أوّل الكلام آخره:
- صعدت إسرائيل حربها غير المعلنة ضد إيران من خلال تدمير إمدادات الطاقة لمنشأة تخصيب اليورانيوم الإيرانية.
- يبدو أن إسرائيل تسعى إلى عرقلة الجهود الأمريكية للانضمام إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، والتي من المرجح أن تثير توترات بين القدس وواشنطن.
- أحرزت إدارة بايدن تقدما نحو العودة المتبادلة إلى الامتثال للاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة.
- يتوعد القادة الإيرانيون بالانتقام، الذي قد يشمل أعمالا إرهابية تشنها جهات غير حكومية، مثل حزب الله.
أكدت وسائل الإعلام الإسرائيلية بشكل غير مباشر أن إسرائيل كانت مسؤولة عن انفجار 11 نيسان / أبريل الذي عطل إمدادات الطاقة إلى منشأة تخصيب اليورانيوم الرئيسة في إيران في مجمع نطنز. وبعد يوم من إعلان إيران نشر أجهزة الطرد المركزي التي تسرّع تخصيب اليورانيوم، مثلت هذه العملية السرية تصعيدا حادا في جهود إسرائيل لشل البرنامج النووي الإيراني وإجبار إيران على تراجع استراتيجي. وقد بدأت المرحلة الأخيرة من «حرب الظلال» بعملية إسرائيلية مماثلة في حزيران / يوليو 2020 تمثلت في مهاجمة مصنع تجميع أجهزة الطرد المركزي الإيرانية، في مجمع نطنز أيضا. وتابعت إسرائيل تلك العملية في تشرين الثاني / نوفمبر 2020 باغتيال محسن فخري زاده، الذي يُزعم أنه رئيس برنامج إيران السري للأسلحة النووية، داخل إيران. ووقع هجوم نطنز عندما كان وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن يقوم بأول زيارة له لإسرائيل بصفته الجديدة. وفي ظهور مشترك مع أوستن في 12 نيسان / أبريل، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على المواقف الراسخة: «سياستي بصفتي رئيس وزراء إسرائيل واضحة: لن أسمح أبدا لإيران بالحصول على القدرة النووية لتنفيذ هدفها القائم على الإبادة الجماعية والقضاء على إسرائيل، وستواصل إسرائيل الدفاع عن نفسها ضد العدوان والإرهاب الإيراني». ويقدر بعض الخبراء أن هجوم هذا الأسبوع على نطنز سيعيق البرنامج النووي الإيراني لعدة أشهر، على الرغم من أن إيران تميل إلى التعافي من خسائر مماثلة بسرعة أكبر من المتوقع.
وجاء التصعيد الإسرائيلي وسط تقدم في محادثات فيينا غير المباشرة بين إدارة بايدن وإيران مع الأطراف الأخرى في الاتفاق النووي الإيراني الذي أقر عام 2015، بهدف العودة إلى الاتفاق النووي الذي انسحبت منه إدارة ترامب عام 2018. وكان المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون قلقين من أن يتسبب هجوم نطنز في ابتعاد إيران عن محادثات فيينا الجارية. وفي 13 نيسان / أبريل، دعا المتشددون الإيرانيون، الذين يتوقع أن تأتي الانتخابات الرئاسية في حزيران / يونيو 2021 لصالحهم، إلى إنهاء المفاوضات. وقد نفت إدارة بايدن بقوة أي مشاركة أمريكية في هجوم نطنز، سعيا منها لإبقاء المحادثات على المسار الصحيح. ثم أشار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى أن المفاوضات في فيينا ستستمر.
وعلى الرغم من أن هجوم نطنز لم يدفع إيران إلى التخلي عن المفاوضات، إلا أن نية نتنياهو الواضحة لمواصلة العمل من جانب واحد ضد إيران قد تثير توترات كبيرة بين إدارة بايدن والحكومة الإسرائيلية. وكان نتنياهو قد عارض بشدة الاتفاق النووي الذي أبرمته إدارة أوباما وبايدن مع إيران عام 2015 نظرا للقيود غير الكافية في نظره على القدرات النووية الإيرانية، ويعارض اليوم خطة إدارة بايدن للعودة إلى الاتفاق دون المطالبة بتنازلات إيرانية إضافية كبيرة. ومن جديد، أكد الوزير أوستن خلال الظهور المشترك مع نتنياهو في 12 نيسان / أبريل، التزام إدارة [بايدن] القوي تجاه إسرائيل والشعب الإسرائيلي، لكنه لم يذكر بشكل خاص التهديد الإيراني.
وقد قع هجوم نطنز وسط سلسلة تصاعدية من المواجهات الإسرائيلية الإيرانية وكلها هذا العام. ويبدو أن إدارة بايدن ترى احتمال وقوع المزيد من المواجهات لعرقلة المحادثات النووية، وقد تخرج بعض هذه المواجهات الأمور عن نطاق السيطرة. وخلال شباط / فبراير وآذار / مارس 2021، يزعم أن إسرائيل كانت مسؤولة عن الانفجارات على متن ناقلات النفط الإيرانية في البحر الأبيض المتوسط التي ربما كانت متجهة إلى سوريا. وفي أوائل نيسان / أبريل، أفيد بأن إسرائيل كانت مسؤولة عن انفجار لغم على متن سفينة استخبارات إيرانية في البحر الأحمر. وجاءت هذه الهجمات البحرية بعد عدة سنوات من الضربات الجوية الإسرائيلية المتكررة على المنشآت العسكرية الإيرانية في سوريا، بهدف تعطيل تطوير إيران لبنية تحتية عسكرية على حدود إسرائيل.
ومن المرجح توسيع دائرة الصراع بين إسرائيل وإيران، بالنظر إلى وعود إيران بالرد على هجوم نطنز وطرق ردها السابقة المعروفة، مع ما لهذا من تداعيات كبيرة قد تطال إدارة بايدن. وفي شباط / فبراير وآذار / مارس، لغمت إيران سفينتين تجاريتين تابعتين لإسرائيل في الخليج الفارسي وبحر العرب انتقاما من الضربات الإسرائيلية على السفن الإيرانية. وفي 13 نيسان / أبريل، صرح أحد المفاوضين الإيرانيين أن إيران ستبدأ قريبا في تخصيب اليورانيوم إلى حد 60 % من النقاء، وهي النسبة الكافية لصنع الأسلحة، وذلك سيكون بمثابة رد واضح على الهجمات على نطنز. ومن بين العديد من الخيارات الانتقامية الإضافية، قد تعود إيران إلى دعم الهجمات الإرهابية على الدبلوماسيين والمواطنين الإسرائيليين في جميع أنحاء العالم، كما فعلت من خلال حليفها الأساسي غير الحكومي، حزب الله اللبناني، خلال فترة 2012-2013. إن الاعتبارات الرئيسة لإدارة بايدن هي ما إذا كان ينبغي ممارسة الضغط على إسرائيل للتحلي بضبط النفس وكيفية تجنب إثارة أزمة تورّط الولايات المتحدة في صراع آخر في المنطقة.