أوّل الكلام آخره:
- منذ كانون الثاني / يناير، شرد ما يقدر بنحو 000 330 أفغاني بسبب تصاعد العنف، ولا تزال الخسائر في صفوف المدنيين في ازدياد.
- من المرجح أن يؤدي توقّف العملية الدبلوماسية وتزعزع الأمن في أفغانستان إلى هجرة قسرية كبيرة إلى البلدان المجاورة.
- مع استمرار انسحاب القوات الأمريكية، تقوم الولايات المتحدة بتوسيع خططها لتأمين الإقامة المؤقتة للأفغان من مقدمي طلبات تأشيرة الهجرة الخاصة وعوائلهم.
- يحذر الخبراء من أزمة نزوح أفغانية مماثلة لأزمة اللاجئين السوريين في فترة 2015-2016، فيما وكالات الإغاثة تتحضر لحدوث الأسوأ.
في منتصف تموز / يوليو، حذر المتحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بابار بلوش من أن «أفغانستان على حافة أزمة إنسانية أخرى». وتقدر الأمم المتحدة بأن 000 330 أفغاني قد شردوا حديثا منذ كانون الثاني / يناير. وقد ارتفع عدد الضحايا المدنيين ارتفاعا كبيرا يقدّر بما معدّله 47 % في الأشهر الستة الأولى من عام 2021 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020، وفقا لبعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان. ومع انسحاب القوات الأمريكية، وسعت حركة طالبان سيطرتها في شمال أفغانستان تزامنا مع مشاركتها في مفاوضات دولية مطولة تواجه انتقادات شديدة من الكثيرين داخل أفغانستان وخارجها. ويتزامن هجوم الثلاثاء مع موجة التصعيد الأخيرة من العنف. ومن الجدير ذكره أن طالبان تسيطر اليوم على ما يقارب نصف مراكز المقاطعات البالغ عددها 419 في أفغانستان، أي أكثر من ضعف عدد مراكز المقاطعات التي كانت تسيطر عليها قبل شهر واحد فقط. وحتى اليوم، لم تسيطر طالبان على عواصم المقاطعات، ولكن الكثيرين يخشون من حصول ذلك في المستقبل القريب. وقد أبلغ المدنيون المشردون عن مخاطر تدهور البيئة الأمنية وسعوا إلى إظهار معارضة واضحة وصريحة لطالبان. ولكن ابتزاز الجماعات المسلحة غير الحكومية، والمتفجرات على الطرق، وتوقف الخدمات الاجتماعية، وتزايد النزاعات وأعمال العنف كلها عوامل لا تزال تهدد المجتمعات المحلية. وقد تؤدي العملية الدبلوماسية المتوقفة وانعدام الأمن إلى تشجيع الهجرة القسرية على نطاق واسع عبر حدود أفغانستان إلى البلدان المجاورة في جميع أنحاء جنوب آسيا ووسطها والمنطقة الأوسع (أي إيران وباكستان والصين وطاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان).
وعقد الرئيس الأفغاني أشرف غني اجتماعا مع القادة الإقليميين استمر ليومين في طشقند في منتصف تموز / يوليو. وقد أعرب القادة الإقليميون عن قلقهم إزاء موجة جديدة من الهجرة القسرية عبر حدودهم، إذ يخشى الكثيرون منهم عجزهم عن استيعابها، بالنظر إلى العدد الكبير من اللاجئين الأفغان الموجودين أصلا في بلدانهم التي أجهدتها محدودية الموارد والقدرات والتحديات الأمنية. وعلى مدى عقود من الصراع، فر ملايين اللاجئين الأفغان من البلاد، ويقيم حوالي 90 % منهم اليوم في باكستان وإيران، إذ تستضيف باكستان ما يقارب 3 ملايين لاجئ أفغاني بين مسجل وغير مسجل في الوقت الحالي، بما في ذلك أولئك الذين فروا بعد الغزو السوفياتي، بينما تستضيف إيران أكثر من 2.5 مليون لاجئ. وعززت طاجيكستان حدودها مع أفغانستان في أوائل تموز / يوليو، وحشدت 000 20 جندي من جنود الاحتياط العسكريين لهذا الغرض. غير أن الحكومة الطاجيكية أعلنت استعدادها لقبول 000 100 لاجئ أفغاني. أما تركيا، وهي موطن لحوالي 3.6 مليون لاجئ سوري، فتقوم ببناء جدار على حدودها مع إيران، وهو مشروع بدأ عام 2015 استجابة لأزمة اللاجئين السوريين. ويقدر أن ما بين 500 و 000 2 أفغاني ينزحون إلى تركيا يوميا. وعلى الرغم من إغلاق المعبرين الحدوديين الرئيسين بين باكستان وأفغانستان في أوائل تموز / يوليو، فقد بدأ المسؤولون الباكستانيون في مناقشة المواقع المحتملة لمخيمات اللاجئين الإضافية. وأسبوعيا، يفر 000 30 شخص على الأقل من أفغانستان.
