أوّل الكلام آخره:
- إن تسويق الكراهية يؤمن إيرادات ثابتة للمنظمات المتطرفة العنيفة، بما في ذلك جماعات العنصريين البيض.
- ربما لم يعد التمويل الجماعي الأداة الرئيسة لتمويل الحركات اليمينية منذ عام 2017، ولكن شركات التمويل الجماعي الكبرى لا تزال تسمح للأفراد المرتبطين بتنظيم كيو بجمع الأموال.
- ولكن أشكال التمويل المباشرة الأخرى للجماعات المتطرفة اليمينية، وخاصة جماعات العنصريين البيض مثل العصابات الآرية، ما زالت تشكل مصدرا هاما للتمويل.
- يشكل الاتجاه نحو التمويل الذاتي لدى الجماعات اليمينية على الانترنت تحديا للتكتيكات القانوني للأجهزة الأمنية والمتمثّلة بتتبّع الأموال.
لا تزال الجماعات اليمينية المتطرفة والحركات والأفراد المتعلقة بها، بما فيها جماعات العنصريين البيض، يستخدمون مزيجا من الأساليب المشروعة وغير المشروعة لتمويل أنشطتهم. فقد قام أندرس بريفيك بتمويل هجومه العنيف عام 2011 من خلال تخطي حد بطاقات الائتمان. ولعلّ جماعات مثل فرقة أتوموافين، والتي أعادت تسمية نفسها اليوم فباتت تدعى النظام الاشتراكي الجديد، كانت قد اعتمدت على التمويل الذاتي لرحلات السفر إلى شارلوتسفيل، فيما كان الأفراد المرتبطون بالفرقة يعتمدون على مواردهم الخاصة لتمويل الأنشطة في ولايات متعددة. وفي حين كان أحد الشخصيات القيادية قد دعا إلى تجميع الموارد من أعضاء المجموعة وضمّها، باشر أفراد من الفرقة ببيع البضائع والقمصان على الإنترنت لتزيد من مواردها. وتماما كما حصل مع فرقة أتوموافين وتنظيم «كو كلوكس كلان» قبل فترة، كشفت تحقيقات على الانترنت أن الأفراد المرتبطين بتنظيم كيو يبيعون مجموعة واسعة من البضائع لإعالة أنفسهم أو زيادة المصادر الرئيسة للدخل. وقد قامت شركات أمازون ووول مارت وإتسي وغيرها من أكبر شركات تجارة التجزئة ومواقع الويب الصغيرة ببيع القمصان وأكواب القهوة والأعلام الخاصة بتنظيم كيو، وغيرها من الأغراض القديمة المرتبطة بنظرية المؤامرة. ولا تزال رموز تنظيم كيو، مثل القمصان البيضاء، متاحة للشراء على سوق فيسبوك على الرغم من الإجراءات التي اتخذها فيسبوك بحق التنظيم، بما في ذلك إلغاء المنصات في آب / أغسطس، مما أدى إلى إزالة ما يعادل 800 مجموعة من تنظيم كيو عن الموقع.
ولطالما كانت جهود جمع التبرعات على الإنترنت محورية في قدرة جماعات اليمين المتطرف على نشر الدعاية وتجنيد الأعضاء الجدد. ففي الثمانينيات، أنشأ زعيم تنظيم «كو كلوكس كلان» السيء السمعة لويس بيم، نظام كمبيوتر لجماعات العنصريين البيض بهدف التواصل وجمع الأموال. وفي الآونة الأخيرة، بين عامي 2017 و2018، شكلت مواقع التمويل الجماعي مثل «باتريون» و«جو فاند مي» و«كيك ستارتر» مصدرا لتمويل جماعات العنصريين البيض إلى حين منعتها تلك الشركات من الوصول إلى منصاتها. وأدى ذلك إلى إنشاء منصات بديلة عنصرية لم تدم طويلا، مثل «هاتريون» و«جوي فاند مي». ربما لم يعد التمويل الجماعي الأداة الرئيسة لتمويل الحركات اليمينية منذ عام 2017، ولكن شركات التمويل الجماعي الكبرى لا تزال تسمح للأفراد المرتبطين بتنظيم كيو بجمع الأموال من خلال مواقع مثل «باتريون» و«جو فاند مي». ويتمتع العديد من مؤثري تنظيم كيو بعدد كبير من المتابعين على تويتر، فـ«طبيب الصلاة Praying Medic» لديه ما يقارب 400،000 متابع و«أوبي وان كينوبي » لديه ما يقارب 50،000 متابع، وهما يمتلكان حسابات على موقع «باتريون» لتلقي تبرعات منتظمة من الداعمين. وبتاريخ 5 أيلول / سبتمبر كان موقع «جو فاند مي» يستخدم فيما يقارب الـ 40 حملة من حملات جمع التبرعات المرتبطة بـتنظيم كيو التي لا تزال جارية. وفي حين أن حسابات «باتريون» و«جو فاند مي» لا تشكل مصادر تمويل كبيرة لتنظيم كيو، إلا أن استمرار هذه الحملات يبعث على القلق، ولا سيما بالنظر إلى تصاعد العنف المستوحى من التنظيم، وجذوره المعادية للسامية، واعتقاد مكتب التحقيقات الفيدرالي أن نظريات المؤامرة التي تتبناها كيو تمثل تهديدا إرهابيا محليا.
