أوّل الكلام آخره:
- من المتوقع أن يكون جدول الأعمال حافلا بالقضايا المثيرة للجدل خلال الاجتماع الأول بين بايدن وبوتين في حزيران / يونيو.
- مؤخرا، وصف بايدن بوتين بأنه «قاتل» واعتمد خطابا قاسيا لوصف أعمال الكرملين المتواصلة.
- التقى وزير الخارجية الأمريكي بلينكن مؤخرا بوزير الخارجية الروسي لافروف في أول لقاء رفيع المستوى منذ تولي بايدن الحكم.
- في حين لا تزال الولايات المتحدة وروسيا على خلاف بشأن قضايا لا تعد ولا تحصى، تتيح بعض المجالات فرصة إقامة علاقات تعاون، منها تغير المناخ ووباء الكورونا.
في الاجتماع الأول بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، المقرر عقده في منتصف حزيران / يونيو في جنيف في سويسرا، من المتوقع أن يكون جدول الأعمال حافلا بالقضايا المثيرة للجدل. وقد تكون قضايا الهجمات الإلكترونية والحد من الأسلحة النووية ودعم روسيا المستمر للانفصاليين المسلحين في أوكرانيا كلها مدرجة على جدول الأعمال، في ظل تدهور العلاقات بين واشنطن وموسكو. وسيعقد الاجتماع في أعقاب رحلة بايدن القادمة إلى أوروبا، حيث ستتاح له الفرصة لمناقشة القضايا الملحة مع الاتحاد الأوروبي وحلفاء الناتو قبل اجتماعه مع بوتين. ويبدو أن الدعم الروسي لرئيس روسيا البيضاء (بيلاروسيا) ألكسندر لوكاشينكو سيكون موضوعا للمناقشة. ويأتي ذلك في أعقاب عملية اختطاف طائرة رايان إير الأخيرة بين اليونان وليتوانيا التي احتجز فيها عملاء المخابرات البيلاروسية صحافيا معارضا وصديقته بعد تحويل مسار الطائرة إلى مينسك على أساس إنذار كاذب عن وجود قنابل.
ومن شبه المؤكد أن قمة جنيف ستعتمد لهجة مختلفة تماما عن لهجة المرة الأخيرة التي التقى فيها بوتين بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 2018 في هلسنكي، في فنلندا. وخلال ذلك الاجتماع، غضب العديد من السياسيين الأمريكيين من خضوع ترامب لبوتين، وأخذ كلامه بأن روسيا لم تتدخل في الانتخابات الأمريكية عام 2016 على محمل الجد. ويأتي ذلك على عكس تصريحات بايدن الذي وصف بوتين رسميا بأنه «قاتل»، ولم يتهرب من اعتماد الخطاب القاسي لوصف أعمال الكرملين المارقة المستمرة. ومن هذه الأنشطة، تسميم الناشط الديمقراطي الروسي والسياسي المعارض أليكسي نافالني وسجنه، بعد محاولة تسميم سيرجي سكريبال وابنته يوليا في مدينة سالزبري بمادة كيميائية تعرف باسم «نوفيشوك». وأشار بايدن أيضا إلى أن بوتين «سيدفع ثمنا» لتدخل روسيا المستمر في الانتخابات الأمريكية. وأوضحت إدارته أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام انتهاك بوتين للمعايير الدولية. كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات قاسية من شأنها أن تحد من المعاملات بين المؤسسات المالية الأمريكية والحكومة الروسية، فضلا عن العقوبات التي تستهدف الشركات الروسية. ولكن في خطوة تفاجأ منها البعض، أعلنت إدارة بايدن أنها سترفع العقوبات المفروضة على خط أنابيب نورد ستريم 2، مما قد يخلق بيئة أكثر مضيافة لقمة جنيف. وقد انتقد بعض المشرعين الأمريكيين، بمن في ذلك رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بوب مينينديز والسناتور الجمهوري بن ساس، مبادرات إدارة بايدن تجاه روسيا، متذمرين من تعاملها معها وكأنها تكافئها على سلوكها السيء.
وأشار بيان صحفي للبيت الأبيض إلى أن «القادة سيناقشون المجموعة الكاملة من القضايا الملحة، فيما نسعى إلى عودة استقرار العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا». ويعتقد بعض المحللين أن هذا كان في المقام الأول إشارة إلى اتفاقات الحد من الأسلحة، فضلا عن أنه يشير إلى مستقبل المراحل التالية، أي بعد تمديد معاهدة ستارت الجديدة، التي تسعى إلى وضع قيود يمكن التحقق منها على الأنظمة الروسية للصواريخ الباليستية العابرة للقارات، والقذائف التي تطلق من الغواصات، والقاذفات الثقيلة حتى شباط / فبراير 2026. وقبل أسبوعين في آيسلندا، في الولايات المتحدة، التقى وزير الخارجية أنتوني بلينكين بنظيره الروسي سيرجي لافروف، في أول لقاء رفيع المستوى بين الدولتين منذ تولي بايدن منصبه في كانون الثاني / يناير.
وستأخذ الهجمات الإلكترونية حيزا مهما من المناقشة، خاصة بعد حادثة «الرياح الشمسية» التي تلقي فيها واشنطن اللوم على موسكو، والتي اخترق من خلالها المتسللون الروس الشبكات التي تستخدمها الحكومة الفيدرالية الأمريكية، وتسللوا إلى الأنظمة المعتمدة من وزارتي التجارة والخزانة. ويزعم أن هجوم «الفدية» لضرب خطوط «كولونيال بايبلاين» هو بفعل منظمة روسية. وبينما لا تزال الولايات المتحدة وروسيا على خلاف بشأن عدد من القضايا الهامة، تسمح بعض القضايا بفتح المجال أمام التعاون المشترك، بما في ذلك مكافحة تغير المناخ والتعامل مع تداعيات جائحة الكورونا. وتقدم القمة لروسيا الاحترام والشرعية التي تسعى للحصول عليها على المسرح العالمي، إذ لا تزال موسكو تعد نفسها قوة عظمى. وقد أدت سياستها الخارجية الأكثر عدوانية إلى أن تصبح روسيا أكثر نشاطا في إفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وحتى منطقة القطب الشمالي. وقد خلق غياب الاستراتيجية عن السياسة الخارجية الأمريكية على مدى السنوات الأربع الماضية العديد من الفرص لمختلف الجهات الفاعلة لاستغلالها. وفي حين تجد القمة منتقدين لها في الولايات المتحدة للندّيّة بين روسيا والولايات المتحدة، إلا أنها بمثابة اعتراف بأهمية مشاركة الولايات المتحدة بفعالية في مسرح السياسة الخارجية وفي تشكيل ملامحه.