أوّل الكلام آخره:
- شجعت دبلوماسية بايدن مع إيران بعض الكيانات على زيادة المعاملات الاقتصادية معها.
- على الرغم من التحذيرات الأمريكية من أنها ستفرض عقوبات على انتهاك نظام العقوبات، إلا أن الصين تزيد وارداتها من النفط الإيراني بشكل كبير.
- يبدو أن توجّه صندوق النقد الدولي نحو الموافقة على طلب قرض إيراني يحمل دعما أمريكيا ضمنيا.
- تنظر إدارة بايدن في الإفراج الجزئي عن بعض أصول النقد الأجنبي الإيراني، وترى في ذلك خطوة نحو العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة التي أقرت عام 2015.
أعربت إدارة بايدن عن عزمها على الانضمام مرة أخرى إلى الاتفاق النووي الإيراني المتعدد الأطراف الذي أقر عام 2015، لكنها أبقت رسميا على جميع العقوبات الأمريكية التي شكلت الأساس في استراتيجية إدارة ترامب المتمثلة في حملة «الضغوط القصوى» على الجمهورية الإسلامية. وقد ناقش الدبلوماسيون الأمريكيون علنا الخطوات المتبادلة الأمريكية والإيرانية التي يمكن اتخاذها تدريجيا على طريق العودة المتبادلة إلى الامتثال الكامل للاتفاق النووي. ولكن حتى اليوم، ترفض إيران العرض الأمريكي لبدء عمل دبلوماسي مباشر لوضع خارطة طريق لإحياء الاتفاق النووي. ومع ذلك، فُسّر التحول السياسي الأمريكي تجاه إيران، عن قصد أو عن غير قصد، على أنه إشارة إلى الشركات والبلدان والمؤسسات الأخرى في جميع أنحاء العالم بأن تداعيات انتهاك العقوبات الأمريكية لا تشكل الخطر الذي كانت تشكله في ظل إدارة ترامب. فضلا عن ذلك، يبدو أن إدارة بايدن تبحث في بعض الفرص المحتملة لتخفيف العقوبات، في حالات محددة، في محاولة لإعادة بناء ثقة إيران بأن الولايات المتحدة ستلتزم فور إعادة إحياء الاتفاق.
وقدرت الصين أن مخاطر تحدي ما كان يشكل الأساس في سياسة إدارة ترامب السابقة المتمثلة في حملة «الضغوط القصوى»، وهي العقوبات الصارمة على الصادرات الإيرانية من النفط، قد انخفضت. وفي آذار / مارس 2021، وفقا لتقويمات اتجاهات الطاقة العالمية، تستورد الصين ما يقارب 900,000 برميل من النفط الإيراني يوميا. وقد ظلت الصين مشتريا ثابتا للنفط الإيراني حتى بعد أن أعادت إدارة ترامب فرض عقوبات في أيار / مايو 2019 تهدف إلى «تصفير» صادرات النفط الإيرانية. وبهدف تجنب فرض العقوبات الأمريكية، اكتفت الصين باستيراد ما بين 300 إلى 400 ألف برميل يوميا حتى هذا الشهر. ويمثل استيراد 900,000 برميل يوميا تحديا واضحا لهيكل العقوبات الأمريكي، لأن هذا المستوى من الواردات الصينية وحده يمكن أن يوفر لإيران إيرادات كافية (تعادل نحو 1.5 مليار دولار شهريا) للتشدد في مطالبها من الولايات المتحدة على طاولة المفاوضات النووية. وقد هدد مسؤولو إدارة بايدن بفرض عقوبات إذا استمرت الصين في استيراد النفط الإيراني بهذه الكميات الكبيرة. وقد ينظر قادة الصين إلى تهديد الولايات المتحدة على أنها تهديدات فارغة، لأن فرض عقوبات على واردات النفط الإيرانية إلى الصين من شأنه أن يشكك قادة طهران في صدق إدارة بايدن في التزامها المعلن بتجديد الدبلوماسية النووية.
ويبدو أن تخفيف بعض العقوبات الأخرى يمثل محاولة من إدارة بايدن لتقديم شيء بسيط يمكن أن يشكل جزءا من سلسلة من الخطوات الأمريكية والإيرانية نحو استئناف الامتثال للاتفاق النووي الذي أقر عام 2015. وقد صرح مسؤولو صندوق النقد الدولي في شباط / فبراير بأنهم بدأوا دراسة طلب إيران الذي تقدمت به في أيار / مايو 2020 للحصول على قرض بقيمة 5 مليارات دولار لتمويل الواردات الطبية المتعلقة بالكورونا. وبشكل عام، يعمل صندوق النقد الدولي بتوافق آراء أعضاء مجلس إدارته الرئيسيين، ولذلك فإن معارضة الإدارة الأمريكية السابقة للقرض كانت كافية لإيقاف أي إجراء بشأن طلب إيران. ومن الممكن تفسير قرار صندوق النقد الدولي دراسة هذا الطلب على أنه إدراك بأن إدارة بايدن في إطار مساعيها الدبلوماسية مع إيران ستتخلى عن معارضتها للقرض.
وتفيد التقارير بأن الولايات المتحدة قد تحفز طهران لبدء محادثات حول العودة المتبادلة إلى الامتثال الكامل للاتفاق النووي من خلال تخفيف جوهري لعقوباتها. ووفقا لتقارير صحفية في شباط / فبراير، تدرس إدارة بايدن تقديم الإعفاءات اللازمة من العقوبات والتراخيص الخاصة التي ستكون مطلوبة للبنوك في العراق وعمان وكوريا الجنوبية لتحرير مليار دولار من أصول البنك المركزي الإيراني المحتفظ بها في كل بلد من تلك البلدان. وبحسب ما ورد، ستحول الأموال إلى «قناة إنسانية سويسرية» خاصة أنشئت خلال عهد إدارة الولايات المتحدة السابقة، وهدفها توفير شراء المواد الغذائية والطبية لإيران، ولكنها لم تجر إلا عددا قليلا من المعاملات حتى اليوم. وقد ذكر تقرير مركز صوفان الأخير إمكانية تحرير بعض الأصول المختارة، بوصفها خطوة محتملة من خطوات بناء الثقة التي يمكن أن تتخذها إدارة بايدن. ومن الواضح أن الدول والمؤسسات والشركات تراهن على أن إيران والولايات المتحدة ستعودان إلى التنفيذ الكامل للاتفاق النووي الذي أقر عام 2015 في أقرب وقت، وهي جميعا تستعد اليوم لعودة إيران إلى الاقتصاد العالمي.