أوّل الكلام آخره:
- أعلنت الشرطة الإيطالية مؤخرا أنها قد عطلت مخططا إرهابيا لجماعة يمينية متطرفة عنيفة كانت تعتزم تفجير قاعدة للناتو.
- تشعر السلطات الإيطالية، شأنها شأن نظيراتها في جميع أنحاء أوروبا، بقلق متزايد إزاء التطرف العنيف والإرهاب اليميني المتطرف.
- وفي سياق منفصل استدعت ألمانيا جنودا لها من بعثة الناتو في ليتوانيا بعد أن كشف التحقيق عن سلوك عنصري ومعاد للسامية وعنف جنسي.
- يجد الناتو نفسه هدفا للنازيين الجدد لأنه يمثل «العولمة»، وهي هدف متكرر للجماعات اليمينية المتطرفة.
في أوائل حزيران / يونيو، أعلنت شرطة كارابينييري الإيطالية أنها أفشلت مخططا إرهابيا كبيرا لجماعة يمينية متطرفة عنيفة إيطالية تعرف باسم التنظيم الآري الروماني، الذي يستوحي أعماله من معتقدات النازيين الجدد وجماعات العنصريين البيض. وتضمن المخطط، والذي يرتبط أيضا بأتباع اليمين المتطرف في البرتغال، تفجير قاعدة للناتو (لم يحدد اسمها)، باستخدام متفجرات محلية الصنع. وقد نظم المتطرفون أعمالهم عبر الإنترنت من خلال التواصل عبر فيسبوك وفكونتاكتي VK، وهي شبكة اجتماعية روسية. وفي رسائلهم المختلفة، نشر أعضاء المجموعة دعاية مستوحاة من النازية، وشمل ذلك استعادة نظريات المؤامرة المعادية للسامية والرسائل المتعلقة بإنكار المحرقة. وفضلا عن التخطيط لمهاجمة قاعدة الناتو، كثيرا ما حرض أعضاء التنظيم بعضهم بعضا على ارتكاب أعمال عنف ضد اليهود والمهاجرين. وقد سلط ماتيو بيريغو، النائب عن حزب فورزا إيطاليا في ائتلاف يمين الوسط، الضوء على أهمية إجراء تحقيق برلماني في خطر الإرهاب والتطرف الذي يشكله «المدار الجديد لليمين المتطرف».
وقد أعربت وزيرة الداخلية الإيطالية لوسيانا لامورجيس عن أسفها لنمو التطرف عبر الإنترنت في بلادها، وقالت إن المتطرفين اليمينيين العنيفين يستغلون الشباب عبر الإنترنت، ويعرفونهم على الأيديولوجيات المتطرفة ويشجعونهم على الانخراط في أعمال العنف. وسيحاكم الأفراد الذين قبض عليهم في إطار هذا المخطط الأخير بتهمة الانخراط الجرمي لنشر الدعاية والتحريض العرقي و التمييز العنصري. فالسلطات الإيطالية، شأنها شأن نظيراتها في جميع دول أوروبا، تشعر بقلق متزايد إزاء انتشار التطرف العنيف والإرهاب اليميني المتطرف في جميع أنحاء البلاد. ففي شباط / فبراير 2018، قام متطرف من الجماعات اليمينية يدعى لوكا تريني بإطلاق نار كثيف بدافع الكراهية للمهاجرين في مدينة ماسيراتا الإيطالية. ومنذ ذلك الحين، بدأ مؤيدو اليمين المتطرف في إيطاليا بتمجيد تريني. وفي ظل أزمة كورونا، عدّ حزبان إيطاليان من اليمين المتطرف، وهما العصبة وأخوة إيطاليا، الهجرة غير الشرعية أخطر تهديد لإيطاليا. إن مناهضة الهجرة ومعاداة العولمة هما من العوامل التي تربط اليمين المتطرف في إيطاليا بالتنظيمات المشابهة في دول أوروبا الأخرى.
وفي حادث منفصل، استدعت ألمانيا جنودا من الناتو في ليتوانيا بعد أن كشف تحقيق عن سلوك عنصري ومعاد للسامية. وقال وزير الدفاع الألماني أنغريت كرامب كارنباور إن سوء السلوك «سيعاقب بحزم». وقد ابتليت قوة الكوماندوز النخبة في ألمانيا بمزاعم حول وجود أفراد من الجماعات اليمينية المتطرفة في صفوفها، وخاصة بعد حادثة وقعت سنة 2020 أدت إلى تسريح وحدة تبين أن متطرفين يمينيين اخترقوها. وفضلا عن هذا، فقد ظهر تورط قوات من الشرطة الألمانية في المشاركة في مجموعات الدردشة اليمينية المتطرفة. وقد أثارت هذه القضايا القلق بين كبار المسؤولين العسكريين بشأن احتمالات هجوم من الداخل. ومع التعرف على المزيد من المتطرفين في الجيوش الغربية ووكالات الأمن، حصلت إعادة تقويم شاملة لمعايير التدقيق والسياسات والإجراءات المتعلقة بالسلوك السليم واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. أما في الولايات المتحدة، فقد اتهم الجندي إيثان ميلزر بارتكاب جرائم إرهابية عام 2020 لتخطيطه نصب كمين لوحدته الخاصة بعد أن أفادت التقارير أنه نقل تفاصيل حساسة تتعلق بجدول تحركات الوحدة إلى أفراد مرتبطين بمجموعة نازية جديدة تعرف باسم «الزوايا التسع». وكان ميلزر قد أرسل إلى منشأة عسكرية أمريكية في أوروبا في خريف عام 2019 أثناء تأديته الخدمة الفعلية.
وقد وجد الناتو نفسه هدفا لليمينيين المتطرفين لأنه انطلاقا من ضمه لقوات من ثلاثين دولة من أوروبا وأمريكا الشمالية، فهو يرمز إلى «العولمة»، وهي هدف متكرر للنازيين الجدد وجماعات العنصريين البيض الذين يكرهون ما يسمونه بـ«النظام العالمي الجديد». وأحد أبرز التحديات التي تقف أمام مواجهة التطرف اليميني هو اختلاف تعامل أعضاء الناتو معه. فالانقسام موجود بين الدول التي تنظر إلى مكافحة الإرهاب بشكل كلي، وبين غيرها التي لا تزال تركز بشكل خاص على المنظمات السلفية الجهادية والأفراد الذين يستوحون أعمالهم من الأيديولوجية الجهادية، أي الدول التي لا ترغب في النظر إلى المتطرفين اليمينيين العنيفين على أنهم تهديد إرهابي خطير. وقد يكون من الصعب سياسيا أيضا على الدول الأوروبية تحويل تركيز جهود مكافحة الإرهاب إلى التهديدات المحلية أو الإقليمية، فهذا قد يكون له انعكاساته في صناديق الاقتراع. وعلى الرغم من أن الجهاديين لا يزالون مصدر قلق كبير (وقد قبض على خلية تابعة لداعش من الطاجيك يعيش أفرادها في ألمانيا بتهمة التخطيط لهجوم على القواعد العسكرية الأمريكية وحلف الناتو في ألمانيا العام الماضي) إلا أن مشهد التهديد قد تغير. وفي بعض البلدان، أصبح التطرف اليميني العنيف اليوم يتساوى في خطورته مع الجماعات الجهادية وغيرها من الجماعات المتطرفة، وفي بعض الحالات طغى عليه، كما أن لديه القدرة على التوسع أكثر من خلال خطوط التواصل العابرة للحدود الوطنية.