أوّل الكلام آخره:
- أدت الهجمات الإرهابية المدمرة في أفغانستان هذا الأسبوع إلى إحداث صدمة في البلاد، فقد استهدف هجوم قسم الأمومة في مستشفى في كابول واستهدف آخر موكب جنازة في نانغارهار.
- تبنى تنظيم ولاية خراسان التابع لداعش الهجوم الذي استهدف الجنازة، ولكن حتى اليوم، لم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن هجوم المستشفى، وهو واحد من أكثر الأعمال الإرهابية وحشية في التاريخ الحديث.
- ولا شكّ أن للهجمات هذه تداعيات سلبيّة على عملية السلام الهشة أصلا.
- إذا استمر العنف وتداعت عملية السلام فإن الحرب الأهلية قد تعود إلى أفغانستان وهذا قد يجعل التعامل مع وباء كورونا صعبا للغاية، ولا سيّما مع تداعي البنية التحتيّة الصحية في أفغانستان.
أدت الهجمات الإرهابية المدمرة في أفغانستان هذا الأسبوع إلى إحداث صدمة في البلاد وتهديد عملية السلام الهشة أصلا. وقد أسفر الهجوم الأول، الذي تبناه تنظيم ولاية خراسان التابع لداعش، عن مقتل 24 شخصا وإصابة 68 آخرين في نانغارهار إثر تفجير انتحاري في جنازة لقائد شرطة محلية. وحضر الجنازة عدد من المسؤولين الحكوميين المحليين، كما أودى الانفجار بحياة أحد أعضاء مجلس المحافظة كما أفادت التقارير. أمّا الهجوم الآخر غرب كابول فيمثّل الوحشية المطلقة والشر الخالص، حيث اقتحم الإرهابيون جناحا للولادة في مستشفى لجمعية أطباء بلا حدود وقتلوا أطفالا حديثي الولادة وأمهاتهم ونساء حوامل. وبعد معركة استمرت أربع ساعات بين الإرهابيين وقوات الأمن الأفغانية، أزهقت أرواح بريئة لـ16 شخصا، من بينهم طفلان حديثا الولادة. ومن الصعب تصوّر بشاعة ما جرى حتّى على من اعتاد سماع أهوال عقود من الحروب الأفغانيّة.
وحتى اليوم، لم تتبنّ أي جهة الهجوم على قسم الولادة، على الرغم من تكهّنات العديد من المحللين أن التنظيم نفسه قد يكون المسؤول أيضا، لا سيما وأن المستشفى كان يخدم الهزارة والأفغان الشيعة في المقام الأول. ونظرا إلى الاستنكار العالمي للهجوم، والعجز عن تفسير هذه الأعمال، فقد لا تتبنّى الاعتداء أية جهة. ومن المحتمل أن تكون الهجمات ردا على اعتقال الاستخبارات الأفغانية العديد من كبار قادة التنظيم خلال الأسابيع القليلة الماضية.وفي أوائل نيسان/أبريل، ألقت القوات الأفغانية القبض على عبد الله أوروكزاي الشهير بلقب أسلم فاروقي وهو زعيم التنظيم مع اثنين آخرين من النشطاء الإرهابيين البارزين. وعلى الرغم من المزاعم الدورية للحكومة الأفغانية بأن التنظيم على وشك أن يهزم، إلا أنه أثبت قدرته على الصمود، وأقدم على شن هجمات لا يستهان بها بين الحين والآخر. وتشمل استراتيجية الإرهابيين اتباع أجندة طائفية ولذلك فكثيرا ما يستهدفون الشيعة الأفغان. وفي أوائل آذار / مارس، هاجم إرهابيو التنظيم تجمعا لأقلية الهزارة والأفغان الشيعة، مما أسفر عن مقتل 32 شخصا. وفي وقت لاحق من هذا الشهر، اقتحم مقاتلو التنظيم معبدا للسيخ، حيث فرضوا حصارا لمدة ست ساعات وقاموا بذبح 25 من المصلين الأبرياء.
وعلى الرغم من أن حركة طالبان نفت مسؤوليتها عن الهجومين، فقد أعلن الرئيس الأفغاني أشرف غني أن الجيش الأفغاني سيستأنف عملياته الهجومية ضد مسلحي الحركة. ووصفت حركة طالبان إعلان غني بأنه «إعلان حرب». وقد نفذ مقاتلو طالبان نهار الخميس، تفجير شاحنة استهدفوا به قاعدة للجيش الأفغاني في مدينة غارديز، مما أسفر عن مقتل خمسة مدنيين وإصابة 19 آخرين، بمن فيهم أفراد من الجيش. ولا شك أن للهجمات تداعيات سلبية على عملية السلام الهشة أصلا والتي لم يمض على التوقيع على خطتها بين الولايات المتحدة وحركة طالبان أكثر من ستة أسابيع، وهي خطة تهدف إلى إحراز تقدم ينهي تمرّد طالبان المستمر منذ ما يقارب العقدين. ومن المفترض أن تكون الخطوة التالية من عملية السلام هي الحوار الأفغاني الأفغاني بين الحكومة الأفغانية وطالبان، بيد أن المحادثات توقفت منذ شهور، حيث لم يتمكن الجانبان من التوصل إلى اتفاق حول معايير تبادل الأسرى المقترح.
وفي ظل تحديات وباء كورونا وتصعيد العنف مؤخرا، تضعف الآمال بتحسن الظروف عما قريب. فلا تزال أفغانستان من بين أفقر الدول في العالم، إذ لم تشهد إلا الإرهاب والتمرد وحكم أمراء الحرب لأكثر من أربعين عاما. وإذا استمر العنف وفشلت المحادثات، فقد تنزلق أفغانستان مرة أخرى إلى أتون حرب أهلية، الأمر الذي سيجعل مواجهة وباء كورونا أمرا شبه مستحيل، نظرا لضعف البنية التحتية للرعاية الصحية في البلاد. وهذا مثال آخر للآثار الإنسانية الناجمة عن الإرهاب والعنف في بلد لا يزال فيه المدنيون، بمن فيهم النساء والأطفال الصغار، الأكثر عرضة لأهوال هذا الصراع.