أوّل الكلام آخره:
- في الولايات المتحدة، ارتفعت حالات جرائم الكراهية ضد الأمريكيين من أصول آسيوية، فكثير من العنصريين يلقون باللائمة عليهم فيما يخصّ الوباء.
- في الهند، تزداد العلاقات بين الأغلبية الهندوسية والأقلية المسلمة توترا بسبب المخاوف وشيوع نظريات المؤامرة.
- تشير بعض التقارير إلى تعرض الأفارقة في الصين للمضايقة والتمييز العنصري، كما أجبر بعضهم على إخلاء منازلهم.
- بقي خطاب الكراهية والتجريح متصدّرا، وإذا لم يتّخذ أي اجراء للحد من الأعمال والسياسات البغيضة، فإن الضرر الذي سيلحق بالطبقات الاجتماعية الهشة سيتضاعف أضعافا مضاعفة.
من أكثر الجوانب المتوقع حصولها وإن كانت مؤسفة خلال فترة تفشي وباء كورونا استغلال بعض الأفراد والجماعات في جميع أنحاء العالم، من الولايات المتحدة إلى الهند إلى الصين، انتشار الوباء لتهميش الأقليات والانخراط في جرائم الكراهية التي يرتكبها العنصريون. وفي بعض الحالات، يشجع القادة الاجتماعيون والسياسيون مرتكبي الجرائم، ولا سيّما عندما يقضي هؤلاء القادة وقتهم في الترويج لنظريات المؤامرة والتجريح العنصري بدلا من التصدي للوباء. وتعزز الممارسات القائمة على كره الأجانب هدف العديد من الحركات الشعبوية والقومية التي تسعى إلى تبشيع صورة «الطرف الآخر» واعتباره سببا للعلل المجتمعية. ويتجاوز معدل الارتفاع الحاد في جرائم الكراهية العنصرية والمعادية للسامية معدلات الارتفاع في الإصابة بالوباء والوفيات الناتجة عنه. وفي أقرب فرصة ممكنة، سيسعى دعاة تفوق البيض، ودعاة كره الأجانب، ومروجو الكراهية إلى ملاءمة الوباء مع سرديتهم الحاقدة المعتمدة لديهم.
يعد الخوف من وباء كورونا أداة مفيدة لكل من يتطلع إلى تقسيم مجتمعه على قاعدة «نحن وهم». ففي الولايات المتحدة، يبرز ارتفاع حاد في معدلات جرائم الكراهية ضد الأمريكيين الآسيويين. ووفقا لبيانات منظمة Stop AAPI وقعت ١١٠٠ حادثة تتعلق بوباء كورونا في الأسبوعين الأخيرين من آذار / مارس ٢٠٢٠. وتراوحت هذه الحوادث بين الاعتداءات اللفظية والترهيب والاعتداءات البدنية. وقد وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الفيروس بأنه «الفيروس الصيني» أو «فيروس ووهان» على وسائل التواصل الاجتماعي، على الرغم من تحذيرات الكثيرين من أن هذه التسمية ستسهم في وصم الآسيويين من خلفيات عديدة وتفاقم الانقسام في المجتمع.
وفي الهند، يستغل القادة الاجتماعيون والدينيون والسياسيون هذا الوباء لمفاقمة التوترات القائمة بين أغلبية السكان الهندوس والأقلية المسلمة. حيث فقد العديد من العمال المياومين المسلمين وظائفهم، وازداد الوضع سوءا بسبب تصرفات بعض المسؤولين من حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي الحاكم. وواصل السياسيون القوميون الهندوس الترويج لنظرية المؤامرة القائلة بأن المسلمين ينشرون الوباء عمدا في الهند وباكستان المجاورة كجزء من حرب عظيمة ضد الهندوسية . ويسفر هذا الخطاب القبيح عن تهديدات حقيقية للجالية المسلمة في الهند التي يبلغ عدد سكانها مئتي مليون نسمة، مع مقاطعة اجتماعية ضد المسلمين ومنعهم من الدخول إلى بعض المناطق في دلهي. وفي الوقت نفسه، يتعرض الأفارقة للتمييز في الصين، مركز الوباء، ويمنعون من دخول بعض المحلات التجارية والمؤسسات. وتشير بعض التقارير إلى أنهم يتعرضون أيضا للمضايقة والاعتداء، كما أجبر بعضهم على إخلاء منازلهم.
وسيؤدي هذا الوباء إلى ازدياد جميع أنواع التحيزات العرقية والدينية ما لم يبذل القادة جهودا علنية ومستمرة لمواجهة الوهم الشائع بأن الفيروس هو نتيجة «الطرف الآخر». وقد بذل بعض القادة السياسيين جهودا كبيرة للتأكيد على أهمية الوحدة، ولا سيما في أوقات العزلة هذه. أما بعضهم الآخر، كالعديد من القادة الاجتماعيين والسياسيين في الولايات المتحدة، فقد قصّروا كثيرا في هذا الصدد. وسيؤدي هذا الوباء إلى إلقاء اللوم على المهاجرين والأجانب وأولئك الذين يعانون بسبب التفاوت الطبقي ولا يتمكّنون من الحصول على الموارد الضرورية. وقد أدّت إجراءات الحد من انتشار الوباء إلى فقدان عشرات الملايين من الناس لوظائفهم في جميع أنحاء العالم. وقد عملت العديد من الديمقراطيات الغربية على إنشاء شبكات أمان اجتماعي فعالة يمكنها أن توفر دخلا لمواطنيها وتوفر الرعاية الصحية لهم خلال هذه الفترة التي تشهد إغلاقا غير مسبوق للمصالح الاقتصادية والإنتاج. وتعد الولايات المتحدة أقل استعدادا للتعامل مع التداعيات الاقتصادية من العديد من البلدان الأوروبية، إذ وصل معدل البطالة فيها إلى معدل لم تشهد له مثيلا منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن العشرين. إن كل ما يتعلق بهذا الوباء يظهر متأخرا، كالموت منه بعد أسابيع من الإصابة به. وما لم تخذ الإجراءت اللازمة لمحاربة اللغة المثيرة للخلافات والتي تحرك الإجراءات والسياسات البغيضة المتعلقة بوباء كورونا، بما في ذلك خطاب الكراهية والتجريح، سيتفاقم الضرر الذي يلحق بالطبقة الاجتماعية الهشة باطراد مع انتشار الجائحة التي لا تزال تعصف بالمجتمعات.