أوّل الكلام آخره:
- تبحث إدارة بايدن فيما إذا كانت ستسحب القوات الأمريكية من أفغانستان بحلول الموعد النهائي المقرر في 1أيار / مايو أو إنها ستمدد بقاءها حتى تشرين الأول / نوفمبر 2021.
- حذرت طالبان، من موسكو، الولايات المتحدة من تمديد بقاء القوات بعد الموعد النهائي المقرر في شهر أيار / مايو.
- يختلف مسؤولو الأمن القومي الأمريكي فيما بينهم حول مدى التهديد الذي يشكله تنظيم القاعدة في أفغانستان فيما إذا حكمتها طالبان.
- على الرغم من كمية الدماء المراقة والأموال المهدورة على مدى عقدين من الزمن، فمن الواضح أن النفوذ الأمريكي يتناقص شهرا بعد شهر.
تبحث إدارة بايدن فيما إذا كانت ستسحب القوات الأمريكية من أفغانستان بحلول الموعد النهائي المقرر في 1أيار / مايو أو إنها ستمدد بقاءها حتى تشرين الأول / نوفمبر 2021. وبحسب ما ورد، قدم مسؤولو وزارة الدفاع للرئيس بايدن العديد من الخيارات، منها انسحاب جميع القوات في بداية أيار / مايو، أو الحفاظ على القوات في أفغانستان إلى أجل غير مسمى، أو تمديد الموعد النهائي للانسحاب حتى تشرين الثاني / نوفمبر. غير أن خيار البقاء لستة أشهر أخرى يستدعي السؤال عمّا ستتمكن الإدارة الأمريكية من إنجازه في ستة أشهر مما لم تتمكن من إنجازه على مدى السنوات العشرين الماضية. ويعترف جميع أطراف النزاع بأن طالبان لم تلتزم بتعهداتها في الاتفاق. ولا يزال معدل العنف مرتفعا في جميع أنحاء البلاد، ولا مؤشرات على أن طالبان لديها النية أو تخطط للانفصال بأي شكل ذي بال عن القاعدة. ووفقا لإدموند فيتون براون، المسؤول عن فريق الدعم التحليلي ورصد العقوبات التابع للأمم المتحدة، فإن «القيادة العليا للقاعدة لا تزال تحت حماية طالبان»، وتوقف طالبان عن حماية القاعدة في أي وقت في المستقبل لا يزال موضع شك. ومع إدراك جميع الأطراف في المفاوضات أن واشنطن حريصة على سحب قواتها من أفغانستان في المستقبل القريب، يتضاءل الحافز الذي يدفع طالبان للتخلي عن القاعدة.
وقد أشار السيناتور جاك ريد، رئيس لجنة الخدمات المسلحة، إلى أن «الانسحاب في غضون عدة أشهر اليوم هو جهد صعب للغاية ومزعزع للاستقرار». ومع ذلك، فقد أصدر فريق من قيادة طالبان يحضر مؤتمرا في موسكو يهدف إلى الجمع بين القوى الرئيسية المشاركة في المفاوضات الجارية تحذيرا للولايات المتحدة بشأن تمديد بقاء القوات بعد الموعد النهائي في أيار / مايو. وحضر مبعوث السلام الأمريكي زلماي خليل زاد المحادثات في موسكو، وكذلك ممثلو طالبان والحكومة الأفغانية وباكستان وإيران والهند والصين. ودعت هذه القوى الإقليمية نفسها طالبان إلى تجنب هجومها السنوي الربيعي، والتركيز بدلا من ذلك على إيجاد طريقة للمضي قدما في تسوية سياسية تفاوضية. وفي الشهر المقبل، ستستمر المفاوضات، التي ستستضيفها تركيا، حيث ستركز المناقشات على تدابير بناء الثقة، بما في ذلك وقف إطلاق النار واقتراح اتفاق لتقاسم السلطة. وقد عدت تركيا قرار الولايات المتحدة التواصل معها لاستضافة هذه المرحلة المهمة من المفاوضات نصرا هاما لها، ولا سيما أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يبدو عازما على لعب دور بارز في الشؤون الدولية. كما طلبت الولايات المتحدة من الأمم المتحدة عقد اجتماع رفيع المستوى للقوى الإقليمية.
ويجادل بعض مؤيدي انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان بأن خطر القاعدة قد تلاشى وأنها لم تعد تشكل تهديدا داخل حدود الولايات المتحدة. فقيادة التنظيم قد صفّيت، وعلى الرغم من أنه سيظل على الأرجح تهديدا، إلا أن تضاؤل قدراته التنظيمية والتشغيلية يعني أن الولايات المتحدة يمكنها سحب قواتها دون خوف من أن تعيد القاعدة بناء بنيتها التحتية للعمليات الخارجية. أما الذين يدافعون عن ضرورة البقاء في أفغانستان، فيرون أن رفض طالبان الانفصال عن القاعدة، سيجعل من أفغانستان إذا زاد نفوذ طالبان فيها مرة أخرى ملاذا آمنا لتنظيم القاعدة والجهاديين الآخرين للتواصل والتدريب والتخطيط لهجمات كبرى. كما أن النقاش حول شبكة حقاني قد أُخفت رغم أن هذه المجموعة واحدة من أقوى التهديدات الإرهابية في أفغانستان. ويعمل سراج الدين حقاني، زعيم شبكة حقاني، الذي صنفته الولايات المتحدة على لائحة الإرهاب العالمي، نائبا لأمير طالبان وهو من كبار القادة العسكريين للجماعة.
ومؤخرا، شاركت الولايات المتحدة اقتراحها الداعي إلى تشكيل حكومة انتقالية في إطار مشروع اتفاق سلام في أفغانستان. ومع ذلك، تبدو آفاق التوصل إلى اتفاق مستدام لتقاسم السلطة محدودة للغاية. ولا يتوقع كثير من المراقبين أن تتوصل طالبان والحكومة الأفغانية إلى اتفاق، وبالتأكيد ليس بحسب الجدول الزمني المستعجل الذي تريده إدارة بايدن. وعلى الرغم من كمية الدماء المراقة والأموال المهدورة على مدى عقدين من الزمن، فمن الواضح أن النفوذ الأمريكي يتناقص شهرا بعد شهر. وفي الوقت نفسه، تعزز القوى الإقليمية، وخاصة روسيا وإيران، نفوذها في أفغانستان. ومع اقتراب الذكرى السنوية العشرين لـ 11/9، فلا شك أن حرارة النقاش سترتفع من جديد حول «الحروب التي لا تنتهي» أو ما يسمى بـ«الحروب الأبدية».