أوّل الكلام آخره:
- خلال الأسبوع الماضي، اعتقلت السلطات في الدنمارك وألمانيا 14 شخصا بتهمة التخطيط لهجوم إرهابي واحد على الأقل في أوروبا.
- ليست هذه المرة الأولى التي تتعامل فيها الدنمارك مع إرهاب «الجهاديين»، فهي قد قامت بإفشال العديد من الخطط على مدى السنوات الماضية.
- مع زيادة التركيز على التطرف اليميني وتحدي وباء الكورونا، لا ينبغي التقليل من شأن التهديد المستمر الذي يشكله الإرهاب «الجهادي».
- سيظل التعاون المستمر بين السلطات والأجهزة الأمنية في أوروبا ضروريا لمنع الهجمات الإرهابية في المستقبل.
خلال الأسبوع الماضي، اعتقلت السلطات في الدنمارك وألمانيا 14 شخصا بتهمة التخطيط لهجوم إرهابي واحد على الأقل في أوروبا. وقد اعتقلت دائرة الأمن والمخابرات الدنماركية (PET) ثلاثة عشر شخصا، واحتجزت ألمانيا شخصا آخر. ووصف وزير العدل الدنماركي، نيك هيكروب، الاعتقالات بأنها جزء من «عملية كبرى لمكافحة الإرهاب»، وأشار إلى أن الأفراد الذين ألقي القبض عليهم اتهموا بالحصول على المواد اللازمة لتصنيع المتفجرات والقنابل، فضلا عن حيازة الأسلحة النارية. واتُّهم آخرون بالمساعدة والتحريض. وعُلم أن هذه الخطط مدفوعة بـ«التطرف الإسلامي الجهادي».
وليست هذه المرة الأولى التي تتعامل فيها الدنمارك مع التهديد الذي يشكله الإرهاب المستوحى من «الجهاديين». ففي عام 2005، نشرت صحيفة يولاندس بوستن الدنماركية 12 رسما كاريكاتوريا للنبي محمد، مما أثار احتجاجات في جميع أنحاء العالم الإسلامي، ودفع بعض المتطرفين إلى التهديد بالقتل، ورسم الخطط التي تستهدف أفرادا من الصحيفة. وكان الجدل حول هذه الرسوم بمثابة دعاية لتنظيم القاعدة، فقد نجحت من خلاله في استقطاب أعضاء جدد وتجنيدهم، وبعضهم كان من الغربيين. وفي عام 2017، ألقي القبض على شخص في الدنمارك بتهمة شحن طائرات مسيرة وقطع لها وكاميرات الأشعة تحت الحمراء إلى داعش عبر تركيا. وفي العام التالي، ألقي القبض على شخصين آخرين في الدنمارك بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، يشتبه في أنهما اشتريا طائرات مسيرة يزعم أنها كانت موجهة إلى داعش. وفي أواخر عام 2019، ألقي القبض على عشرين شخصا بتهمة التخطيط لهجوم إرهابي، وقد أعلنت السلطات الدنماركية حينها أن «التطرف الإسلامي» كان حافزهم. ومجددا، في نيسان / أبريل 2020، اعتقلت الشرطة الدنماركية شخصا، يقال إنه يعمل بمفرده، لتخطيطه لهجوم إرهابي مدفوع بـ«التطرف الإسلامي».
ومع زيادة التركيز على التطرف اليميني على الصعيد العالمي، وخاصة في أوروبا، فمن المهم ألا نغفل التهديد المستمر الذي يشكله الأفراد والخلايا المدفوعة بدافع الأيديولوجية الجهادية التي يمثلها تنظيما داعش والقاعدة ونظائرهما. ومن بين الهجمات الإرهابية الاثنتي عشرة التي شنت في المملكة المتحدة منذ آذار / مارس 2017، كانت عشر هجمات مرتبطة بالجهاديين، أما الهجمتان الباقيتان فترتبطان بالتطرف اليميني. وبين أواخر أيلول / سبتمبر 2020 وأواخر تشرين الثاني / نوفمبر 2020، شنت ست هجمات إرهابية منفصلة في أوروبا (وذلك في فرنسا وسويسرا والنمسا) نفذها أفراد مدفوعين بدوافع «جهادية». وفي ظل انشغال دول العالم في تحدي وباء الكورونا، حوّل الاهتمام وكثير من الموارد المالية والبشرية عن مكافحة الإرهاب على نحو صعّب على الأجهزة والسلطات الأمنية إجراء تقويم شامل للتهديد الإرهابي. وقد أدى النزوع التدريجي نحو اللامركزية لدى الجماعات الجهادية العالمية، والذي تسارعت وتيرته بسبب قيود الوباء، إلى اعتماد الأفراد والمجموعات الصغيرة المزيد من الهجمات المنخفضة التقنية والتكلفة.
ويعود إحباط الهجوم الأخير في الدنمارك في جزء منه إلى التعاون بين دائرة الأمن والمخابرات الدنماركية والسلطات الألمانية. وأشار نيك هيكروب، وزير العدل الدنماركي، إلى أن التعاون بين الدنماركيين والألمان كان «تعاونا ممتازا وفعالا». وسيظل استمرار التعاون بين السلطات والأجهزة الأمنية في أوروبا وتبادل المعلومات الاستخباراتية بينها أمرا ضروريا لمنع الهجمات الإرهابية في المستقبل. وكما يتضح من هجوم فيينا الذي شنه كوجتيم فيزولاي في تشرين الثاني / نوفمبر 2020، فإن ما يسمى بـ«المقاتلين الأجانب المحبطين»، وهم الأفراد الذين حاولوا السفر إلى الخارج للانضمام إلى داعش ولكن اعتقلوا ومنعوا من القيام بذلك، سيظلون يشكلون خطرا داهما. وستبقى الصور المأخوذة التي توثق الظروف المؤسفة في معسكر الاعتقال في الهول في شمال شرق سوريا بمثابة دعاية لداعش، خاصة وأن قيادته المركزية تشجع أتباعها على «قضاء وقت أقل على وسائل التواصل الاجتماعي وبذل المزيد من الجهد في الهجمات العالية الأثر»، كما لوحظ في تقرير للأمم المتحدة صدر مؤخرا. ولا يمكن لأجهزة الأمن القومي والاستخبارات التي تقود مهمة معالجة اتساع نطاق التهديدات المتطرفة أن تخفف من جهودها في متابعة أي من الإرهاب اليميني المتطرف أو الإرهاب «الجهادي»، ولا سيما بالنظر إلى الطبيعة العابرة للحدود الوطنية لكليهما، واستفادة كليهما من خطاب الطرف الآخر وتكتيكاته.