أوّل الكلام آخره:
- تجهز إيران حلفاءها الإقليميين بأنظمة جوية مسلحة بلا طيار لمساعدتهم على استعراض قوتهم نيابة عن طهران في مواجهة الخصوم المشتركين.
- في يونيو ويوليو، استخدم حزب الله اللبناني طائرات استطلاع جوية بلا طيار قدمتها إيران للتصدي لمحاولة إسرائيل تطوير حقول الغاز الطبيعي البحرية في المياه المتنازع عليها.
- ساهمت هجمات الحوثيين بطائرات مسيرة على السعودية والإمارات في قرار الدولتين الخليجيتين دعم وقف إطلاق النار في اليمن.
- تبيع إيران طائرات بلا طيار قادرة على القتال للعديد من المشترين وقد بدأت في إنتاج بعض نماذجها المتقدمة في طاجكستان.
في 2 يوليو، طيّر حزب الله اللبناني – المعادي لإسرائيل – ثلاث طائرات مسيرة إيرانية غير مسلحة باتجاه حقل غاز كاريش البحري، الواقع في المياه المتنازع عليها بين إسرائيل ولبنان. وزعم مسؤولو دفاع إسرائيليون أن إحدى الطائرات بدون طيار أسقطتها طائرة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي من طراز F-16، وأن الطائرتين الأخريين قد اعترضتهما صواريخ أرض-جو أطلقتها السفن. وأردف المسؤولون أنه في 29 يونيو، أسقط الجيش الإسرائيلي طائرة مسيرة أخرى تابعة لحزب الله كانت فوق المياه اللبنانية ولكن نُظر إليها على أنها تهديد محتمل للأصول الإسرائيلية. واتهم وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، صراحةً إيران بتقديمها الأنظمة، قائلًا: «استخدم حزب الله الطائرات الإيرانية بلا طيار في عمليته ضد كاريش… يجب أن يقال إن حزب الله ينفذ مهام لإيران، وأسلحته أسلحة صنعت في إيران سواء صنعت بالفعل هناك، أو نيلت المعرفة التي تمكنه من صناعتها هناك». وبعد عمليات الاعتراض، حذر الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، إسرائيل من استخراج الغاز من حقل غاز كاريش – وهو خزان غاز طبيعي يقع في شرق البحر المتوسط – قبل أن يضمن لبنان حقوقه في الموقع. ومضى نصر الله ليضيف بشكل واضح، «كل الأهداف البرية والبحرية لإسرائيل في مرمى صواريخ حزب الله».
وقد جاء استخدام حزب الله للطائرات المسيرة وسط تقارير عن إحراز تقدم في المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة لحل النزاع الحدودي البحري بين لبنان وإسرائيل، بما في ذلك حل محتمل قد يسحب فيه لبنان مطالبته بأي جزء من مياه حقل كاريش مقابل تنازلات إسرائيلية في مواقع أخرى. وبدا أن طلعات حزب الله بطائرات بلا طيار تشير إلى معارضته لأي تنازلات لبنانية بشأن كاريش. وعلى نطاق أوسع، سعت قيادة حزب الله إلى التأكيد على أن الحزب – مدعومًا بالإمدادات الوفيرة من الأسلحة التي يتلقاها من طهران – لا يزال يمثل قوة صنع القرار الرئيسية في البلاد. وتساعد قعقعة حزب الله على استنفار أولئك في لبنان الذين يجادلون بضرورة نزع سلاح الحزب من أجل منعه من إثارة حرب بشكل مستقل من شأنها أن تؤثر سلبًا على الوضع الأمني والاقتصادي لجميع اللبنانيين.
وربما يكون قرار حزب الله باستخدام الطائرات بدون طيار التي قدمتها إيران لتحدي إسرائيل قد تأثر بالنجاح الذي حققه الحوثيون المدعومون من إيران في مواجهة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من خلال ضربات الطائرات بلا طيار. ففي أوائل عام 2022، شن الحوثيون عدة ضربات كبيرة بطائرات بلا طيار على أهداف في المملكة العربية السعودية ومنشآت بالقرب من مطار أبو ظبي الدولي في الإمارات العربية المتحدة. ومثّل استخدام الطائرات بلا طيار ضد السعودية تطورًا في التهديد الذي يشكله الحوثيون، الذين كانوا يعتمدون في السابق على الصواريخ الباليستية التي قدمتها إيران لضرب المملكة. ومثلت ضربات الطائرات بلا طيار على الإمارات تطورا أكثر أهمية، بالنظر إلى المسافة بين اليمن والأهداف في الإمارات والتداعيات السياسية الكبيرة الناجمة عن الهجوم. وزعزعت الضربات التي راح ضحيتها ثلاثة أشخاص ثقة الإمارات بقدراتها الرادعة رغم تمكنها من اعتراض بعض الطائرات المسيرة. وأشار قادة الإمارات أيضًا إلى أن امتناع الأمريكيين عن الرد على الهجمات يشكك في استعداد الولايات المتحدة وقدرتها على حماية الإمارات من المزيد من الهجمات المدعومة من إيران. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه المخاوف قد دفعت الإمارات نحو الروس على الرغم من الضغط الأمريكي القوي لدعم أوكرانيا في مجلس الأمن. وقد ساهمت هجمات الحوثيين بطائرات بدون طيار بلا شك في قرار دول الخليج دعم الهدنة في اليمن التي بدأت في 2 أبريل وما زالت تمدد منذ ذلك الحين.
