أوّل الكلام آخره:
- قتل جيش ميانمار، المعروف باسم تاتماداو، أكثر من 450 مدنيا منذ الانقلاب العسكري في 1 شباط / فبراير مما أدى إلى انتفاضة مدنية ردا على ذلك.
- إن الفظائع التي حصلت نهاية الأسبوع الماضي ليست إلا حلقة من سلسلة طويلة من جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها الجيش في ميانمار.
- على الرغم من حدوث بعض الانشقاقات في الجيش، فمن غير المرجح أن يتصدع الجيش نظرا لعقائدية عناصره.
- وحتى عندما كان اتفاق تقاسم السلطة ساريا في الظاهر، ظل الجيش يسيطر على أهم أجهزة الدولة.
قتل جيش ميانمار، المعروف باسم تاتماداو، أكثر من 450 مدنيا منذ الانقلاب العسكري في الأول من شباط / فبراير، مما أدى إلى انتفاضة مدنية ردا على ذلك. فقد خرج الملايين من الناس إلى الشوارع للاحتجاج على الانقلاب والدعوة إلى استعادة الديمقراطية، كما استحضر الكثيرون مبدأ «مسؤولية [القوى الأمنية] في حماية [الشعب]». وكان يوم السبت الماضي، من أكثر الأيام دموية في المظاهرات، إذ قتل أكثر من 100 مدني، بمن فيهم أطفال صغار. وأطلقت قوات الأمن النار على المناطق السكنية، وأحيانا على المنازل مباشرة، فضلا عن احتجاز آلاف السكان الآخرين وتعذيبهم. وعلى الرغم من العنف الفظيع ضد المدنيين، يواصل المتظاهرون الاحتجاج ضد المجلس العسكري، مطالبين بحكم ديمقراطي ذي مصداقية. ولا يتمتع المحتجون بالقوة المطلوبة للمواجهة، فهم يعتمدون على المقاليع والحجارة للدفاع عن أنفسهم من هجمات الجيش. ورغم سلمية معظم الاحتجاجات، أطلق الجيش النار على الحشود باستخدام الذخيرة الحية عشوائيا، حتى على الأطفال.
وقد انتشرت أعمال العنف في عشرات المدن والبلدات، بما في ذلك في يانغون وماندالاي، أكبر مدينتين في ميانمار. على أن الفظائع التي حصلت نهاية الأسبوع الماضي ليست إلا حلقة من سلسلة طويلة من جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها الجيش في ميانمار. وردا على الأحداث، فرضت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على التاتماداو. كما أصدر الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، بيانا يدين فيه العنف. وقد أيّد بيانه قادة الدفاع في أستراليا وكندا وألمانيا واليونان وإيطاليا واليابان والدنمارك وهولندا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة. كما علقت الولايات المتحدة اتفاقا تجاريا مع ميانمار، وأشارت الممثلة التجارية الأمريكية كاثرين تاي إلى أن التعليق، الذي يعد إجراء رمزيا، سيظل قائما حتى استرداد الديمقراطية.
وفي حين ظهرت بعض الانشقاقات في الجيش، يؤكد الخبراء أنه من غير المرجح أن تنشق أعداد كبيرة من جنود التاتماداو نظرا لعقائدية الجيش وقوة الدعاية فيه. ومن الواضح أن الجنود تحت المراقبة، حتى على وسائل التواصل الاجتماعي. إن جيش التاتماداو، الذي يتألف في المقام الأول، وإن لم يكن حصرا، من جنود من البوذيين من الإثنية ذات الأغلبية «بامار»، يشكل منذ فترة طويلة دولة داخل دولة. وعلى مدى عقود، استهدف الجيش مجموعات عرقية متعددة، بما في ذلك مسلمو الروهينغيا وأبناء عرقيات الكارين والكاتشين والراخين. ويشكل الرهبان البوذيون جزءا من قاعدة السلطة في ميانمار، ويتعاونون مع التاتماداو. وكثيرا ما يشير الجيش إلى الأقليات العرقية، التي تشكل حوالي ثلث سكان ميانمار، وإلى مؤامرات القوى الأجنبية بوصفها تهديدات محدقة. وقد ألقي اللوم في الاحتجاجات الأخيرة على الدور الأجنبي المزعوم.
وكما هو الحال في البلدان الأخرى التي يلعب فيها الجيش دورا كبيرا في المجتمع، بما في ذلك تركيا وباكستان، يسيطر الضباط العسكريون في ميانمار على مجموعة واسعة من المصالح التجارية. وحتى عندما كان اتفاق تقاسم السلطة ساريا في الظاهر، أي مع وجود مكوّن منتخب في السلطة، ظل الجيش متشبثا بشدة بأهم أدوات السلطة في ميانمار. ولا تزال أونغ سان سو تشي، زعيمة حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، فضلا عن شخصيات بارزة أخرى في حزبها تحت الإقامة الجبرية. وقد حاول الجيش في ميانمار تشويه سمعة المتظاهرين ووصفهم بالمجرمين والإرهابيين، كما اتهم قائد الانقلاب الجنرال مين أونغ هلاينغ سو تشي بالفشل في التحقيق في التلاعب بالانتخابات، الذي يزعم الجيش وقوعه.
وفي إشارة إلى تصعيد محتمل، شن التاتماداو في وقت سابق من هذا الأسبوع غارات جوية بالقرب من حدود ميانمار مع تايلاند، مما أدى إلى تدفق الآلاف من المدنيين عبر الحدود إلى تايلاند. وأفيد بأن الجنود التايلنديين أعادوا المدنيين إلى ميانمار. وقد وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الوضع في ميانمار بأنه «فظيع» وحث المجلس العسكري على «وقف القتل… ووقف قمع المظاهرات». ونظرا إلى أن بعض أعضاء مجلس الأمن الدائمين مثل الصين أو روسيا يتحفظ على اتخاذ أي قرار مؤثّر، فإن الأمم المتحدة تبقى عاجزة عن تقديم أي مساهمة ملموسة في حل الأزمة.