أوّل الكلام آخره:
- لطالما استخدم المتطرفون الألعاب الإلكترونية، التي تستحوذ على جمهور يقارب نحو 1,8 مليار إنسان حول العالم، لتجنيد أعضاء جدد وتقديم سرديات بديلة للجماهير البعيدة.
- ولجماعات العنصريين البيض تاريخ طويل من ابتكار ألعاب تنزع صفة الإنسانية من أعدائهم وتشجع أعمال العنف ضد الأقليات.
- استعانت جماعات عنيفة من العنصريين البيض مثل مجموعة أتوموافين ببروتوكول نقل الصوت عبر الإنترنت (المستخدم في تطبيقات الألعاب) للتواصل فيما بينها.
- ترى جماعات العنصريين البيض في الحجر المنزلي واستخدام أغلبية الناس للإنترنت فرصة فريدة لترويج تطبيقاتهم وتوسيع نطاق تمويلهم وزيادة أفراد مجموعاتهم فضلا عن تشجيع العنف في العالم الحقيقي.
وفرت ثقافة الألعاب التي تضم جمهورا متفاعلا يبلغ نحو 1.8 مليار شخص في جميع أنحاء العالم، سبلا لمجموعات واسعة من المتطرفين لتجنيد أعضاء جدد، وتمويل الأنشطة، ونشر سرديات مليئة بالكراهية، وتبادل الخبرات التكتيكية. ولا يعد استخدام الألعاب لإغراء الجماهير المحتملة طريقة جديدة، كما أنه لا يرتبط بمجموعة معينة من الجماعات الإرهابية. فالإرهابيون والمتطرفون العنيفون وكارهو النساء لم يكتفوا باختراق الألعاب السائدة، بل ابتكروا ألعابهم الخاصة بهم أو تكيفوا مع الألعاب الشعبية لتوسيع مجموعة الأعضاء الجدد المحتملين. وأشارت إحدى تسريبات إدوارد سنودن عام 2013 إلى أن حكومتي المملكة المتحدة والولايات المتحدة، منذ عام 2007 على الأقل، كانتا قلقتين من استخدام الإرهابيين للألعاب في التخطيط لهجماتهم وفي نقل الأموال. وفي عام 2018، قامت فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، وهي هيئة مراقبة حكومية دولية تركز على غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بإصدار تقرير عن «تمويل التجنيد للأغراض الإرهابية» أشار إلى استخدام الجماعات الإرهابية لتكنولوجيا ألعاب الفيديو بهدف التجنيد والتدريب. وقبل أكثر من عقد من الزمن، عدّل الجناح الإعلامي للقاعدة لعبة ابتكرتها شركة في كاليفورنيا تسمى «البحث عن صدام» إلى «البحث عن بوش». وفي لعبة تنظيم القاعدة، يبحر اللاعبون في مهمات ختامها معركة ضد الرئيس الأمريكي السابق. وعلى غرار تنظيم القاعدة، عدل تنظيم داعش اسم اللعبة المشهورة من «السرقة الكبرى GTA» إلى «صليل الصوارم».
ويشتهر المتطرفون العنصريون البيض منذ القدم، كالجماعات السلفية الجهادية، باستخدام الألعاب لنشر أيديولوجيتهم المليئة بالكراهية. وفي عام 2002، أنشأت مجموعة التحالف الوطني النازي الجديد (تحت علامتها المعروفة «سجلات المقاومة») لعبة يطلق فيها اللاعب النار، وسموها «التطهير العرقي»، وينخرط اللاعبون فيها في حرب عرقية تستهدف الأقليات. وبعد عام واحد، أصدر التحالف الوطني لعبة تسمى «القانون الأبيض» والتي تهدف إلى إيجاد عالم خال من الأقليات. وفي حين أن هذه الألعاب لم تدم طويلا، اندلعت الحركة الرجعية اليمينية لثقافة الألعاب عام 2014 مع ما أصبح يعرف باسم «جايمر جايت»، والتي وصف أتباعها الرجعيون صعودهم الشرس وهجومهم على الإنترنت على مطورة الألعاب النسائية، زوي كوين، بأنّه ردة فعل في زعمهم على الليبرالية والتي من شأنها أن تضعف هيمنة الذكور البيض في عالم الألعاب.
