أوّل الكلام آخره:
- مؤخرا، شن تنظيم داعش في ولاية إفريقيا الوسطى هجوما في تنزانيا، في توسيع لنطاق عملياته في شمال الموزمبيق المجاورة.
- يظهر هجوم تنظيم داعش هذا أن المجموعة لا تضم موزمبيقيين فحسب، بل أشخاصا من تنزانيا وغيرها من دول المنطقة.
- تظهر منشورات تنظيم داعش الأخيرة أن تنزانيا باتت جزءا من ولاية افريقيا الوسطى (بحسب البنية التنظيمية لداعش) فضلا عن الموزمبيق والكونغو.
- يمكن توقع هجمات أخرى في تنزانيا على طول الساحل الجنوبي للبلاد وعلى طول الحدود مع الموزمبيق.
في 15 تشرين الأول / أكتوبر، أعلن تنظيم داعش عن أول هجوم في تنزانيا يتبناه فرع ولاية إفريقيا الوسطى. وكانت ولاية إفريقيا الوسطى (بحسب بنية داعش) تضم المقاتلين الموالين للتنظيم في الموزمبيق والكونغو، وباتت اليوم تضم على ما يبدو مقاتلي تنزانيا أيضا. وعلاوة على ذلك، أكد تنظيم داعش التزامه بمزيد من الهجمات مستقبلا في تنزانيا من خلال إدراجها إلى جانب الموزمبيق والكونغو على خريطة هجماته في نشرته الإخبارية الأسبوعية «النبأ». وفي الأمس فقط، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن تدبير عملية اقتحام للسجون في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أدت إلى فرار 1300 سجين. ومع تضعضع خلافة التنظيم في العراق وسوريا ومحاولتها التقاط أنفاسها وإعادة تنظيم صفوفها، بدأ التنظيم بصب المزيد من الاهتمام على حضوره المتنامي في جميع أنحاء إفريقيا التي شهدت نموا كبيرا للجهاديين على مدار عام 2020.
وبما أن تنظيم داعش لا يتمتع بروابط إعلامية قوية مع مقاتليه في الموزمبيق واليوم في تنزانيا، فإنه لم ينشر على الفور أي مقاطع فيديو عن الهجوم في تنزانيا. وكان ذلك على الرغم من ظهور مقاطع فيديو وصور تشبه تلك الصادرة عن تنظيم داعش من المقاتلين في تنزانيا ثم انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي. ولم يظهر التنظيم إلا صورة واحدة لبطاقة هوية جندي تنزاني إلى جانب تبني الهجوم رسميّا في دعايته. ومع ذلك، فإن نشر هذه الصورة، التي يفترض أنها مأخوذة من جندي تنزاني مقتول، يؤكد فكرة أن وسائل الإعلام المركزية لتنظيم داعش على اتصال بالفعل بمقاتليه في جميع أنحاء منطقة شرق إفريقيا.
ولا شك أن بين المقاتلين في الموزمبيق أجانب، ولكن ما من دليل بيّن على مشاركة مقاتلين عرب من مركز أرض الخلافة المزعومة. ويرجع ذلك إلى أن المقاتلين الأجانب التابعين للتنظيم هم في المقام الأول من الناطقين باللغة السواحلية من مختلف أنحاء شرق إفريقيا، بما في ذلك كينيا وتنزانيا، وربما أيضا أوغندا ودولة جزر القمر. وبالتالي، لا يبدو أن تنظيم داعش (حتى اليوم على الأقل) يسعى لإرسال مقاتلين من سوريا أو العراق إلى الموزمبيق أو تنزانيا، بل لعله غير قادر على ذلك إن أراد. وسيكون ذلك صعبا من الناحية اللوجستية ليس فقط بسبب المراقبة التي تقوم بها وكالات الاستخبارات الدولية وقوات أمن الدولة، بل بسبب تراجع خطوط النقل نتيجة القيود المفروضة بسبب وباء كورونا. ووقع هجوم تنظيم داعش في ولاية افريقيا الوسطى في كيتايا، التي تقع في الأراضي التنزانية على الحدود الموزامبيقية. ولم يكن ذلك الموقع مفاجئا لأنه عام 2019 قام مسلحون يشتبه في أنهم عبروا الحدود من الموزمبيق بقتل ستة مزارعين بالقرب من تلك المنطقة. بيد أنه لم يتبنّ فيما مضى أي جانب ذلك الهجوم ولا غيره من الهجمات على الجانب الموزمبيقي من الحدود، على عكس الهجوم الأخير الأسبوع الماضي. وفي حين أن هذا الهجوم من المحتم أن يؤدي إلى صدمة في جميع أنحاء تنزانيا نتيجة أنه أودى بحياة ثلاثة جنود على الأقل ومدنيين آخرين، فإنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان هجوما لمرة واحدة أو إنذارا بتمرد يستمر وإن على مستوى منخفض. وإذا حصل ذلك، فقد لا تكون قوات الأمن التنزانية مجهزة للتعامل مع حملة جهادية طويلة الأمد، خاصة إذا كان هؤلاء المسلحون يشكلون جزءا من شبكة إقليمية كبيرة من الإرهابيين والمتمردين.
ولم تقم تنزانيا بما يستوجب استفزاز فرع ولاية إفريقيا الوسطى التابع لتنظيم داعش. فهي، على سبيل المثال، لم تتدخل في الأراضي الموزمبيقية لاحتواء الجماعة. ومن الناحية الاستراتيجية، فإن الهجوم يدلّ ضمنيا على توسيع فرع ولاية افريقيا الوسطى نطاق عملياته. وإذا تحرك هذا الأخير نحو الشرق وهدد بلدة متوارا الساحلية التنزانية، التي تضم ما يقارب 100,000 شخص، فإن ذلك سيجبر تنزانيا بلا شك على اتخاذ إجراءات أكثر جدية. ولكن فرع ولاية افريقيا الوسطى قد يستفيد من بعض الدعم المحلي لأن الحكومة التنزانية في السنوات السابقة كانت قد شنت حملة على الإسلاميين والمتعاطفين مع الجهاديين في جنوب البلاد. وقد تفرق بعضهم في جميع أنحاء تنزانيا والمنطقة، ولن يكون من المستغرب أن يقوم آخرون بإنشاء روابط أكثر رسمية مع فرع ولاية افريقيا الوسطى التابع لتنظيم داعش. وفي الوقت نفسه، لفت نجاح مقاتلي هذا الفرع في الموزمبيق والكونغو انتباه قيادة تنظيم داعش. وقد شدد المتحدث باسم الجماعة، أبو حمزة المهاجر، على هذين البلدين، فضلا عن كينيا، في بيانه الصوتي الصادر في 17 تشرين الأول / أكتوبر. وإذا كان فرع ولاية افريقيا الوسطى قادرا على شن المزيد من الهجمات في تنزانيا، فمن المؤكد أن المهاجر أو زعيمه الخليفة أبا إبراهيم الهاشمي القرشي، سيذكران تنزانيا في تصريحات لاحقة.