أوّل الكلام آخره:
- في قمة قادة مجموعة السبع الأخيرة في ألمانيا، أطلق القادة الغربيون رسميًا شراكة استثمارية عالمية، مصممة بشكل كبير للتنافس مع مبادرة الحزام والطريق الصينية.
- منذ إطلاق مبادرة الحزام والطريق في عام 2013، توالت الانتقادات بسبب طبيعتها غير المستدامة وبسبب وطأة الديون الواقعة على الدول المتلقية والأضرار البيئية.
- صممت الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار على أساس أن الاستثمار في البنية التحتية يجب ألا يركز فقط على النقل، ولكن أيضًا على البنية التحتية الرقمية والاتصالات.
- من الأهمية بمكان أن تُطوّر المشاريع في إطار الشراكة الجديدة بالتشاور مع البلدان المتلقية لتلبية احتياجاتها بشكل مناسب، وليس وفق ما تمليه دول مجموعة السبع أو تعتقد أن تلك البلدان بحاجة إليه.
في قمة قادة مجموعة السبع في شلوس إلماو بألمانيا، أطلق القادة الغربيون رسميًا البنية التحتية العالمية وشراكة الاستثمار التي كان قد أعلن عنها رسميًا قبل عام في قمة قادة مجموعة السبع في بريطانيا. ويهدف البرنامج، الذي أطلق عليه اسم «الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية»، إلى ضخ 600 مليار دولار بحلول عام 2027 في استثمارات للبنية التحتية في البلدان النامية مع التركيز على التنمية المستدامة والآمنة. ولم يذكر الرئيس بايدن ولا صحيفة الوقائع الخاصة بالبيت الأبيض الصين بالاسم صراحة. ومع ذلك، فمن المفهوم عمومًا أن المشروع الجديد يهدف إلى توفير بديل عن استثمارات الصين في البنية التحتية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل – والمعروفة أيضًا باسم مبادرة السياسة الخارجية التي أطلقها الرئيس شي، والتي تعرف أيضا بمبادرة الحزام والطريق. ومع ذلك، فلا تزال أمام الشراكة الاستثمارية الجديدة تحديات عديدة من حيث مدى فعالية البديل المقدم في التنافس مع مبادرة الحزام والطريق الصينية. بشكل رئيسي، من المهم أن يتم تطوير المشاريع في إطار الشراكة الجديدة بالتشاور مع البلدان المتلقية لتلبية احتياجاتها بشكل مناسب، وليس وفق ما تمليه عليها دول مجموعة السبع أو تعتقد أنها بحاجة إليه. وفضلا عن ذلك، ستكون الدبلوماسية العامة جزءًا لا يتجزأ من الشراكة الجديدة من أجل مواجهة السرديات الصينية التي تشوه سمعة الديمقراطية الليبرالية على المسرح العالمي.
ومنذ إطلاق مبادرة الحزام والطريق رسميًا في عام 2013، توالت الانتقادات لمشاريعها بسبب طبيعتها غير المستدامة، وبسبب إيقاعها البلدان المتلقية تحت وطأة الديون الثقيلة، وبسبب الأضرار البيئية. وبينما يصف الحزب الشيوعي الصيني مبادرة الحزام والطريق على أنها سياسة اقتصادية بحتة، تثير الدول الغربية مخاوف بشأن النوايا الحقيقية للصين والتأثيرات المحتملة على المشهد الجيوسياسي العالمي حيث تتقدم الصين في آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا وأجزاء من أوروبا. وفي الواقع، وحتى قبل جائحة كوفيد-19، انتُهكت سياسة الدول التي تخلفت عن سداد ديونها الخارجية للصين، فاضطرت إلى تأجير بعض بناها التحتية الحيوية (مثل الموانئ) للصين في عقود طويلة الأجل تصل إلى 100 عام. وقد تفاقمت أزمة ديون البلدان المستفيدة من مبادرة الحزام والطريق منذ عام 2020، كما يتضح من أزمات الديون الخارجية الحالية في سريلانكا ولاوس وزامبيا.
وتوصف الشراكة الجديدة على أنها توفر بديلا مستداما للاستثمار في البنية التحتية وتطويرها. وقال الرئيس الأمريكي بايدن إن البرنامج سيسمح للدول «برؤية الفوائد الملموسة للشراكة مع الديمقراطيات». وفي حين انتقدت هذه الشراكة بسبب بدايتها البطيئة العام الماضي، شملت بعض المبادرات المبكرة استثمارًا في مزرعة شمسية بقيمة 2 مليار دولار في أنغولا، وكابل اتصالات بحري بطول 1000 ميل سيربط سنغافورة بفرنسا عبر مصر والقرن الأفريقي. ويعد المثال الأخير شاهدا على أن الاستثمار في البنية التحتية اليوم لا ينبغي أن يركز حصريًا على الطرق والموانئ والسكك الحديدية، ولكن أيضًا على البنية التحتية الرقمية والاتصالات. وفي الواقع، أثبت «طريق الحرير الرقمي» الصيني، وهو جزء من مبادرة الحزام والطريق ويعزز الوصول إلى البنية التحتية الرقمية ويصدر التكنولوجيا الناشئة، أنه سبب رئيسي لقلق الدول الديمقراطية. إذ يمكن لتكنولوجيا المراقبة التي تصدرها الصين أن تساعد البلدان الاستبدادية الأخرى في قمع المعارضة السياسية وتآكل المجتمع المدني.
ومع ذلك، فلا تزال أمام مشاريع الشراكة الجديدة العديد من التحديات: أولًا، لقد أدت الأحداث الاقتصادية والجيوسياسية التي حدثت خلال العام الماضي – بما في ذلك التضخم وارتفاع تكاليف الطاقة بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا – إلى زيادة تكلفة تنفيذ المشاريع. وثانيًا، يسلط التحليل الأخير الذي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الضوء أيضًا على العوائق التي تعترض مشاريع الشراكة الجديدة على صعيد احتساب المخاطر السيادية والمخاطر المالية. وثالثًا، بينما أعلن بايدن أن الولايات المتحدة تسعى لضخ 200 مليار دولار في البرنامج على مدى السنوات الخمس المقبلة من خلال مزيج من التمويل الخاص والمنح والأموال الفيدرالية، فإنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الأمر يتعلق بمشاريع جديدة، أم أنه يتعلق بتغطية فواتير المشاريع القائمة بالفعل بعد أن تُغطى بمظلة الشراكة الجديدة. ومن الأهمية بمكان أن تُطوّر المشاريع في إطار الشراكة الجديدة بالتشاور مع البلدان المتلقية لتلبية احتياجاتها بشكل مناسب، وليس وفق ما تمليه دول مجموعة السبع أو تعتقد أن تلك البلدان بحاجة إليه. وستكون الدبلوماسية العامة جزءًا لا يتجزأ من الشراكة الجديدة من أجل مواجهة السرديات الصينية التي تشوه سمعة الديمقراطية الليبرالية على المسرح العالمي.