وتشكل الشبكات والتكتيكات والأيديولوجيات التي شاعت في جايمر جايت تهديدا مستمرا لعالم الألعاب. وتلقت كوين العديد من التهديدات بالقتل وتعرّضت حساباتها لهجومات متكررة كان كثير منها مدبرا على لوحات الحرية مثل 4Chan. وفي عام 2018، فصّلت تقارير نشرتها صحيفة بروببليكا عملية استفادة مجموعة أتوموافين النازية الجديدة وغيرها من جماعات العنصريين البيض من تطبيق المحادثة الصوتية الشهير ديسكورد، لتوصيل كتيبات صنع القنابل، والتآمر لأعمال العنف من خلال تجمعUnite the Right ، والثناء على قتل جماعات العنصريين البيض للطالب بليز برنشتاين. وقبل أن توقف ديسكورد هذه الاتصالات في أواخر شباط / فبراير 2018، تبادل أعضاء أتوموافين أكثر من 250,000 رسالة. وفي عام 2019، أصبح نطاق التهديد أكثر وضوحا بعد تحديد هوية جماعات العنصريين البيض على تطبيق روبلوكس، وهي منصة ألعاب عبر الإنترنت تضم أكثر من 100 مليون مستخدم. وعلى وجه التحديد، قامت جماعة «براود بويز» وهي جماعة فاشية شوفينية تروج للعنف، باستخدام تطبيق روبلوكس منصة لتجنيد أعضاء جدد والترويج لأيديولوجيتها المتعلقة بمفاهيم الرجولة السامة.
ومع بقاء معظم الناس في المنازل بسبب وباء كورونا، فإن أمام مجندي جماعات العنصريين البيض جمهورا واسعا للاغواء. وقد زادت نسبة الألعاب بشكل كبير خلال فترة الوباء مع انضمام الأعضاء الجدد إلى عالم الألعاب عبر الإنترنت. وخلال أسبوع واحد في أواخر آذار / مارس، وصلت مبيعات ألعاب الفيديو إلى 4.3 مليون لعبة في جميع أنحاء العالم، أي بزيادة مذهلة بنسبة 63٪ عن الأسبوع السابق. ولعلّ زيادة نسبة مستخدمي الألعاب المشفرة خلال فترة الوباء تكون إحدى التطورات الجديدة. وللّعب بمثل هذه الألعاب، على المستخدمين عبر الإنترنت الوصول إلى العملة المشفرة. وتستند معظم ألعاب التشفير إلى سلسلة كتل عملة الإيثيريوم، ووفقا للإحصاءات الأخيرة، زادت نسبة ألعاب التشفير 50٪ تقريبا في آذار / مارس، مع أكثر من 400.000 مستخدم نشط حاليا. ويثير هذا الاتجاه القلق لسببين. أولا، كما ذُكر أعلاه، لطالما استخدمت جماعات العنصريين البيض الألعاب للدفع نحو أجندتهم. وثانيا، لأنّ ريتشارد سبنسر، وهو قومي أبيض معروف، يطلق على البيتكوين اسم «عملة اليمين المتطرف». وأصبحت العملة المشفرة شكلا مهما من أشكال التبادل لجماعات العنصريين البيض منذ توقف شركات بطاقات الائتمان عن تقديم الخدمات والدفع لهم. وقد يسمح تزامن وباء كورونا مع العملة المشفرة والإقبال على الألعاب لجماعات العنصريين البيض بتصعيد جهودهم في التوظيف والخطابة والتمويل والعمليات التي إذا تركتها سلطات إنفاذ القانون دون أي رقابة فإنّها يمكن أن تعرّض أرواح الكثير من الأشخاص للخطر.