أوّل الكلام آخره:
- استنفر الأمريكيون قوّاتهم في الخليج الفارسي ووضعوها في حالة تأهب لفترة وجيزة بسبب المناورات العسكرية الإيرانية «الرسول الأعظم».
- يشير الاستنفار الشديد الأخير إلى أن القوات الأمريكية تأخذ التهديد الإيراني على محمل الجد، على الرغم من مزاعم إدارة ترامب بأن العقوبات الأمريكية تعيق القدرات العسكرية الإيرانية.
- في إطار المناورات العسكرية الأخيرة، أعلن فيلق القدس في الحرس الثوري الإسلامي الإيراني عن أن القمر الصناعي «نور» التابع له في حالة تشغيل عملياتي كما أنه أطلق صواريخ باليستية من صوامع صلبة تحت الأرض.
- تستشهد إدارة ترامب بالنشاط العسكري الإيراني لتعزيز جهودها التي لم تنجح حتى اليوم لتمديد حظر الأمم المتحدة على نقل الأسلحة إلى إيران والذي ينتهي في تشرين الأول / أكتوبر.
في أواخر تموز / يوليو، أطلقت إيران مناوراتها العسكرية الجوية والبحرية والبرية «الرسول الأعظم 14» التي استمرت أسبوعا كاملا، مع أنشطة إضافية تهدف إلى إبراز التقدم في القدرات التكنولوجية العسكرية الذي تحققه إيران. وتمثل الحدث الرئيس في المناورات في شن هجمات بالصواريخ، وإطلاق مباشر للنار، وهجمات الكوماندوز التي تنقلها الطائرات المروحية على نموذج حاملات الطائرات الأمريكية من طراز نيميتز التي تنشرها البحرية الأمريكية في الخليج الفارسي. وعلى الرغم من إشارة المصادر إلى أن هجمات الحاملة لم تكن ناجحة تماما، إلا أن إطلاق إيران للصواريخ الباليستية على الحاملة النموذجية جعل القوات الأمريكية في القاعدتين الخليجيتين في «حالة تأهب قصوى» واختباء لفترة وجيزة. وتستضيف قاعدة الظفرة الجوية في دولة الإمارات العربية المتحدة وقاعدة العديد الجوية في قطر، وهي أكبر قاعدة جوية تستخدمها القوات الأمريكية في المنطقة، حوالي 13,000 فرد من أفراد القوات الجوية الأمريكية. وتشكل القوات المنتشرة في تلك القواعد أساس القوة الأمريكية في المنطقة. وخلال فترة التوترات المتصاعدة مع إيران في منتصف عام 2019، نشرت الولايات المتحدة في الظفرة مقاتلة أمريكية من طراز F-35، على الرغم من أنه من غير المعروف ما إذا كانت تلك الطائرة موجودة خلال فترة حالة التأهب القصوى. ويشير الاستنفار في القاعدتين إلى أن الولايات المتحدة تهاب بالفعل القدرة الصاروخية الإيرانية في ضوء الضربة الانتقامية التي شنتها إيران على قاعدة عين الأسد في العراق في كانون الثاني / يناير 2020. وكانت تلك الضربة، التي دمرت عدة مبان في القاعدة وتسببت بإصابات دماغية للمئات من القوات الأمريكية، ردّا على الضربة الأمريكية في أوائل كانون الثاني / يناير التي أودت بحياة قاسم سليماني قائد قوات القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني خارج مطار بغداد.
وقد تكون الإعلانات والادعاءات الإيرانية التي تزامنت مع المناورات العامل الأهم لتقديرات الولايات المتحدة للقوة الاستراتيجية الإيرانية. ونشرت إيران خلال التدريبات صورا تفصيلية من السماء لقاعدة العديد الجوية زعمت أن القمر الصناعي «نور» الذي أطلقه الحرس الثوري الإسلامي الإيراني في نيسان / أبريل 2020 قد التقطها. في ذلك الوقت، ادعى الجيش الأمريكي علنا أن «نور» ليست إلا كاميرا ويب عادية في الفضاء، مشيرا إلى أنها لم تكن قيد التشغيل. وتزعم بعض المصادر أن الصور الإيرانية لقاعدة العديد لم تكن من «نور»، بل كانت صورا تجارية متاحة. ولكن إذا صح أن القمر «نور» قد التقط هذه الصور بالفعل فإن ذلك يعني أن إيران تمتلك القدرة على مراقبة تحركات القوات الإقليمية الأمريكية عن كثب وعلى رصد تدابير الحماية التي تتبعها.
وفي نهاية أسبوع التدريبات، ضاعفت إيران من مخاوف الولايات المتحدة من خلال عرض لقطات للصواريخ الباليستية لـلحرس الثوري الإسلامي التي أطلقها من صوامع تحت الأرض في صحراء وسط إيران. وأظهر الحرس الثوري الإسلامي الإيراني بعض الصواريخ وهي تضرب نموذجا لنظام الدفاع عن منطقة الارتفاع العالي في منظومة الدفاع الجوي المضادة للصواريخ (ثاد)، وهو الذي يحمي المنشآت التي تعمل فيها القوات الأمريكية في جميع أنحاء الخليج. وتهدف اللقطات إلى إيصال رسالة مفادها أن الحرس الثوري الإسلامي الإيراني لديه القدرة اليوم على دفن قواته الصاروخية في حاويات صلبة مدفونة تحت الأرض بعمق مما يتطلب قصفا قويا لتدميرها، دون أن يعني مثل هذا القصف ضمان تدميرها.
إن عرض إيران للعتاد العسكري والقدرات المتعلقة بها خلال مناورات «الرسول الأعظم 14» يعزز وجهة نظر العديد من خبراء الأمن القومي الأمريكيين بوصف إيران بالخصم الاستراتيجي الهائل. ومع ذلك، فإن تباهي إيران قد يسهم في تعزيز جهود إدارة ترامب في إقناع حلفائها الأوروبيين بتمديد الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على عمليات نقل الأسلحة من إيران وإليها، والذي من المقرر أن ينتهي في 18 تشرين الأول / أكتوبر. لم تحرز إدارة ترامب تقدما يذكر، حتى اليوم، في بناء الدعم في مجلس الأمن الدولي لتمديد الحظر أو إقناع روسيا أو الصين بعدم استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لمنع التمديد. ولكن مع اقتراب الموعد النهائي المتاح لتمديد الحظر، قد تساعد مناورات «الرسول الأعظم» إدارة ترامب على القول بأن انتهاء الحظر سيضاعف التهديد الإيراني الاستراتيجي من خلال تمكينها من شراء طائرات مقاتلة جديدة بعيدة المدى ودبابات وغواصات ومركبات بحرية. وحتى لو فشلت إدارة ترامب في التوصل إلى تمديد للحظر الذي فرضته الأمم المتحدة، فقد تكون قادرة على أن تأتي بحل وسط توافق بموجبه روسيا والصين وغيرهما من مصنعي الأسلحة على فرض قيود طوعية على مبيعات بعض الأجهزة الجديدة إلى إيران.