وفي العراق، مكنت الطائرات بلا طيار التي زودت بها طهران حلفاءها من التأثير على النتائج السياسية. ففي نوفمبر 2021، بعد شهر واحد من الانتخابات الوطنية التي كان أداء المرشحين الموالين لإيران فيها ضعيفًا، ضربت الميليشيات المدعومة من إيران منزل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بطائرة بلا طيار محملة بالمتفجرات. وتسبب الهجوم في أضرار مادية وجرح عدد من حراس الأمن في الموقع لكنه لم يلحق ضررا برئيس الوزراء. ومع ذلك، أظهر الهجوم تصميم الميليشيات وداعميها في طهران على الإطاحة بالكاظمي أثناء عملية تشكيل الحكومة. واعتبارًا من أوائل أغسطس، يبدو أن الجماعات المدعومة من إيران تستعد لتشكيل حكومة يتربع على المناصب القيادية العليا فيها قادة موالون لإيران.
ويستشهد القادة الإيرانيون باستخدامهم واستخدام حلفائهم الفعال للأنظمة الجوية الإيرانية بلا طيار لتسويق هذه الأنظمة في الخارج. ويمكن أن تساعد مبيعات الطائرات بلا طيار إيران في تحقيق إيرادات في وقت لا يزال اقتصادها يئن تحت ضغط العقوبات الأمريكية. وفي سياق زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طهران في يوليو، صرح مسؤولون أمريكيون أنهم يراقبون إمكانية قيام إيران بتزويد روسيا ببعض طائراتها القتالية الأكثر تطورًا، حيث تسعى موسكو إلى تجديد ترسانة أسلحتها التي استنفدت بسبب حربها على أوكرانيا. وفي أواخر عام 2021، عندما كانت القوات الإثيوبية تقاتل المتمردين المتمركزين في مقاطعة تيغراي، لاحظ الصحفيون طائرة بلا طيار إيرانية الصنع من طراز مهاجر-6 في قاعدة جوية إثيوبية. وفي مايو 2022، افتتحت إيران مصنعًا لإنتاج طائرات مسلحة متطورة بلا طيار في طاجكستان المجاورة، وهي دولة في آسيا الوسطى تتحدث الفارسية وتتحالف مع روسيا. وليس من الواضح ما إذا كان المصنع الموجود في طاجكستان سيشكل مصدرًا للطائرات بلا طيار التي قد تزود موسكو بها. وقد باعت إيران أيضًا أحد أكثر أنظمتها تقدمًا، المهاجر-2، إلى السودان وفنزويلا. وتتعاون فنزويلا مع طهران للتخفيف من تأثير العقوبات الأمريكية على كل من طهران وكراكاس، وقد اتخذت خطوات لتطوير برنامج محلي خاص بها للطائرات بلا طيار. وسواء تطورت صناعة الطائرات بلا طيار إلى صناعة رئيسية في إيران لأغراض التصدير أم لا، فمن المؤكد أن إيران ستستمر في تزويد أقرب حلفائها الإقليميين بهذه الأنظمة، والتي أثبتت فعاليتها في سعي طهران لإبراز قوتها في جميع أنحاء المنطقة. وقد كان احتمال استخدام الجماعات المسلحة غير الحكومية، ولا سيما الجماعات الإرهابية، للمسيرات مصدر قلق لعدة سنوات، وظهرت بعض التكهنات بشأن قرار لمجلس الأمن بهذا الخصوص قبل ظهور جائحة كوفيد-19. كما أولت الجهات الفاعلة الدولية الأخرى مثل المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب مزيدًا من الاهتمام باستخدام الجماعات الإرهابية المحتمل للطائرات بلا طيار، وقد يحرز هذا الموضوع بعض الإجماع الدولي على الرغم من البيئة الجيوسياسية المتصدعة في المجلس حاليًا.