أوّل الكلام آخره:
- وافق الرئيس بايدن مؤخرًا على خطة لإعادة نشر مئات من القوات الأمريكية في الصومال استجابةً للتهديد المتزايد الذي تشكله جماعة الشباب المرتبطة بالقاعدة.
- في جنوب آسيا، كثف تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان (المرتبط بداعش) هجماته ضد طالبان والمدنيين الأفغان، وكذلك شن هجمات على البلدان المجاورة انطلاقا من الأراضي الأفغانية.
- عدّل تنظيم داعش هيكله التنظيمي منذ وفاة زعيمه السابق أبي إبراهيم الهاشمي القرشي، وفصل تنظيم الدولة الإسلامية في الساحل وفي الموزمبيق عن الفروع الإقليمية الأخرى.
- مع تحويل الدول الغربية مواردها من مكافحة الإرهاب العالمي إلى جهود التنافس بين القوى العظمى، بقيت نقاط ضعف كثيرة ولا سيما في مناطق الصراع الجديدة، كما أن الفراغات في السلطة في أماكن متعددة تستمر في جذب الجماعات الجهادية.
وافق الرئيس جوزيف بايدن مؤخرًا على خطة لإعادة نشر مئات من القوات الأمريكية في الصومال، استجابة للتهديد المتزايد الذي تشكله جماعة الشباب المرتبطة بالقاعدة. وستعيد هذه الخطوة قوات العمليات الخاصة إلى الصومال بمهمة واضحة تتعلق باستهداف قيادة جماعة الشباب. وفي الوقت نفسه، تُبذل الجهود لمعالجة العديد من العوامل التي قد تدفع السكان المحليين لدعم المجموعة، بما في ذلك الظروف الإنسانية الأليمة وانعدام الأمن. وتعيد الولايات المتحدة وحلفاؤها اليوم تقييم الوضع الحالي للإرهاب العالمي من إفريقيا جنوب الصحراء إلى جنوب آسيا، وتخصيص الموارد للتعامل مع التهديدات الأكثر إلحاحًا. وفي الاجتماع الأخير للتحالف العالمي لهزيمة داعش في مراكش بالمغرب، والذي جمع وزراء من التحالف المؤلف من 83 عضوًا، كان من الواضح أن إفريقيا كانت على رأس جدول الأعمال. إذ تنشط الجماعات التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في جميع أنحاء منطقة الساحل ومنطقة غرب إفريقيا الأوسع، مع وجود متزايد في بوركينا فاسو ومالي والنيجر ونيجيريا. وقد انتشر العنف إلى دول أخرى أيضًا، بما في ذلك الكاميرون وبنين وغانا وتوغو. وفي عام 2021، استحوذت إفريقيا على ما يقرب من نصف (48 ٪) هجمات داعش في جميع أنحاء العالم. ويبدو، من بعض النواحي، أن مركز الثقل للجهاديين السلفيين قد انتقل من بلاد الشام إلى إفريقيا جنوب الصحراء. ويحدث هذا في وقت مضطرب، مع حدوث انقلابات في دول مثل مالي، وانسحاب بعض قوات الأمن الأوروبية، وزيادة عديد المتعاقدين العسكريين الروس مثل متعاقدي مجموعة فاغنر.
وفي جنوب آسيا، كثف تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان (داعش خراسان) هجماته ضد طالبان، وكذلك شن هجمات على البلدان المجاورة انطلاقا من الأراضي الأفغانية. وقد أطلق مسلحو داعش خراسان صواريخ على كل من أوزبكستان وطاجيكستان في محاولة لزعزعة استقرار المنطقة. ويتمثل جزء من أهداف داعش في أفغانستان في إحراج طالبان وإثبات أن طالبان غير راغبة وغير قادرة على توفير الأمن للبلاد بأكملها. وفي الوقت نفسه، تشير التقييمات الأخيرة لوزارة الدفاع الأمريكية إلى أنه في غضون السنة أو السنتين القادمتين، من المرجح أن تخفف طالبان القيود المفروضة على القاعدة، مما سيسمح لأعضائها بمزيد من حرية الحركة والتدريب والسفر وربما إعادة إنشاء قدرة عمليات خارجية. ومن المحتمل أيضًا أن ترى طالبان تنظيم القاعدة ثقلا موازنا فعالا في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان، على الرغم من أن التوترات المتزايدة بين الجماعات الجهادية تخاطر بجر أفغانستان مباشرة إلى الحرب الأهلية وزيادة زعزعة استقرار البلاد. لقد أثبتت حركة طالبان ضعف كفاءتها في مكافحة التمرد رغم أنها اتخذت نهجًا صارمًا في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان، ولكن جهودها أدت إلى عزل المدنيين في المناطق الواقعة على طول الحدود الأفغانية الباكستانية. وبالنسبة لدول المنطقة، ولا سيما الهند وباكستان، فإن التقلبات في أفغانستان تخلق بيئة أمنية لا يمكن التنبؤ بها، مع تزايد قلق الهند بشأن علاقة طالبان بباكستان؛ وفي الوقت نفسه، تشير التقارير إلى أن إسلام أباد غير راضية عن العجز الذي أظهرته طالبان في كبح جماح الجماعات الباكستانية التي تهدد الحكومة.
