أوّل الكلام آخره:
- في أواخر نيسان (أبريل)، قُتل ثلاثة مواطنين صينيين في كراتشي بباكستان في هجوم انتحاري تبناه جيش تحرير بلوشستان، الذي تصنفه الولايات المتحدة ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية العالمية «المصنفة بشكل خاص».
- مع ازدياد النفوذ الاقتصادي والسياسي والأمني للصين في باكستان، هاجم جيش تحرير بلوشستان عن عمد المواطنين الصينيين ومصالحهم في البلاد على مدى السنوات القليلة الماضية.
- يعزز النطاق الواسع للمنظمات التي استهدفت المواطنين الصينيين والمصالح الصينية في باكستان في السنوات الأخيرة المخاوف المتزايدة بشأن المشاركة الصينية.
- إن تعميق العلاقات الصينية الباكستانية يخدم أهداف بكين الجيوسياسية في المنطقة، بدءًا من تعزيز تحالفها التاريخي مع باكستان ضد الهند وانتهاء بإقامة علاقات أوثق مع أفغانستان التي تسيطر عليها طالبان الآن.
في 26 نيسان (أبريل)، قُتل ثلاثة مواطنين صينيين وسائق باكستاني في هجوم انتحاري في مدينة كراتشي الباكستانية أعلن جيش تحرير بلوشستان مسؤوليته عنه. وفي بيان على الإنترنت، أعلن جيش تحرير بلوشستان أن الهجوم استهدف عمدًا مواطنين صينيين من معهد كونفوشيوس الذي تموله الصين في حرم جامعة كراتشي «لإعطاء رسالة واضحة للصين مفادها أن وجودها المباشر أو غير المباشر في بلوشستان لن يُتسامح معه…» وزعم بيان الجماعة أيضًا أن الهجوم نفذته الانتحارية الأولى، شاري بلوش، المنتمية إلى لواء المجيد في جيش تحرير بلوشستان، مما يشير إلى الدور العملياتي الذي تلعبه النساء في الهجمات الإرهابية. ويأتي هذا الهجوم الأخير بعد عدة هجمات مماثلة في السنوات الأخيرة، كان فيها مواطنون صينيون ومصالحهم هدفًا للعنف السياسي والإرهاب في باكستان. وقد حدثت هذه الزيادة في الهجمات جنبًا إلى جنب مع تعميق الحزب الشيوعي الصيني علاقاته الاقتصادية والأمنية مع الحكومة الباكستانية. وفي حين أن تدهور الأوضاع الأمنية للمواطنين الصينيين والمصالح الصينية في باكستان يمكن أن يعقد تطلعات بكين الاقتصادية في باكستان، فإنه يمكن أن يوفر أيضًا فرصًا لتعاون أمني أعمق بين الصين وباكستان.
وجيش تحرير بلوشستان هو منظمة عرقية قومية، صنفتها الولايات المتحدة ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية العالمية «المصنفة بشكل خاص»، وهي تعارض الحكومة الباكستانية وتسعى في نهاية المطاف إلى إنشاء دولة ذات سيادة تشمل مناطق في باكستان وإيران وأفغانستان. وكان جيش تحرير بلوشستان تاريخيا يستهدف بشكل أساسي قوات الأمن الباكستانية في مقاطعة بلوشستان وكراتشي، وهي مركز اقتصادي رئيسي بالقرب من المقاطعة. ومع زيادة النفوذ الاقتصادي والسياسي والأمني للصين في باكستان على مدى السنوات الماضية – ولا سيما منذ إطلاق الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني الذي تبلغ قيمته 62 مليار دولار في عام 2013 – استهدف الإرهابيون عمدًا المواطنين الصينيين والمصالح في البلد. ففي تشرين الثاني (نوفمبر) 2018، استهدفت الجماعة القنصلية الصينية في كراتشي، وفي العام الماضي استهدفت سلسلة من الهجمات العمال الصينيين في المدينة. وقد لاحظ الخبراء والمحللون أن استخدام جيش تحرير بلوشستان للتفجيرات الانتحارية مثلما حدث في هجوم الأسبوع الماضي، هو تكتيك جديد نسبيًا للجماعة. وبعد تقارير العام الماضي التي تفيد بأن جيش تحرير بلوشستان قد يسعى أيضًا إلى التعاون بشكل أوثق مع الجماعات الانفصالية الأخرى في بلوشستان، فإن الهجوم الأخير وتهديدات الجماعة للمصالح والمواطنين الصينيين يوضح الوضع الأمني المقلق بشكل متزايد لكل من الصين وباكستان.
وقد سعت عدة جماعات مسلحة باكستانية أخرى إلى استهداف مصالح الصين ومواطنيها في باكستان. ففي العام الماضي، كاد السفير الصيني في باكستان، نونغ رونغ، أن يكون ضحية في تفجير استهدف فندقًا في كويتا نفذته حركة طالبان الباكستانية. وفي حزيران (يونيو) 2017، اختُطف مواطنان صينيان في مدينة كويتا الباكستانية، وأعدمهما فيما بعد أعضاء في تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). يعزز النطاق الواسع للمنظمات التي استهدفت المواطنين الصينيين والمصالح الصينية في باكستان في السنوات الأخيرة المخاوف المتزايدة بشأن المشاركة الصينية. ومن المرجح أن يزداد هذا في السنوات القادمة مع رسوخ الصين اقتصاديًا في باكستان. ويأتي كل ذلك أيضا في سياق الأوضاع الأمنية المتقلبة التي خلقها انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان العام الماضي. وفي الواقع، يُعتقد أن بعض المنظمات التي استهدفت الصين في باكستان تعمل جزئيًا من أفغانستان، بما في ذلك جيش تحرير بلوشستان وحركة طالبان الباكستانية.
وتعد باكستان أحد أكثر الشركاء حماسة في مشروع السياسة الخارجية الصيني الطموح، مبادرة الحزام والطريق، والتي يعد الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني حجر الزاوية فيها. وكما هو الحال في البلدان الأخرى المستفيدة من مبادرة الحزام والطريق، أدى الغزو الاقتصادي الصيني أيضًا إلى زيادة التعاون السياسي والأمني مع الحكومات المضيفة. كما انعكس النفوذ الصيني في البلدان المستفيدة من مبادرة الحزام والطريق في الصمت النسبي الذي أظهرته هذه الدول بشأن الإبادة الجماعية التي ارتكبها الحزب الشيوعي الصيني ضد الأويغور والمعارضين الآخرين في شينجيانغ. ووصف تقرير حديث صادر عن مركز وودرو ويلسون بالتفصيل كيف أن الأويغور والأقليات الأخرى هم الأكثر عرضة للاحتجاز أو التسليم في البلدان المستفيدة من مبادرة الحزام والطريق، والتي تعد فيها الصين أكبر دائن مالي، بما في ذلك باكستان. وفي عام 2020، وقعت بكين وإسلام أباد اتفاقية لتعزيز التعاون الدفاعي بين جيش التحرير الشعبي الصيني ونظيره الباكستاني. وفي عام 2021، أعلن البلدان عن تعاون أعمق في مكافحة الإرهاب. ومع استمرار تزايد المخاوف الأمنية للصين في باكستان مع تفاقم العنف، سيستمر التعاون العسكري والأمني الاستراتيجي بين الصين وباكستان في التطور بالتوازي. إن تعميق العلاقات الصينية الباكستانية يخدم أهداف بكين الجيوسياسية في المنطقة، ويعزز تحالفها التقليدي مع باكستان ضد الهند ويسمح بتعميق العلاقات مع أفغانستان التي تسيطر عليها طالبان الآن.