أوّل الكلام آخره:
- خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، أقدمت جماعات مسلحة غير حكومية تعمل في المنطقة على قتل حوالي 24 عاملا في مجال الإغاثة.
- تؤثر الهجمات ضد عمال الإغاثة في شمال شرق نيجيريا تأثيرا كبيرا على قدرة المنظمات على توفير الإغاثة اللازمة لإنقاذ حوالي 11 مليون شخص في المنطقة ممن هم في أمس الحاجة إلى المساعدة الإنسانية.
- قد يكون مقتل ستة من عمال الإغاثة الفرنسيين واثنين من مواطني النيجر مؤخرا في كوري في النيجر، أحدث تأكيد على ظهور بوادر للتطرف في جميع أنحاء المنطقة.
- وفي شمال شرق نيجيريا، منعت قوات الأمن المنظمات الإنسانية من العمل خارج المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، مما زاد من تعقيد الوضع الذي ضاعفه وباء كورونا.
أسهم النزاع على مدى 11 عاما بتخريب مساحات واسعة من ولايات بورنو واداماوا ويوبي شمال شرق نيجيريا. كما أنّه دمر مجتمعات محلية بأكملها، ووفقا لقاعدة بيانات أمن عمال الإغاثة، قُتل ما لا يقل عن 60 منهم في هذه المنطقة خلال تلك الفترة الزمنية. وخلال الأشهر الإثني عشر الماضية، أقدمت جماعات مسلحة غير حكومية تعمل في المنطقة على قتل حوالي 24 عاملا في مجال الإغاثة. وعلى عكس مزاعم الحكومة النيجيرية، لم تهزم جماعة بوكو حرام ولا تنظيم داعش-غرب إفريقيا، إلا أنهما عانتا من انتكاسات، دون أن يقلل ذلك من قدرتهما على استهداف المدنيين، بمن فيهم العاملون في مجال الصحة والإغاثة. وقد سُجل آخر هجوم على العاملين في المجال الإنساني في تموز / يوليو عندما أُعدم خمسة من عمال الإغاثة الذين كانوا قد اختطفوا قبل شهر من إعدامهم. وقد نشر شريط فيديو مدته 35 ثانية يظهر تنفيذ حكم الإعدام على الإنترنت ليكون بمثابة تحذير لجماعات الإغاثة الدولية. وكان متمردو تنظيم داعش غرب إفريقيا قد وجهوا تهديدات مماثلة في أعقاب هجوم مزدوج وقع في 13 حزيران / يونيو ضد مدينة مونغونو، وهي بلدة عسكرية ومركز إنساني للعديد من عمال الإغاثة. وأضرمت النيران في المركبات واكتشف صاروخ غير منفجر خارج المرفق الإنساني الرئيس، ووزع المتمردون رسائل على السكان يحذرونهم فيها من العمل مع الجيش أو جماعات الإغاثة الدولية. وبالمثل، في كانون الثاني / يناير 2020، شن تنظيم داعش-غرب إفريقيا هجوما عنيفا على مرفق للمعونة، وهو سكن العاملين في الأمم المتحدة في بلدة نغالا.