ومنذ وفاة أبي إبراهيم الهاشمي القرشي، زعيم داعش السابق، أعاد داعش تنظيم بعض فروعه، وفصل تنظيم الدولة الإسلامية في الساحل وتنظيم الدولة الإسلامية في الموزمبيق. وقد تكون التعديلات التنظيمية أمرًا لا مفر منه، حيث تسعى الدولة الإسلامية للبقاء على صلة بفروعها حتى مع فقدان آخر المناطق المتبقية من «خلافتها» المزعومة في العراق وسوريا في آذار (مارس) 2019. وقد تضاءلت فروعها الإقليمية في اليمن وليبيا والصومال وجميع مناطق جنوب شرق آسيا، ومع ذلك فقد استمرت في نيل تعاطف بعض الفئات، ولا يزال قسم الإعلام التابع لها يسعى لإلهام هجمات جديدة في الدول الغربية من خلال تحريض أتباعه على الانخراط في أعمال إرهابية. وقد قال مدير وكالة المخابرات الدفاعية في شهادته الأخيرة أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ إنه يعتقد أن القاعدة وداعش على بعد 12 شهرًا من القدرة على إعادة تشكيل قدراتهما على التخطيط للعمليات الخارجية. ويعتقد البعض الآخر أن ذلك يمكن أن يحدث في وقت أقرب.
ومع تحويل الدول الغربية للموارد من مكافحة الإرهاب العالمي إلى جهود المنافسة بين القوى العظمى، بقيت بعض نقاط الضعف، ولا سيما في مناطق الصراع الجديدة، كما أن الفراغات في السلطة في أماكن متعددة تستمر في جذب الجماعات الجهادية. وعلاوة على ذلك، لا يزال عشرات الآلاف من الأفراد يقبعون في معسكرات الاعتقال في جميع أنحاء سوريا، حيث يعيشون في ظروف يرثى لها ويقدمون لداعش سردية جاهزة لمظلوميتها. ويمكن أن تساعد محاولات الهروب من السجون، على غرار ما حدث في الحسكة في كانون الثاني (يناير)، في مساعدة داعش على تجديد صفوفه. ومع استمرار البلدان في كفاحها مع التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لوباء كوفيد-19 والصدمات الاقتصادية المرتبطة بالمناخ وانعدام الأمن الغذائي الذي تفاقم بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا ونزوح السكان بسبب النزاعات المستمرة في جميع أنحاء العالم، فأمام الجماعات المتطرفة العنيفة الكثير من الثغرات التي يمكن استغلالها في الأشهر المقبلة.
وقد ناقش التحالف العالمي لهزيمة داعش جهود بناء القدرات التي ستكمل الإجراءات الحالية. وتشمل الخطوط التكميلية هذه أمن الحدود، وتبادل المعلومات، وإصلاح مؤسسات الدفاع. كما أن الجهود تبذل أيضا لتعزيز التعاون بين التحالف الدولي والشركاء الآخرين العاملين بالفعل على الأرض، بما في ذلك القوات من عدة جيوش أوروبية والقوات الأمنية من الدول الأفريقية. وفي الأمم المتحدة – حيث طور مجلس الأمن والهيئات الأخرى أطرًا قانونية وتقنية وسياسية معقدة لتعزيز التعاون الدولي وبناء قدرات الدول الأعضاء – تبرز الحاجة لتقييم الدروس المستفادة والتأكد من أن مستقبل جهود مكافحة الإرهاب الدولية يتماشى مع التهديدات الحالية والمتطورة على الأرض.