أوّل الكلام آخره:
- في 13 نيسان (أبريل)، أطلقت الناشطة الحقوقية نادية مراد باسي والمملكة المتحدة مدونةَ مراد لمساعدة الضحايا والناجين من العنف الجنسي في ساحات النزاع على تسجيل شهاداتهم سعيا لتحقيق المساءلة والعدالة.
- أبرزت الإحاطات المقدمة والشهادات الواردة من أوكرانيا استمرار استخدام العنف الجنسي سلاحا في الحرب، والعقبات الهائلة التي يواجهها الضحايا في التماس الدعم والعدالة.
- في سوريا والعراق، لم يكتف تنظيم داعش بحملات الإبادة الجماعية التي شنها على الإيزيديين، بل تجاوز ذلك إلى الاسترقاق الجنسي الممنهج والاتجار بالبشر، ولا تزال آثار ذلك تشكل حياة الضحايا والناجين.
- يجب على الجهات الدولية الجادة في مكافحة التفلت من العقاب اعتماد تدابير لتسجيل الشهادات وجمع الأدلة في الوقت المناسب جنبًا إلى جنب مع تدابير دعم الضحايا والناجين، دون أن ننسى المزيد من التدريب والتدابير الوقائية.
في 13 نيسان (أبريل)، أطلقت الناشطة الحقوقية والحائزة على جائزة نوبل للسلام نادية مراد باسي مدونة مراد لمساعدة الناجيات من العنف الجنسي في حالات النزاع على توثيق تجاربهن سعيا للحصول على الدعم والعدالة. وتمول المملكة المتحدة هذه المبادرة التي طوّرت بالتعاون مع المركز الدولي للتحقيقات الجنائية الدولية. ومدونة مراد هي مبادرة استشارية تهدف إلى الاتفاق على قواعد وممارسات تعتمد في جمع المعلومات وتوثيقها على النحو الذي يكون أفضل للناجين من العنف الجنسي المنهجي المتصل بالنزاعات. كما يتضمن «دليل الناجين» لمساعدة الأفراد على فهم حقوقهم بشكل أفضل والمطالبة بحمايتها أثناء عملية التوثيق.
وتعكس المناقشة السنوية في مجلس الأمن ما ورد في تقرير للأمين العام للأمم المتحدة لعام 2022، وفيه يُعرّف العنف الجنسي المرتبط بالنزاع على أنه أي شكل من أشكال «الاغتصاب، والاستعباد الجنسي، والإكراه على الدعارة، والحمل القسري، والإجهاض القسري، والتعقيم القسري، والزواج القسري… وأي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي على مستوى مماثل من الخطورة مما قد يقع على النساء أو الرجال أو الفتيات أو الأولاد، ومما يكون مرتبطا بشكل مباشر أو غير مباشر بالنزاع». جاءت هذه الجلسة في أعقاب جلسة سابقة دعت إليها ألبانيا وركزت على آثار الحرب في أوكرانيا على النساء والأطفال. ويشهد انتشار أعمال العنف الجنسي المروعة – ضد النساء والرجال والأطفال – في العديد من النزاعات، من إثيوبيا إلى سوريا إلى أوكرانيا، على استمرار استخدام هذه الاعمال تكتيكا عسكريا واستراتيجية لتدمير معنويات المجتمع وتماسكه.
وترسم الشواهد الواردة من أوكرانيا صورة لانتشار الاعتداء الجنسي والتعذيب، وتشير التقارير إلى أن الأطفال الصغار لم يسلموا من ذلك. ولا يزال الكثيرون في المجتمع الدولي يركزون على الأبعاد العسكرية للصراع والمواد المطلوبة لصد الغزو الروسي، ولكن برزت في وسط ذلك دعوات لبذل جهود مبكرة لجمع الأدلة وتسجيل الشهادات على نحو يسمح بتحديد الجناة وإدراجهم في آليات المساءلة المستقبلية. وربما لن يريح ذلك الضحايا على الفور، ولذلك فمن الضروري أن تضمن الجهات الفاعلة الوطنية والدولية على أرض الواقع أن يتلقى الضحايا والناجون الاهتمام والدعم الفوريين وألا تستبعد أو تهمش احتياجاتهم بحسب مقتضيات العمل العسكري. وقد يجد الضحايا والناجون في بعض المجتمعات صعوبة خاصة في التعبير عن تجاربهم أو طلب المساعدة أو إعادة الاندماج في المجتمعات التي قد تقصي أو تعزل الأطفال المولودين من العنف الجنسي أو المرتبطين بجماعات معادية.
