أوّل الكلام آخره:
- فرضت إدارة ترامب عقوبات إضافية على إيران وسوريا وحزب الله اللبناني لإضعاف «محور المقاومة» الذي تقوده إيران.
- تهدف العقوبات المفروضة إلى عزل أعضاء المحور الذي تقوده إيران عن النظام المصرفي الدولي وخفض مواردهم المالية.
- لا يتوقّع للعقوبات أن تدفع أي عضو في المحور إلى تغيير أهدافه أو سلوكياته.
- يستطيع المحور التخفيف من تأثير العقوبات الأمريكية من خلال علاقاته مع روسيا والصين وفنزويلا وغيرها من الجهات الفاعلة.
في أيلول / سبتمبر، أعلنت إدارة ترامب عن فرض عقوبات جديدة تهدف إلى إضعاف أعضاء أساسيين في «محور المقاومة» الإقليمي الذي تقوده إيران. وكانت إيران قد كرّست جميع عناصر قوتها الوطنية لتمكين نظام الرئيس السوري بشار الأسد من الصمود في وجه التمرد الذي بدأ على مستوى البلاد عام 2011. وعاونها في هذا حزب الله اللبناني وهو أحد أهم القوى الإقليمية التي تدعمها إيران، وكان جناحه العسكري قد أسسه الحرس الثوري الإسلامي، ثم أًصبح الحزب من القوى الرئيسة في السياسة اللبنانية. وقد سعت إيران إلى ضمان ألّا يصل أي نظام إلى السلطة في سوريا يهدد حزب الله عبر الحدود أو يقف حجر عثرة أمام تسليح حزب الله عبر الأراضي السورية. ويمثل حزب الله نموذجا اسلاميا شيعيا يعدّ امتدادا إلى حد ما لنموذج الثورة الإسلامية في إيران. ومما يجدر ذكره أن الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد تعدّ فرعا من فروع الإسلام الشيعي.
وكما جاء في عدة إعلانات متوالية مستقلة للإدارة الأمريكية في أيلول / سبتمبر، فقد فرضت عقوبات على مجموعة واسعة من الكيانات والأفراد من إيران وسوريا وحزب الله. وقد استهدفت مجموعة من هذه العقوبات أكثر من عشرين فردا وكيانا إيرانيا عسكريا وأو مرتبطا بالبرنامج النووي، بموجب أمر تنفيذي جديد صدر في 21 أيلول / سبتمبر لمنع مبيعات الأسلحة الجديدة إلى إيران. وأضيفت القائمة إلى مئات الكيانات الإيرانية والكيانات التابعة لبلدان أخرى على اتصال بإيران التي سبق أن فرضت عليها عقوبات بموجب مجموعة واسعة من الأوامر التنفيذية السابقة. وفرضت الإدارة مجموعة أخرى من العقوبات استهدفت ضباطا عسكريين سوريين وممولين لعائلة الأسد، لإجبار «نظام الأسد وأعوانه على اتخاذ خطوات حاسمة لإنهاء حملة العنف الموجهة ضد الشعب السوري». وقد فرضت إدارة ترامب عقوبات منفصلة على شركات مرتبطة بحزب الله، وعلى مسؤول فيه، وعلى وزير لبناني سابق بسبب «استغلال حزب الله فساد النظام في لبنان تماما مثل الأحزاب الأخرى».
وتهدف العقوبات إلى تشويه سمعة الأفراد والكيانات المدرجة في لائحة العقوبات، وإلى ردع البنوك والمسؤولين العالميين عن التعامل معهم، والحد من مواردهم المالية. ومع ذلك، فمن المرجح أن يكون تأثير العقوبات محدودا نظرا للتفاعلات المحدودة لإيران ونظام الأسد وحزب الله مع النظام المالي العالمي، وغيابها التام عن السوق الأمريكية. وبالتالي، لن تؤدي أي من العقوبات الجديدة إلى تفكك محور المقاومة أو تغيير أهدافه، أو زعزعة استقرار النظام الإيراني أو نظام الأسد، أو الحد من تأثير حزب الله في السياسة اللبنانية.
إن الالتفاف على العقوبات الأمريكية هو ما يسعى المحور إليه في خطة عمله مع القوى الخارجية. وتتجنب إيران أثر العقوبات الأمريكية الواسعة النطاق، جزئيا، من خلال بيع مئات الآلاف من براميل النفط الخام يوميا إلى الصين، التي وقعت معها إيران مؤخرا اتفاقا استراتيجيا مدته 25 عاما. وصرحت كل من الصين وروسيا بأنهما ستبيعان أسلحة جديدة إلى إيران بعد 18 تشرين الأول / أكتوبر 2020 موعد انتهاء الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على مثل هذه المبيعات، حتى ولو فرض الأمر التنفيذي الأمريكي الجديد وغيره من العقوبات الأمريكية هذا الحظر مجددا. إن تدفق الإيرادات الصينية سيمكّن إيران من دعم نظام الأسد بشحنات النفط دون مقابل، والائتمانات، والاستثمارات في قطاع الزراعة والاتصالات في سوريا، وتقديم 700 مليون دولار سنويا لدعم حزب الله. ومن ناحية أخرى، لا تزال روسيا حاضرة عسكريا في سوريا، وتعمل مع الجيش السوري، والقوات المدعومة من إيران، وحزب الله لحماية نظام الأسد. ويعد هذا الحضور نوعا من أنواع التخفيف من الضغوط الأمريكية المفروضة على النظام للتوصل إلى حل سياسي من شأنه أن يعطي معارضي الأسد دورا في الحكم. ومن المؤكد أن حزب الله يستفيد من خلال عمله في المؤسسات اللبنانية من الاستثمارات والمساعدات المقدمة من العالم العربي إلى لبنان. وتساعد فنزويلا المحور من خلال تزويد إيران بالذهب، وهو مصدر ثمين للعملة الصعبة، مقابل البنزين الذي يحتاج إليه نظام نيكولاس مادورو بشدة. وفي اعتراف واضح بالعلاقة الوطيدة بين إيران وفنزويلا، أدرجت الإدارة الأمريكية في أيلول / سبتمبر مادورو على لائحة العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران بسبب «أنشطة مع إيران تتعلق بالأسلحة التقليدية وخاضعة للأمر التنفيذي الجديد المتعلق بالأسلحة التقليدية». ومن المرجح أن تستمر العلاقات بين أعضاء المحور وبينهم وبين القوى الخارجية في الحد من تأثير العقوبات الأمريكية على التحالف الذي تقوده إيران.