وتؤثر الهجمات ضد عمال الإغاثة في شمال شرق نيجيريا تأثيرا كبيرا في قدرة المنظمات على توفير الإغاثة لإنقاذ من هم في أمس الحاجة إلى المساعدة الإنسانية. ففي الوقت الراهن، يحتاج ما يعادل 11 مليون شخص من أصل 13 مليونا يعيشون في ولايات بورنو واداماوا ويوبي إلى مساعدات إنسانية. بيد أن الجيش في شمال شرق نيجيريا منع منظمات الإغاثة من العمل خارج المناطق التي تسيطر عليها الحكومة وأغلق مكاتب المنظمات الدولية غير الحكومية في محاولة لتخويف أوساط الدعم والمعونة. وفي الواقع، لم يُسمح لمنظمات الإغاثة بالتدخل إلا في المدن التي تضم حاميات عسكرية. وقد أعربت منظمات الإغاثة عن إحباطها، وترى أن هذه القيود هي بمثابة تعدّ على مبادئها الإنسانية المتمثلة في الاستقلالية والحياد. كما أن هذه القيود تجعل من موظفي الإغاثة أهدافا للجماعات المسلحة غير الحكومية. وأفاد المدير القطري لمنظمة مساعدات دولية في شمال نيجيريا بـ«أننا نشعر بأننا محاصرون. فمن ناحية، علينا أن نلتزم بالعمل في المناطق التي يسيطر عليها الجيش فقط، ومن ناحية أخرى، تنظر الجماعات المسلحة إلينا على أننا متواطئون مع الجيش النيجيري والحكومة النيجيرية». وفي حين تسعى معظم منظمات الإغاثة إلى الوصول إلى المناطق التي يتعذر الوصول إليها، بما في ذلك تلك الخاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة غير الحكومية، فقد فرضت السلطات النيجيرية طريقة تقديم المساعدات الإنسانية. ومنذ أن طبق الجيش النيجيري استراتيجية معسكر «سوبر كامب»، عند إعادة تمركز قواته من البلاد إلى المدن التي تضم حاميات، فرض قيودا صارمة على مناطق عمليات الفاعلين في مجال تقديم المساعدات. وأضاف المدير القطري نفسه «إن منطقة المساعدات الإنسانية شمال شرق نيجيريا تتطابق مع المنطقة العسكرية من الناحية الجغرافية». وتعد المساعدات الإنسانية في المنطقة محدودة، ويخشى العاملون في مجال الإغاثة من أن تنخفض هذه المساعدات إلى الحد الذي وصلت إليه عامي 2015 و2016.
كما أن وتيرة عمليات هجمات جماعة بوكو حرام وتنظيم داعش-غرب إفريقيا في شمال شرق نيجيريا تهمّ خبراء الأمن. وقد أظهرت هاتان الجماعتان المتمردتان قدرة هائلة على الصمود في أعقاب الهجمات العسكرية، مع سعيهما إلى توسيع نطاق حضورهما خارج الأراضي التي يسيطران عليها تقليديا. وفي حديث لوكالة The New Humanitarian، أفاد مورتالا عبد الله، الباحث في موقع HumAngle، وهي صحيفة يومية إفريقية تركز على القضايا الإنسانية، بـأن «الديناميكيات الداخلية لهذه الجماعات تتغير باستمرار، لكن ذلك لا يؤثر على قدراتها العسكرية». وعلى هذه الخلفية، ازدادت الصراعات الطائفية في السنوات الأخيرة، وأعمال قطاع الطرق، وسلب المواشي، وعمليات الاختطاف في شمال غرب نيجيريا ووسطها. وفي مقطع فيديو نشر في يونيو / حزيران، ناشد أعضاء جماعة بوكو حرام الناس في تلك المناطق الانضمام إلى جماعتهم متحدثين بلغات محلية متعددة. وقد يكون مقتل ستة من عمال الإغاثة الفرنسيين واثنين من مواطني النيجر مؤخرا في كوري في النيجر، دليلا واضحا على ظهور بوادر للتطرف في جميع أنحاء المنطقة.
ولا تزال القيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء نيجيريا تشكل تحديات كبيرة. وفي الشمال الشرقي، حيث التداعيات الكبرى لأزمة جماعة بوكو حرام، منع الجيش النيجيري منظمات الإغاثة من العمل خارج المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، مما أدى إلى قطع سبل الوصول إلى المحتاجين الذين يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون. إن انعدام الأمن الذي يسببه المتمردون، مع ما أبلغ عنه من هجمات على الهياكل الأساسية للطرق، يجعل سياق العمليات صعبا للغاية ومضطربا. وتفيد التقارير بأن القيود المفروضة على واردات وكالات المعونة وعلى عملية التسجيل المعقدة تطرح صعوبات على الصعيد الاتحادي وعلى صعيد الولايات على حد سواء. كما أن القيود المفروضة على استيراد وكالات المعونة الأدوية الضرورية واللوائح المتعلقة بحصص الوقود والأسمدة، وتلك التي تفرضها القوات العسكرية والأمنية، تزيد من تقييد وصول المنظمات الإنسانية التي تواجه بالفعل عقبات خطيرة بعد جائحة كورونا والقيود المفروضة على التنقل لمنع انتشار الوباء.