وفي هذه الأثناء، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد جيمس أوستن أن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان سيكتمل بحلول نهاية آب / أغسطس. وحتى اليوم، اكتمل ما يقارب 90 % من انسحاب الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، مع تسليم الجنرال سكوت ميلر مهامه. ومؤخرا، أعلن الرئيس جوزيف بايدن تخصيص ما يصل إلى 100 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الطارئة الإضافية للاجئين والمهاجرين الأفغان، وقد مرر الكونغرس الأمريكي حزمة إنفاق إضافية الأسبوع الماضي تقدم أكثر من مليار دولار من وزارة الدفاع الأمريكية ووزارة الخارجية لدعم اللاجئين الأفغان. كما وسعت الولايات المتحدة جهودها لإيواء الأفغان الذين ساعدوا الجيش الأمريكي ويواجهون اليوم خطرا من طالبان. ومن المقرر إجلاء الآلاف في انتظار الانتهاء من تأشيرات الهجرة الخاصة بهم. وتحضر أماكن الإقامة للمتقدمين وعوائلهم لانتظار معالجة التأشيرات في مختلف القواعد الأمريكية محليا ودوليا، كما هو الحال في الكويت وقطر، لتسهيل إعادة التوطين لهؤلاء الأشخاص ولا سيما الذين ما زالت طلباتهم في المراحل الأولى.
وعلى الرغم من توسيع معايير الأهلية لقبول اللاجئين الأفغان، بما يتجاوز تأشيرات الهجرة الخاصة، لأولئك الذين عملوا أيضا مع وسائل الإعلام الأمريكية أو المنظمات غير الحكومية، فإن الولايات المتحدة لا تقدم المساعدة لهذه المجموعة الأوسع من طالبي اللجوء لمغادرة أفغانستان لتقديم الطلب من بلد ثالث أو من خلال عملية تقديم الطلبات التي تستغرق 12إلى 14 شهرا. وقد انتقد الرئيس التركي أردوغان هذه العملية، مؤكدا أن «تركيا لم تكن ولن تكون بمثابة غرفة انتظار لأي بلد». وبالنسبة لطالبي اللجوء في أوروبا، طلبت الحكومة الأفغانية وقف عمليات ترحيل طالبي اللجوء الأفغان المرفوضين، مما لاقى ردودا متباينة. وفي حين وافقت فنلندا والسويد على تعليق مؤقت للترحيل، قررت ألمانيا عدم الامتثال للطلب، مما قد يضع الأفراد مرة أخرة في طريق الأذى. وبالمثل، تشجع المملكة المتحدة وغيرها الصحفيين على التقدم بطلب للحصول على تأشيرات خاصة، على الرغم من أن العديد منهم قد أعربوا عن ترددهم في مغادرة أفغانستان ورغبتهم في العيش في بلادهم وإصدار تقاريرهم منها.
ومع تضاعف الاحتياجات الإنسانية تقريبا العام الماضي واحتياج نصف السكان تقريبا في أفغانستان إلى المعونة، فإن الحالة تزداد سوءا وتدهورا يوما بعد يوم. وقد اعترف رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارك ميلي، بأن «حركة طالبان لديها زخم استراتيجي». إن انعكاسات التهجير الجماعي للأفغان على الأمن البشري والسياسة الخارجية هائلة، وقد أعرب العديد من المراقبين عن قلقهم بشأن التأثير في جيل من الأفغان الذين ينشطون بشكل متزايد في الأماكن العامة والسياسية، بما في ذلك النساء اللواتي انضممن إلى السياسة وقوات الأمن ووسائل الإعلام، على سبيل المثال. ويتولى العديد من هؤلاء المواطنين أنفسهم زمام القيادة في التعبير عن معارضتهم لتقدم طالبان على المستويات المحلية ودعمهم الحكومة الأفغانية وقوات الأمن. وسوف تتعرض البلدان المجاورة لأفغانستان لضغوط من تدفقات اللاجئين إذا تفاقمت حدة انعدام الأمن، كما هو متوقع للأسف، ومن المرجح أن تشهد الدول الأوروبية عددا متزايدا من اللاجئين الأفغان عبر إيران وتركيا. حتى إن بعض الخبراء حذروا من أزمة نزوح مماثلة من حيث الحجم لأزمة اللاجئين السوريين بين عامي 2015 و 2016. وتستعد وكالات الإغاثة لحدوث الأسوأ، فخطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة لا تزال تعاني نقصا مزمنا في التمويل، وتواصل الوكالات الإنسانية تطبيق قوانين مكافحة الإرهاب المعقدة التي غالبا ما تهدف إلى إعاقة تمويل الإرهاب، بما يعرقل أحيانا جهودها لتقديم المساعدة الإنسانية المبدئية في جميع أنحاء البلاد. فضلا عن ذلك، وفي ظل توسع هذه التحديات، فإنها ستشكل ضغطا متزايدا على الجهات الفاعلة الدولية والمنظمات غير الحكومية المتبقية، بما في ذلك بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان. وكما شهدنا في العقود السابقة من الصراع في أفغانستان، فإن تزعزع الاستقرار ينذر بطريق طويل وشاق في قضية نزوح المدنيين الأفغان ويطرح أسئلة عميقة وصعبة حول دور المجتمع الدولي ومنظمات مثل الأمم المتحدة.