أوّل الكلام آخره:
- أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان فوزه في الانتخابات هذا الأسبوع، مما يؤهله لولاية رابعة على التوالي في رئاسة الحكومة.
- تتزايد المخاوف من تراجع الديمقراطية في أوروبا، ولا سيما في خضم الأزمة الأوكرانية، حتى وإن بدت أوروبا وحلف شمال الأطلسي أكثر وحدة من أي وقت مضى.
- كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ينتقد أوربان بشكل خاص لأنه لم يفعل في نظره ما يكفي لدعم أوكرانيا.
- في جميع أنحاء المجر، استخدم أوربان قضايا مثل معارضة حقوق مجتمع الميم وتدفق المهاجرين لجذب الناخبين المحافظين واليمينيين المتطرفين.
أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان فوزه في الانتخابات هذا الأسبوع، مما يعني ولاية رابعة له على التوالي في رئاسة الحكومة. وأوربان الآن هو الزعيم الأطول خدمة في أي دولة في الاتحاد الأوروبي، مما يثير قلق الكثيرين بالنظر إلى ميوله غير الليبرالية التي تجعله في كثير من الأحيان يغرّد خارج سرب الاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من تكتل أحزاب المعارضة في المجر لهزيمة أوربان، الذي هوجم بسبب انصياعه للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فقد انتصر حزبه فيدسز، وحافظ على أغلبية الثلثين في البرلمان. وكان العديد من المحللين يتوقعون نتيجة مختلفة تتقارب فيها الحصص وذلك بناءً على بعض استطلاعات الرأي التي تدوولت في الفترة التي سبقت تصويت نهاية الأسبوع الماضي. ومع تزايد انقسام العالم بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية، يُنظر إلى الانتخابات في دول كالمجر على أنها مؤشر على ما يمكن أن يؤول إليه الحال حول العالم. وعلاوة على ذلك، فإن نجاح أوربان المستمر يشكل تحديًا مباشرًا لفرضية قيم الاتحاد الأوروبي الموحدة بشأن قضايا مثل حقوق الإنسان.
وقد أظهر تصويت المجر انحيازا إضافيًا جديدا نحو اليمين، فقد استفاد حزب مي هازانك اليميني المتطرف من التوترات التي أحاطت بالقيود المفروضة لمكافحة كوفيد-19 لتوسيع جاذبيته والحصول على مقاعد في البرلمان. وتتزايد المخاوف بشأن تراجع الديمقراطية في أوروبا، ولا سيما في خضم الأزمة الأوكرانية، حتى في الوقت الذي أصبحت فيه وحدة أوروبا وحلف الناتو أكثر ثباتًا من أي وقت مضى. ولم يفز أوربان وحده بالانتخابات، بل فاز أيضا زميله الحليف الشعبوي القوي في صربيا، ألكسندر فوسيتش الموالي لروسيا، بفترة رئاسية ثانية، مما ينذر باحتمال نشوب صراع في البلقان، في ظل التوترات المتجددة. وقد أصبح أوربان المجري أيقونة للمحافظين، حتى أنه جذب تاكر كارلسون من قناة فوكس نيوز، والذي لا يفتأ يغدق على بوتين وروسيا بالثناء، إلى المجر لبث برنامجه. كما أعلنت لجنة العمل السياسي المحافظ في الولايات المتحدة مؤخرًا عن خططها لعقد اجتماع في بودابست، وهو ما يعكس أيضا الجاذبية التي باتت المجر تمثلها لغير الليبراليين. وتشكل المجر اليوم منصة ترحب بوسائل الإعلام الإخبارية الموالية لروسيا، والتي بدورها تنشر روايات متعاطفة مع موسكو حول الحرب الحالية في أوكرانيا.
وكان أوربان يحاول الحفاظ على توازن دقيق في مواقفه وتصريحاته. وقد أدان تحت ضغوط من دول الاتحاد الأوروبي تصرفات روسيا وانضم إلى عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد بوتين والأوليغارشية. لكن بودابست لم تسمح بتسهيل وصول الأسلحة إلى أوكرانيا عبر المجر ووقفت ضد الحظر التام لواردات الطاقة الروسية من النفط والغاز الطبيعي. نتيجة لذلك، فقد ظهر شيء من الخلاف بين أوربان وأندريه دودا، رئيس بولندا، الذي كان محبطًا من رفض أوربان تبني الدعم الكامل لأوكرانيا. وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ينتقد أوربان بشكل خاص لأنه لم يفعل ما يكفي لدعم أوكرانيا. ولا يبدو أنه كان مخطئا، فقد أعلن أوربان للتو أن المجر ستستمر في شراء إمدادات الطاقة الروسية، وستفعل ذلك بالروبل، العملة الروسية، كما يريد الكرملين. إن إحجام أوربان عن الوقوف بشكل صارم للغاية ضد روسيا هو النتيجة المباشرة لعقود من استراتيجية موسكو لبناء النفوذ في بلدان مثل المجر، حيث شكلت دفعات كبيرة من الأموال القادمة من الأوليغارشية قواعد هائلة للدعم السياسي. وعلى الرغم من عضوية المجر في الاتحاد الأوروبي، إلا أنها كانت تميل باستمرار إلى اليمين، وقد تشجع الأحزاب اليمينية في دول الاتحاد الأوروبي الأخرى على السعي لمزيد من النفوذ. وستظهر الانتخابات في فرنسا ما إذا كانت أوروبا قادرة على الحفاظ على قيمها الديمقراطية والتعددية.
وتعاني المجر من اتهامات فساد طويلة الأمد، حيث تحتل المرتبة 26 من بين 27 دولة في الاتحاد الأوروبي في مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية، ولا تتأخر عنها سوى بلغاريا. وبسبب قضايا الفساد أيضًا، تأخر وصول المجر إلى الحصول على التمويل من الاتحاد الأوروبي. وفي المقابل، يستخدم أوربان عادةً قضايا مثل هذه للهجوم على بروكسل واستقطاب مناهضي العولمة في قاعدته. وفي جميع أنحاء المجر، استخدم أوربان قضايا مثل معارضة حقوق مجتمع الميم وتدفق المهاجرين لجذب الناخبين المحافظين. ومع ذلك، فقد نزح ما يقرب من 400000 لاجئ أوكراني حتى الآن إلى المجر، الأمر الذي قد يشكل تحديًا لحكومة أوربان. سيطر أوربان، وكذلك فوتشيك في صربيا، على وسائل الإعلام في بلديهما، مما جعلها أجهزة دعاية حقيقية للدولة. ووجّه أوربان جهاز الإعلام المجري للتركيز على انتقاد أولئك الذين يقولون إن المجر يجب أن تفعل المزيد، وتصويرهم على أنهم دعاة حرب مصممون على جر المجر إلى حرب مع روسيا لا يريدها أي من مواطنيها. كما تعمل المعلومات المضللة الروسية أيضًا بشكل بارز على تشكيل آراء المجريين، حيث تروج الحملات المدعومة من الكرملين لروايات كاذبة حول علاقة أوكرانيا بالولايات المتحدة، بما في ذلك أن أوكرانيا أصبحت قاعدة عسكرية واسعة للقوات الأمريكية، وهي كذبة صارخة تروجها موسكو.