في سوريا والعراق، تركت حملة الإبادة الجماعية التي شنها ويشنها تنظيم داعش على المجتمع الإيزيدي عدة آلاف في حالة صدمة بسبب أعمال العنف الجنسي، بما في ذلك عمليات الاختطاف والعبودية الجنسية والاتجار بالبشر والقتل – ولا يزال الآلاف في الأسر، وفقًا لمبادرة ناديا. وعلى الرغم من النتائج التي توصل إليها فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش (يونيتاد)، والتي تثبت أن داعش قد ارتكب إبادة جماعية وجرائم حرب، فإن المساءلة لا تزال بعيدة المنال في ظل عدد قليل جدا من المحاكمات الناجحة في الدول الغربية. ولا يزال العديد من المقاتلين الأجانب المرتبطين بداعش يقبعون في مخيمات مؤقتة مع أمل ضئيل في العودة إلى الوطن أو المساءلة، مما يؤخر آفاق التحقيقات والملاحقات القضائية في بلدانهم الأصلية. وتشير التقارير إلى أن وجود الأجانب فاقم أعمال العنف، وتجلى ذلك في الإدانة الأخيرة لعضو «فرقة البيتلز» في داعش الشافعي الشيخ لدوره في اعتقال الرهائن وتعذيبهم وقتلهم. ولا ننسى أن تنظيم داعش استخدم في دعايته لاستقطاب المقاتلين مسألة الاستعباد الجنسي ليشعل الغرائز الجنسية لديهم.
وقد أقرت الدول بأن «أعمال العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي جزء من الأهداف الإستراتيجية لبعض الجماعات الإرهابية وجزء من إيديولوجيتها، كما أنها تستخدم تكتيكا إرهابيا، وأداة لزيادة قوة الجماعات من خلال دعم التمويل والتجنيد و تدمير المجتمعات». ومع ذلك، فإن آليات الإنصاف محفوفة بالتحديات التي يواجهها الضحايا في تجاوز العقبات القانونية والإدارية. ويشير تقرير لمؤسسة بحثية تابعة لمجلس الأمن إلى أن قانون الناجين الإيزيديين الصادر في العراق في آذار (مارس) 2021 على سبيل المثال ينص على العديد من تدابير الدعم للناجيات من مجتمعات الإيزيديين والتركمان والمسيحيين والشبك، لكنه لا ينطبق على «النساء والفتيات الأخريات اللواتي تعرضن للعنف الجنسي في شكل زيجات قسرية من أعضاء داعش، كما أنها لا تتناول قضية الأطفال المولودين نتيجة الاغتصاب المرتبط بالنزاع». وفي عام 2016، تبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار 2331 الذي أقر «بالصلة بين الاتجار بالبشر والعنف الجنسي والإرهاب وأنشطة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية الأخرى»، وأشار إلى أن «أي شخص أو كيان يحول الأموال إلى داعش بشكل مباشر أو غير مباشر فيما يتعلق بمثل هذا الاستغلال والانتهاكات» سيكون مؤهلًا للإدراج تحت نظام عقوبات مكافحة الإرهاب «1267» للقاعدة وداعش. ومع ذلك، وحتى الآن، لا يبدو أن أي بلد قد اقترح إدراجًا على هذه الأسس.
يعد جمع الأدلة المتعلقة باستخدام العنف الجنسي في النزاع واستخدامه تكتيكا من تكتيكات الإرهاب، أمرًا بالغ الأهمية لضمان المساءلة. ومع ذلك، فمن الضروري حصول الضحايا والناجين على الدعم والإنصاف بشكل فوري. وعلاوة على ذلك، لا بد من مزيد من الاستثمار في تدريب جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة – بما في ذلك الجيش وأجهزة العدالة الجنائية والتشريعية – لتكون قادرة على منع هذه الانتهاكات والتخفيف من حدتها بشكل فعال. ولا يمكن عدّ أي مهمة ناجحة حقًا طالما كان على الضحايا والناجين الكفاح من أجل الاعتراف بمأساتهم وتلقي الدعم.