تغير، من تحدٍّ تمثّله جماعات منفصلة لا تتوحد، إلى آخر تمثّله جماعات منظّمة موحّدة. ومؤخرا، أكد نيل باسو، مساعد مفوض دائرة شرطة العاصمة، أن التهديد الأسرع نموا للمملكة المتحدة هو تهديد المتطرفين اليمينيين، إذ أحبطت الدولة سبع مؤامرات من أصل 22 مؤامرة إرهابية منذ عام 2017 لأفراد يحملون دوافع جماعات اليمين المتطرف. ووفقا لبرنامج «بريفينت»، برنامج مكافحة التطرف في البلاد، تضاعف التطرف اليميني بين عامي 2016 و 2018، ومن المتوقع أن يرتفع أكثر من ذلك. وكشفت وزارة الداخلية أن عدد المتطرفين اليمينيين المشتبه بهم الذين يحالون إلى السلطات، يكاد يتطابق مع عدد أولئك الذين يُشتبه بأنهم متطرفون إسلاميون، حيث بلغ إجمالي المتطرفين اليمينيين المحالين 1389 متطرفا في 2018 و2019، مقارنة بـ 1404 جهاديين مشتبه بهم.
كما ذكر اللورد جوناثان إيفانز أن الضغوط الاجتماعية على المجتمعات المحلية، جراء تدابير التقشف، من شأنها أن تفاقم خطر جماعات اليمين المتطرف في جميع أنحاء المملكة المتحدة. وقد انخفض عدد الشواغر في اقتصاد المملكة المتحدة إلى النصف تقريبا في نيسان / أبريل 2020، مما يشير إلى أن البطالة في المملكة المتحدة سترتفع بشكل حاد على مدار الأشهر القليلة المقبلة. وعليه، فإن الروابط بين ارتفاع معدلات البطالة جراء تدابير التقشف، إلى جانب مجموعة خاصة من التحديات الناجمة عن تهديد جماعات اليمين المتطرف في المملكة المتحدة، تحتاج إلى مزيد من المراجعة. كما أن الخطر المتزايد لتفاقم معدلات البطالة على نحو يعزز التطرف اليميني، يستدعي ضرورة أن تكون الحكومة يقظة ضد المظاهر الجديدة للتطرف اليميني، سواء جاء من جماعات منشقة، أو من جماعات غير محظورة بعد، أو من الشباب الذين يرغبون في الانخراط فيما يسمى «الجهاد الأبيض».
يكمن التحدي الأول للحكومات في فهم التهديد الذي يشكله المتطرفون اليمينيون وكيفية التصدي له بفعالية. وعلى غرار الجماعات الجهادية، تواصل المنظمات الخاضعة للعقوبات مثل منظمة العمل الوطني والفجر الاسكتلندي العمل تحت عناوين متعددة بعد أن حظرتها الحكومة البريطانية. وعلى عكس الجماعات الجهادية، التي يصاغ فيها الخطاب المتطرف بلغة ضد الغرب ومؤسساته، غالبا ما يستخدم المتطرفون اليمينيون والعنصريون البيض لغة تمجد الدول الأوروبية وبريطانيا وتفوقها المزعوم. ثمّ يمزج بين ما سبق وبين خليط من النظريات المؤامراتية حول مسائل الهجرة والعلاقات العرقية، مع تحقير دائم للأقليات العرقية والدينية. ونتيجة لذلك، فقد يكون من الصعب مراقبة مثل هذه الأمور، ولا سيما عندما يؤطر بوصفه سخرية، أو ميمات على الإنترنت. وفي شباط / فبراير 2020، حظرت وزارة الداخلية مجموعتين إرهابيتين يمينيتين متطرفتين في المملكة المتحدة، وجعلت الانتساب إليهما يخضع لعقوبات تصل إلى السجن لمدة 10 سنوات. وشمل ذلك حظر فرقة الحرب الشمسية التي أقامت روابط مع فرقة أتوموافين، وشبكة مقاومة النظام بوصفها الاسم المستعار لمجموعة العمل الوطني المحظورة من قبل.
كما تتخذ شركات وسائل التواصل الاجتماعي في المملكة المتحدة بعض الإجراءات لمواجهة جماعات اليمين المتطرف. فعلى سبيل المثال، في كانون الأول / ديسمبر 2017، حظرت منصة تويتر حساب بول غولدينغ، زعيم المنظمة السياسية الفاشية «بريطانيا أولا»، وفي آذار / مارس 2018، حظرت منصة فيسبوك المنظمة نفسها بسبب سلوكها البغيض. وفي عام 2019، حظرت منصة فيسبوك بشكل دائم حساب الحزب الوطني البريطاني، وزعيمه غريفين، فضلا عن حظر حساب رابطة الدفاع الإنجليزية وعضوها المؤسس بول راي، وحساب «بريطانيا أولا» وبول غولدينغ زعيمها، وفرسان تمبلر والمتحدث البارز جيم داوسون، وحساب حزب الجبهة الوطنية وزعيمها توني مارتن. وفي حين أن منصة فيسبوك حظرت معظم هؤلاء الأفراد والمنظمات، إلا أنهم لا يزالون يحتفظون بوجود غير مقيد إلى حد ما على منصتي تويتر ويوتيوب. وبين 2015 و2019، قام 27.1% من الذين شاركوا بنشر مواد مسيئة أو بغيضة على الإنترنت بفعل ذلك ترويجا للأيديولوجية اليمينية المتطرفة التي يتبنوها. وعلى هذا النحو، يجب على شركات التواصل الاجتماعي مواصلة اتخاذ الإجراءات لإزالة المحتوى البغيض من مواقعها. وقد منح حظر المنظمات اليمينية المتطرفة حكومة المملكة المتحدة صلاحيات واسعة النطاق لمقاضاة مرتكبي الجرائم. ومع ذلك، فإن قوات الشرطة وشركات وسائل التواصل الاجتماعي التي تواصل العديد من الجماعات المتطرفة استخدامها، ستحتاج إلى التعاون لمنع خروج التهديدات من العالم الافتراضي إلى العالم الحقيقي.