أوّل الكلام آخره:
- تسعى إدارة ترامب إلى حل الخلاف القائم منذ ثلاث سنوات بين قطر وعدد من جيرانها في الخليج قبل الانتخابات الأمريكية في تشرين الثاني / نوفمبر.
- من شأن إنهاء هذا الخلاف أن يدعم جهود إدارة ترامب لعزل إيران والضغط عليها.
- تعرقل الإمارات العربية المتحدة حل الخلاف بسبب دعم قطر لحركات الإخوان المسلمين الإقليمية.
- في تموز / يوليو، صدر قرار عن محكمة العدل الدولية يدعم قطر، مما قد يمنح الإمارات العربية المتحدة فرصة للموافقة على إنهاء الخلاف.
بعد مرور ثلاث سنوات على الخلاف بين قطر من جهة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين من جهة أخرى، يتيح التقاء المصالح والتطورات الأخيرة فرصا لحل الخلاف. ومنذ بدء الخلاف في حزيران / يونيو 2017 مع إقفال السعودية والإمارات والبحرين مجالاتها الجوية ومعابرها الحدودية البرية ومياهها الإقليمية في وجه قطر، ما فتئت إدارة ترامب تسعى إلى التوسط لحل الخلاف، ولكن دون جدوى حتى اليوم. على أن دول الخليج المتورطة في هذا الخلاف هي جميعها شريكة مقربة من الولايات المتحدة، وجميعها تستضيف منشآت عسكرية تستخدمها الولايات المتحدة لاستعراض قوتها في المنطقة وتحجيم إيران وردعها. وإلى جانب الدول الأربع المتورطة في الخلاف، حافظت الكويت وسلطنة عمان، وهما أيضا في مجلس التعاون الخليجي وحليفان رئيسان للولايات المتحدة، على شكل من أشكال الحياد، وقد ساعدتا في التوسط من أجل الحفاظ على تحالف دول مجلس التعاون الخليجي الذي دام 40 عاما.
إن الخلاف بين دول مجلس التعاون الخليجي يحول حتى اليوم دون إعلان إدارة ترامب عن «التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط (ميسا)» الجديد، الذي يراد له أن يكون تحالفا بين الدول العربية السنية يتمحور حول دول مجلس التعاون الخليجي، ويمكنه أن يأخذ زمام المبادرة في احتواء التهديد المتزايد من إيران. وقد كانت الجهود الأمريكية للحد من التهديد الإيراني تحظى تاريخيا بدعم من الحزبين معا، ولكن هذا لا يمنع قيام بعض الخلاف داخل الدوائر الأمريكية حول دور المشاركة الدبلوماسية المباشرة في التخفيف من هذا التهديد.
ومع اقتراب انتخابات تشرين الثاني / نوفمبر 2020، صعّد الرئيس ترامب جهود الوساطة، على أمل تحقيق انفراجة دبلوماسية تمكنه من الإعلان عن نجاح بناء تحالف ضد إيران، الخصم الدائم للولايات المتحدة. وقد أسفرت جهود الرئيس ترامب وضغطه عن محادثات مباشرة بين السعودية وقطر في أوائل عام 2020، مما ولّد آمالا في تحقيق انفراجة وشيكة. وعلى الرغم من انهيار تلك المحادثات وفشل التوصل إلى اتفاق، فقد أشارت التقارير في حزيران / يونيو 2020 إلى أن خطة الولايات المتحدة لحل الخلاف تقترب من أن تؤتي ثمارها. ويعتزم الاقتراح الأمريكي، وهو الخطوة الأولى، إعادة فتح المجال الجوي السعودي والإماراتي والبحريني أمام الخطوط الجوية القطرية، مما يحرم طهران من 130 مليون دولار من المدفوعات السنوية من شركة الطيران للحصول على حقوق التحليق. وقد حكمت محكمة العدل الدولية في منتصف تموز / يوليو لصالح قطر بشأن شكوى تقدمت بها هذه الأخيرة مفادها أن إقفال المجال الجوي لدول مجلس التعاون الخليجي الثلاث أمام الرحلات الجوية القطرية يشكل انتهاكا لقانون الطيران المدني الدولي. وقد منح هذا الحكم الخطة الأمريكية زخما كبيرا، كما أن من المحتمل أن يمنح قادة الإمارات العربية المتحدة فرصة لحل الخلاف، إذا قررت القيادة التسوية.
ومع ذلك، يبدو أن إدارة ترامب عاجزة عن التغلب على اعتراضات القيادة الإماراتية على حل لا يلبي مطالبها الأساسية بشكل كامل. ولا تزال الإمارات العربية المتحدة مستمرة بالضغط على حليفتها الرئيسة، المملكة العربية السعودية، لئلا تقبل الخطة الأمريكية لإنهاء الخلاف؛ إذ تصر الإمارات على أن أي تسوية تتطلب من قطر إنهاء دعمها لفروع حركة الإخوان المسلمين، التي يرى ولي العهد محمد بن زايد آل نهيان فيها تهديدا للوضع الإقليمي الراهن ولبنية السلطة الوراثية في ممالك الخليج. ومن مطالب الإمارات أيضا أن تقطع قطر علاقتها الاستراتيجية مع تركيا التي دعمت، مثل قطر، فروع الإخوان في مصر وليبيا وسوريا ودول أخرى. وقد رفضت قطر باستمرار تقديم تنازلات كبيرة بشأن سياستها الخارجية، واصفة هذه المطالب بأنها انتهاك غير مقبول لسيادتها. ولطالما نظرت قطر إلى حركة الإخوان على أنها وسيلة لتحديث السياسة الإقليمية من خلال دمج الإسلاميين في العملية السياسية السلمية، لا على أنها حركة متمردة. ومع ذلك، فإن رفض الإمارات العربية المتحدة قبول حل توسطت فيه إدارة ترامب للخلاف قد يحدث شرخا بين أبو ظبي وواشنطن، إذ قد يرى البعض في البيت الأبيض أن موقف الإمارات المتشدد من قطر يحرم الرئيس ترامب من فرصة تحقيق نجاح دبلوماسي كبير قبل انتخابات تشرين الثاني / نوفمبر. وإذا استمرت الإمارات في فقدان نفوذها في الإدارة الأمريكية، فقد تقرر قبول حل الخلاف الخليجي، حتى لو تطلب ذلك المساومة على مواقفها.