أوّل الكلام آخره:
- في قرار صدر مؤخرًا، وسعت المحكمة العليا الأمريكية حقوق حيازة السلاح المكفولة دستوريا.
- المحكمة تلغي قانونا صادرا عن ولاية نيويورك مضى عليه قرن من الزمان ينظم حمل الأسلحة النارية في الأماكن العامة.
- يمكن للحكم الأخير أن يثير التساؤل حول قوانين الولايات المختلفة التي تحاول الحد من حمل الأسلحة النارية في الأماكن العامة، كما يمكن له أن يقيد من قدرة وكالات إنفاذ القانون على مكافحة تجارة الأسلحة غير المشروعة.
- على الرغم من تزايد عمليات إطلاق النار الجماعية، فإن قرار المحكمة العليا الأخير وسع حقوق مالكي الأسلحة بدلا من تقييدها.
ينص التعديل الثاني لدستور الولايات المتحدة على أن «الميليشيا المنظمة بشكل جيد، ضرورية لأمن أي ولاية حرة، وحق الناس في الاحتفاظ بالأسلحة وحملها لا يجوز انتهاكه». ويواصل القرار الأخير الصادر عن المحكمة العليا الأمريكية في قضية ولاية نيويورك وجمعية البنادق ضد Bruen، رقم 20-843، الاتجاه المتمثل في توسيع حقوق حمل السلاح من خلال التأكيد على «لا يجوز انتهاكه» وإغفال «الميليشيا المنظمة بشكل جيد». بالنسبة لأولئك الذين يعتقدون أن المزيد من الأسلحة هو النهج المناسب للحد من جرائم الأسلحة، فإن قرار المحكمة يعد تطورًا إيجابيًا وخطوة أخرى نحو إلغاء كل مرسوم أو قانون ينظم حمل الأسلحة. وبالنسبة للآخرين، يعد القرار خطوة في الاتجاه الخاطئ نفسه الذي يتسبب يوميا بأخطار كبيرة على الحياة العامة في أمريكا.
وفي أمريكا اليوم من قطع السلاح ما يزيد عن عدد الأمريكيين، فقد أغرقت سنوات من مبيعات الأسلحة النارية القياسية الشوارع بالبنادق، مما أدى حتما إلى زيادة الاستخدام وتصاعد العنف. وقد بيعت أكثر من 19 مليون بندقية في الولايات المتحدة في عام 2021. ولم يقلل تدفق مبيعات الأسلحة من العنف المسلح، وهي على أي حال حجة واهية وإن احتج بها العديد من مؤيدي البنادق. وقد مات ما يقرب من 45000 أمريكي في عام 2020 من البنادق: 24292 بالانتحار و19384 بالقتل. وقد زادت معدلات جرائم القتل في المدن الأمريكية، وفي المناطق التي تفتقر إلى القوانين الفعالة المنظِّمة لحمل السلاح. إن امتلاك سلاح يزيد بشكل كبير من خطر التعرض للإصابة أو القتل بنيران الرصاص. كما تزيد سهولة الوصول إلى الأسلحة النارية من احتمال تحول كل تفكير بالانتحار إلى انتحار بالفعل. ومن المهم أيضًا ملاحظة أنه وفقًا للمركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض، فإن عنف السلاح يؤثر بشكل غير متناسب على المجتمعات ذات الدخل المنخفض والطبقة العاملة في الولايات المتحدة. ولأن آثار العنف المسلح تتركز في المجتمعات المهمشة، فإن العديد من المؤيدين الرئيسيين لرفع القيود على حمل السلاح – بما في ذلك السياسيون – لا يشعرون بالآثار السلبية الناجمة عن زيادة توافر الأسلحة النارية.
والمفارقة انه في مواجهة العنف المتزايد باستخدام الأسلحة النارية، تخلت العديد من الولايات الأمريكية عن كثير من شرائط الحصول على تصريح «للحمل الخفي» للأسلحة النارية؛ أي حمل سلاح ناري مخفي. وقام البعض، مثل جورجيا، بسن قوانين «حمل دستورية» تسمح بالحمل المخفي بدون تصريح في أي مكان تقريبًا. ويقوم الأساس المنطقي لمثل هذه القوانين على أنه من غير المرجح أن يقوم المجرمون بالمبادرة إلى تحصيل تصريح لحمل سلاح ناري مخفي في الأماكن العامة، ولذلك فإن القوانين لن تلزم إلا غير المجرمين وهؤلاء لا حاجة إلى فرض القيود عليهم. ولكن هذا الأساس المنطقي، وهو أن القوانين غير مجدية لأن المجرمين لا يطيعونها، يتجاهل حقيقة أن هذه القوانين تحديدا – أي القوانين التي تنظم الحمل الخفي – هي التي يستخدمها عناصر الشرطة على نحو استباقي بما يدرأ العديد من جرائم الأسلحة. فعندما يكون التصريح مطلوبًا ويلاحظ شرطي ما بعض المؤشرات التي تدل على أن شخصًا ما يخفي سلاحًا ناريًا يُسمح للشرطة بإجراء وقف استقصائي لتحديد ما إذا كان الفرد لديه سلاح ناري وما إذا كان مصرحا له بحمل سلاح ناري مخفي في الأماكن العامة. أما الآن، وفي حالات «الحمل الدستوري»، فسيتعذر ذلك. وعلى الرغم مما يدعيه مؤيدو إلغاء كل أشكال التنظيم لحمل الأسلحة النارية أو معظمها، فإن هذه التنظيمات هي أساس في ردع جرائم الأسلحة، وبدون تشريعات فعالة تقل قدرة وكالات إنفاذ القانون على حماية الجمهور بشكل كبير.
وتساعد قوانين الأسلحة أيضًا في تقليل العدد الإجمالي للبنادق في الشوارع. وعندما يكون الجميع مسلحين، فإن كل جدال أو خلاف يحمل في طياته خطر التحول إلى معركة بالأسلحة النارية. إن سهولة الوصول إلى الأسلحة ليس رادعًا للجريمة كما يصر البعض، فهذه ليست سوى حجة تستخدمها الحملات التسويقية العاطفية التي تسوقها مجموعات محمية إلى حد كبير من الآثار الضارة للعنف المسلح. وقد أشار نائب مفوض شرطة نيويورك جون ميلر في مقابلة أجريت معه مؤخرًا إلى أن الحمل الخفي غير المنظم لديه القدرة على تحويل الشوارع الأمريكية إلى «الغرب المتوحش». وهذا احتمال مثير للقلق بشكل خاص مع استمرار تصاعد الاستقطاب والعنف السياسي في الولايات المتحدة. وفيما يتزايد عدد الأمريكيين المشككين في جدوى الديمقراطية في البلاد وحتى بقائها، تستمر مبيعات الأسلحة النارية في الارتفاع. والجماعات المتطرفة اليمينية والإرهابيون المحليون في الولايات المتحدة الآن مدججون بالسلاح أكثر من بعض فروع تنظيم القاعدة وداعش بالنظر إلى السهولة النسبية للوصول إلى الأسلحة الفتاكة. ومواجهة هذه الجماعات يستلزم الكثير، ولكن تسهيل الوصول إلى الأسلحة النارية في وقت الاستقطاب السياسي الحاد يثير دهشة العديد من الأمريكيين، ناهيك عن حلفاء أمريكا وشركائها التجاريين.