أوّل الكلام آخره:
- في يوم واحد فقط من الشهر الماضي، شطبت وزارة الخارجية الأمريكية خمس مجموعات إرهابية من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، أكثر مما فعلت في أي وقت في السابق في إجراء واحد.
- ألغت وزارة الخارجية هذا التصنيف عن عدد من الجماعات التي تعدّ اليوم جماعات منحلة لا وجود لها على أرض الواقع، وشمل ذلك أوم شينريكيو، أرض الباسك والحرية (إيتا)، كهانا حاي، الجامعة الإسلامية، ومجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس.
- قد تكون قرارات شطب الجماعات الإرهابية من قوائم المنظمات الإرهابية الأجنبية صعبة، ولا سيما أنها قد قتلت العديد من الأفراد على مدى فترة طويلة من الزمن، وهددت استقرار البلدان والمناطق.
- ويُعد حذف الجماعات المنحلة من قوائم الإرهاب أمرًا مهمًا لضمان حيوية استخدام العقوبات أداة في مكافحة الإرهاب.
في خطوة لم يسلط عليها الضوء كثيرا، أزالت وزارة الخارجية الأمريكية في أواخر أيار (مايو) خمس مجموعات إرهابية منحلة من قائمتها للمنظمات الإرهابية الأجنبية. في الوقت نفسه، أزالت وزارة الخارجية ستة أفراد متوفين كانوا مدرجين سابقًا على أنهم إرهابيون عالميون «بتوصيف خاص» (SDGT) وفقًا للأمر التنفيذي رقم 13224. ولئلا تلفت الوزارة الجمهور إلى القرارات، تجنبت إثارة الأمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واكتفت بإصدار بيان صحفي يشرح بالتفصيل الإلغاءات والأسباب الكامنة وراء مثل هذه الخطوة المهمة. ولا تزال هذه المجموعات مصنفة على أنها كيانات إرهابية عالمية «بالتوصيف الخاص»، مما يُخضعها لمستوى أقل صرامة من العقوبات. وقبل أيار (مايو) 2022، ومنذ إنشاء قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية في عام 1997، لم تشطب وزارة الخارجية سوى 15 مجموعة. ولذلك فإن قرار إزالة خمس منظمات إرهابية أجنبية في يوم واحد كان قرارًا هاما – فهذه المنظمات تشكل ربع المنظمات التي شطبت من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية منذ إنشائها. وفي أقل من عامين، أزالت إدارة بايدن سبع مجموعات من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، وهو ما يطابق عدد عمليات الشطب التي نفذتها إدارة أوباما على مدار ثماني سنوات. فقبل هذا الإجراء الأخير كانت إدارة بايدن قد شطبت القوات المسلحة الثورية لكولومبيا (فارك) وأنصار الله المعروفين باسم حركة الحوثيين من القائمة.
أما القرار الأخير في أيار (مايو) 2022 فقد شطب أوم شينريكيو، وأرض الباسك والحرية (إيتا)، والجماعة الإسلامية، وكهانا حاي (كاخ)، ومجلس شورى المجاهدين في أفناء بيت المقدس من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية. وتشتهر أوم شينريكيو بتنفيذها هجومًا مميتًا بغاز السارين على مترو أنفاق طوكيو في عام 1995. وتشتهر إيتا، وهي جماعة قاتلت في المقام الأول من أجل استقلال إقليم الباسك والانفصال عن إسبانيا، بتنفيذ واحدة من أطول الحملات الإرهابية في أوروبا، منذ تأسيسها في 1959 إلى أن قررت المجموعة حل نفسها في إعلان مكتوب في عام 2018. أما الجماعة الإسلامية فقد تأسست في أوائل التسعينيات، وكانت مسؤولة عن سلسلة من الأعمال الإرهابية في مصر أسفرت عن مقتل المئات. وكان الشيخ الضرير عمر عبد الرحمن يقود المجموعة التي كانت وراء هجوم 1993 على مركز التجارة العالمي في نيويورك والذي أسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة أكثر من ألف. أما كهانا حاي فهي الجماعة اليهودية المتطرفة الوحيدة على قائمة وزارة الخارجية الأمريكية. وكان كهانا حاي وفرعه اللاحق كاخ قد قادا حملة إرهاب ضد العرب الفلسطينيين لسنوات. وأخيرًا، أزالت وزارة الخارجية مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، بعد ثماني سنوات فقط من إضافته، ولعله الأقل شهرة من بين الجماعات التي شطبت. وكان هذا التنظيم قد نفذ، وفقًا لبيان صحفي صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية عام 2014، هجمات صاروخية ضد إسرائيل من قطاع غزة.
وقد طال انتظار قرارات إزالة هذه المجموعات من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، ولا ينبغي تفسير قرار إدارة بايدن بإلغاء هذه التصنيفات على أنه علامة ضعف في جبهة مكافحة الإرهاب. فمن المعروف أن إزالة المنظمات الإرهابية الأجنبية من القائمة أمر صعب لأن مخاطر عزل البلدان والسكان المتأثرين بها يمكن أن تكون عالية جدًا. ولتقليل التداعيات الدبلوماسية، قامت وزارة الخارجية عن عمد بإزالة العديد من المجموعات والأفراد المتوفين من القائمة في نفس الوقت. وبالتالي، يمكن للولايات المتحدة تسويغ عمليات الإزالة للشركاء الدوليين على أنها عملية روتينية تهدف إلى إبقاء القائمة محدثة. وعلى هذا المنوال، يوضح البيان الصحفي الصادر عن وزارة الخارجية، «تهدف هذه الإجراءات إلى إظهار عزم الولايات المتحدة على الامتثال للمتطلبات القانونية لمراجعة تعيينات المنظمات الإرهابية الأجنبية عندما تفرض الحقائق مثل هذا الإجراء». وعلاوة على ذلك، بذلت وزارة الخارجية قصارى جهدها لتوضيح أن إلغاء القوائم كان أيضًا انعكاسًا «للنجاح الذي حققته مصر وإسرائيل واليابان وإسبانيا في نزع فتيل تهديد الإرهاب من قبل هذه الجماعات».
ولا تقل أهمية الترويج لنجاح عمليات مكافحة الإرهاب التي ساهمت في زوال خمسة منظمات إرهابية أجنبية عن أهمية قرار جعل قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية أكثر مصداقية عن طريق إزالة الجماعات المنحلة. وقد كانت هذه المجموعات مدرجة في قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية لفترة طويلة جدًا، ولذلك فإن قرار إلغاء تصنيفاتها يساهم الآن في المصداقية العامة لقائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية. وببساطة، فإن إدراج الجماعات المنحلة على قوائم الإرهابيين يجعل هذه القوائم أقل أهمية. وفضلا عن ذلك، فإن إبقاء الجماعات والمنظمات التي تجنبت العنف أو ابتعدت عنه لصالح الحلول السياسية على قوائم الإرهاب هو أمر عقابي بلا داع، وقد يجادل البعض بأنه يؤدي إلى نتائج عكسية تمامًا. وبدلًا من ذلك، فإن إزالة الجماعات المنحلة أو التي نبذت العنف عن قوائم الإرهاب يضمن استخدام العقوبات لأغراض وقائية فقط.