وكانت الأنشطة الإجرامية التقليدية، بما في ذلك الاتجار بالمخدرات والسطو المسلح، دعامة أساسية لتمويل الجماعات اليمينية في الماضي. ففي الثمانينيات، حققت جماعة العنصريين البيض المعروفة باسم النظام مكاسب بالملايين جراء حادثة نهب سيارة مدرعة وتزوير العملة الأمريكية. ويُزعم أن تيموثي ماكفي، المسؤول عن تفجير أوكلاهوما سيتي عام 1995، قد ارتبط اسمه بسرقات مصرفية متعددة قبل الهجوم. وقد حققت جماعة الإخوان الآريين، التي تأسست في سجن سان كوينتين في الستينيات، الملايين من أعمال الابتزاز والاتجار بالمخدرات والسطو المسلح. ولا تزال أشكال مختلفة من التمويل غير المشروع تدر أرباحا على عدد لا يحصى من المنظمات الآرية العنيفة. وفي أوائل عام 2020، نجحت ولاية تكساس في مقاضاة 64 فردا من العنصريين البيض الذين انضموا إلى مجموعات آرية متعددة للقيام بمجموعة كبيرة من الجرائم، بما في ذلك الاتجار بأكثر من 1600 كيلوغرام من الميثامفيتامين والكوكايين والهيروين. ولا يزال نطاق تورط جماعات اليمين المتطرف في تجارة المخدرات في الولايات المتحدة واسعا، وتعتقل الدولة يوميا أشخاصا على صلة مع هذه الجماعات في جميع أنحاء البلاد.
ولكن الإنترنت، ولا سيما مع استخدامه المكثف في فترة جائحة كورونا، سيبقى منصة لتمويل جماعات اليمين المتطرف الأقل خطرا، على أنه لا ينبغي الاستخفاف التام بخطرها. ومع ذلك، فإن الطابع اللامركزي للإنترنت قد يجعل جهود التمويل المنظمة لصالح المجموعات أقل فعالية من جهود التمويل الفردية. وفي الوقت نفسه، سيواصل الأفراد تمويل أنشطتهم ذاتيا من خلال أنشطتهم المشروعة. ومع ذلك، وفي الوقت الذي يبحث فيه المتطرفون اليمينيون عن طرق جديدة ومبتكرة لكسب الأموال، فمن المرجح أن يعتمدوا آليات تربط الجريمة بالإرهاب على نحو ما يفعل الجهاديون وغيرهم من الإرهابيين، بما في ذلك الاحتيال والجرائم البسيطة وعمليات الاحتيال الإلكتروني، ومنها سرقة بطاقات الائتمان والهوية. وقد تصعّب هذه الأنشطة على أجهزة السلطات الأمنية تتبع الأموال من أجل كشف الشبكات الإجرامية. وبدلا من ذلك، فإن الجهود الأكثر فعالية تكمن باستخدام موارد مصلحة الضرائب لمراقبة البائعين عبر الإنترنت الذين يبيعون غنيمة مرتبطة بالحركات التي تعد تهديدا للأمن القومي. ولطالما سعت الحركات اليمينية، وكثير منها مناهض للدولة في أيديولوجيتها، إلى مقاومة دفع الضرائب، مما يجعلها عرضة لاتهامها بجرائم مالية قد تؤدي إلى اتهامات أخرى مع مرور الوقت.