أوّل الكلام آخره:
- التقى دبلوماسيون أمريكيون وروس في جنيف في وقت سابق من هذا الأسبوع، وعلى جدول أعمالهم العديد من البنود، فيما بدا أنه نشاط دبلوماسي رفيع المستوى مصمم للحد من التصعيد بين واشنطن وموسكو.
- واصلت روسيا قعقعة السيوف، وأدلت ببيانات عدائية حتى مع سير المفاوضات على قدم وساق.
- دفع تموضع الكرملين العدواني في أوروبا دول الشمال ودول البلطيق إلى اتخاذ بعض الخطوات خوفا من التعدي الروسي.
- لا يتوقع الكثيرون حدوث اختراقات كبيرة خلال محادثات هذا الأسبوع، ولكن الأمل يظل قائما في أن تتفق الولايات المتحدة وروسيا على المزيد من تدابير بناء الثقة وعلى تفضيل الدبلوماسية على الأعمال العسكرية.
التقى دبلوماسيون أمريكيون وروس في جنيف في وقت سابق من هذا الأسبوع، وعلى جدول أعمالهم العديد من البنود، فيما بدا أنه نشاط دبلوماسي رفيع المستوى مصمم للحد من التصعيد بين واشنطن وموسكو. وقد قلل نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي ريابكوف، من أهمية التهديدات الروسية بغزو أوكرانيا، بينما رفضت نائبة وزير الخارجية الأمريكية، ويندي شيرمان، العديد من المبادرات الروسية ووصفتها بأنها «مما لا يبنى عليه». وتضمنت هذه المبادرات المطالبة بأن تنهي الولايات المتحدة أنشطة التعاون الأمني مع أوكرانيا وأن تضمن عدم قبول كييف في الناتو. وقد انتقد البعض تهميش أوكرانيا خلال المحادثات، لكن شيرمان أكدت أن واشنطن «لن تتخذ قرارات بشأن أوكرانيا من دون أوكرانيا»، وهو تأكيد مهم يهدف إلى بث الثقة في نهج إدارة بايدن. وقد التقى الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن بنظيره الروسي فلاديمير بوتين الصيف الماضي في جنيف في محاولة لتهدئة التوترات المتزايدة. وتسعى الجولة الأخيرة من المحادثات إلى البناء على بعض القضايا التي نوقشت خلال الصيف الماضي.
وركز جانب من النقاش على إحياء معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى، وهي اتفاقية انسحبت منها الولايات المتحدة في عام 2019 بعد اتهام روسيا بالعمل خارج حدود المعاهدة. وتطرقت محادثات أخرى إلى فرض القيود من الطرفين على التدريبات العسكرية ونشر الصواريخ في أوروبا. ومن المقرر أن تستمر المحادثات هذا الأسبوع في بروكسل وفيينا على التوالي، وذلك مع الناتو ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا. على أن روسيا واصلت قعقعة السيوف، وأدلت بتصريحات عدائية حتى مع سير المفاوضات على قدم وساق. ودعا ريابكوف الولايات المتحدة إلى «إبداء المرونة» وأتبع ذلك بالقول، «إذا لم يكونوا قادرين على القيام بذلك، فسوف يصطدمون بتدهور الأوضاع في مجال أمنهم.» وقد حذرت إدارة بايدن أنها ستفرض عقوبات على مجموعة من الصناعات الروسية إذا ما غزت روسيا أوكرانيا، وهو ما يخشاه الكثيرون، بما في ذلك العقوبات الموجهة التي تهدف إلى حرمان موسكو من الوصول إلى التقنيات الحيوية، بما في ذلك الرقائق الدقيقة وأشباه الموصلات. وقد تستهدف الإجراءات الأخرى قدرات روسيا على المناورة داخل النظام المالي الدولي. وفي المقابل، فمن المرجح أن ترد روسيا عن طريق الاستفادة من احتياطياتها الهائلة من الطاقة لإلحاق الضرر بالدول الغربية.
وقد تعهد وزير الدفاع السويدي بيتر هولتكفيست علنًا بتقوية علاقات ستوكهولم مع الناتو، وهو اتجاه بدأ يتجسد في السنوات الماضية. وتحدثت فنلندا أيضًا عن حلف الناتو، موضحة أن هلسنكي تحتفظ بسلطة اتخاذ القرار بشأن انضمامها إلى الحلف أم لا، وأن فنلندا ترفض «ابتزازها» من روسيا. وقد دفع تموضع الكرملين العدواني في أوروبا دول الشمال ودول البلطيق إلى اتخاذ بعض الخطوات خوفا من التعدي الروسي. وفي اعتراف واضح بالتدخل الروسي المستمر، أنشأت السويد مؤخرًا وكالة الدفاع النفسي السويدية. وتتمثل مهمة الوكالة في «التعرف إلى المعلومات غير الصحيحة والمضللة التي يجري نشرها وتحليلها والتعامل معها»، كما تعمل الوكالة أيضًا على «تطوير قدرة المجتمع الكلية على الدفاع النفسي وتعزيزها». ولطالما عاشت الدول الاسكندنافية في خوف من جارتها الشرقية، ولكنها بسبب هذا التاريخ الطويل أيضا، والذي يرجع إلى أيام الحرب الباردة، فإنها تبدو الأقدر على التعامل مع السياسة الخارجية لروسيا وفهمها.
ولا يتوقع الكثيرون حدوث اختراقات كبيرة خلال محادثات هذا الأسبوع، ولكن الأمل يظل قائما في أن تتفق الولايات المتحدة وروسيا على المزيد من تدابير بناء الثقة وعلى تفضيل الدبلوماسية على الأعمال العسكرية. وتحتفظ روسيا حاليًا بما يصل إلى 100000 جندي على حدود أوكرانيا. وقد أشارت إدارة بايدن أنها ستكثف المساعدة العسكرية لأوكرانيا إذا ما غزتها موسكو، وستجعل هذا الغزو مكلفًا، محذرة روسيا من مستنقع سيمتد إلى أجل غير مسمى وسيضعف بلا شك الجيش الروسي. أما بوتين فقد كان من جانبه قاسيًا في انتقاده لحلف شمال الأطلسي، ومتذمرًا مما يراه تدخلًا في مجال النفوذ التقليدي لروسيا. ومع ذلك، فإذا كان هدف روسيا هو إبقاء حلف الناتو على بُعد ذراع، فمن المرجح أن يكون لغزو أوكرانيا تأثير معاكس. إن سياسة حافة الهاوية عالية المخاطر وهي تلقي بأوكرانيا ودول أخرى في المنطقة في أحضان المجهول، ولكن مع تركيز إدارة بايدن بشكل صريح على صراع القوى العظمى، فإن واشنطن تعتزم إرسال إشارة إلى موسكو بأنها لم تعد مشتتة بالقتال في العراق وأفغانستان وغيرهما، وأنها مستعدة لمواجهة عدوان بوتين وجهًا لوجه.