أوّل الكلام آخره:
- أثمرت جهود النظام التي بذلت لضمان انتخاب رئيس مقرب من المرشد الأعلى الإيراني فوز إبراهيم رئيسي في الانتخابات يوم الجمعة.
- قد يعكس الانخفاض النسبي في إقبال الناخبين إلى استيائهم من استبعاد بعض المرشحين لصالح رئيسي، مما قد ينذر باضطرابات مستقبلية محتملة.
- سيكون رئيسي أكثر حذرا من الانخراط الدبلوماسي لبلاده مع خصومها، وسيفضل دعم الإنتاج المحلي على جلب الاستثمارات الأجنبية.
- من المرجح أن يتوصل الرئيس الجديد إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن العودة المتبادلة إلى الاتفاق النووي الإيراني الذي عقد عام 2015 وأن يلتزم به، ولكن التوقيت لا يزال غير مؤكد.
أسفرت الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 18 حزيران / يونيو عن النتيجة المتوقعة، وهي فوز رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي، وهو رجل دين شيعي معروف، وإن لم يكن من المراجع الكبار، بالتصويت بأغلبية مريحة ولكن بنسبة إقبال منخفضة نسبيا. ووفقا لوزير الداخلية الإيراني، فاز رئيسي البالغ من العمر 60 عاما بنحو 18 مليون صوت من أصل ما يقارب 29 مليون صوت. وسيعزز فوز رئيسي في الانتخابات خطة المرشد الأعلى علي خامنئي البالغ من العمر 81 عاما التي تتمثل بتعبيد الطريق أمام خليفته المتوقع. وقد نشأ رئيسي، وهو حليف مقرب لخامنئي، في مدينة مشهد الشمالية. على أن العديد من الإيرانيين الذين يتبعون توجها إصلاحيا امتنعوا عن المشاركة في انتخابات رأوها محسومة النتائج، فقد بلغت نسبة الإقبال 49 ٪، وهي الأقل منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979. وقد عكست النسبة القليلة للتصويت لصالح المرشح الإصلاحي الوحيد الذي سمح له بالترشح، محافظ البنك المركزي المنتهية ولايته عبد الناصر هماتي،خطة الاستبعاد المعتمدة. وكان الناخبون ذوو التوجه الإصلاحي قد حققوا للرئيس الحالي حسن روحاني، الرجل المعتدل، انتصارات كبيرة عامي 2013 و 2017، بما في ذلك هزيمته لرئيسي في الانتخابات الأخيرة.
وقد يؤدي الاستياء من سيطرة النظام الواضحة على الانتخابات، في مرحلة ما، إلى تأجيج اضطرابات كبيرة، مثلما حدث في الانتفاضة ضد التزوير المزعوم في الانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 2009، ومؤخرا، بسبب الفساد والضائقة الاقتصادية أواخر عام 2019. وربما يخشى العديد من الإيرانيين من أن انتخاب رئيسي قد يعني العودة إلى السياسات الداخلية القمعية لمعظم الرؤساء السابقين. وتزداد فرص الاضطرابات إذا تبين أن رئيسي عاجز عن الوفاء بوعود حملته بالحد من الفساد الرسمي والتصدي بفعالية للتداعيات الاقتصادية لوباء كورونا والعقوبات الأمريكية. وخلال الحملة، التي تضمنت العديد من المناظرات القوية، وعد رئيسي باتباع استراتيجية المرشد الأعلى المعلن عنها للاكتفاء الذاتي الاقتصادي (والمعروفة باسم «اقتصاد المقاومة») التي تفضل دعم الصناعات المحلية على جلب الاستثمارات الأجنبية، وهي استراتيجية لا يرى معظم الاقتصاديين بأنها ستعالج الضائقة الاقتصادية في إيران.
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، يتناقض نهج رئيسي وحلفائه المتشددين بشكل مباشر مع النهج الذي اتبعه روحاني ووزير الخارجية في عهده محمد جواد ظريف، اللذان كانا يشجعان إقامة علاقات مع خصوم إيران، بما في ذلك الولايات المتحدة والدول الأوروبية وممالك الخليج الفارسي، لتحقيق الأهداف الاقتصادية والأمنية الوطنية المنشودة. وشددت حملة رئيسي على علاقاته الوثيقة مع أبطال «محور المقاومة» الذي تقوده إيران، مثل قائد قوات فيلق القدس، قاسم سليماني، الذي قتل بضربة أمريكية في كانون الثاني / يناير 2020. ويبقى التساؤل الأول هو ما إذا كان سيسمح لرئيسي بالسفر إلى أوروبا أو بتمثيل إيران في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في الولايات المتحدة. فأثناء عمله مدعيا عاما عام 1988، يزعم أنه أيد قتل عدة آلاف من السجناء السياسيين الإيرانيين في السجون الإيرانية. وفي حين لم يعلق رئيسي على هذا الاتهام من قبل، تكثر الشكوك من أنه نادرا ما يغادر إيران خوفا من الانتقام أو من العدالة الدولية بسبب أحكام الإعدام. وفي عام 2019، فرضت عليه إدارة ترامب عقوبات بموجب أمر تنفيذي يفرض عقوبات أمريكية على المسؤولين والمؤسسات المرتبطة بمكتب المرشد الأعلى.
ويبقى السؤال الأهم لإدارة بايدن هو كيف سيؤثر انتخاب رئيسي في المحادثات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران في فيينا بشأن العودة إلى الامتثال للاتفاق النووي الإيراني المتعدد الأطراف الذي عقد عام 2015. ويبرز بعض القلق من أن يشدد رئيسي على مواقف إيران التفاوضية، في حال عدم التوصل إلى اتفاق قبل تنصيبه في أوائل آب / أغسطس. ولأن فلسفة رئيسي الاقتصادية لا تعتمد على جذب الاستثمار الأجنبي أو توسيع التجارة الخارجية، فقد يرفض الرضوخ لمطالب الولايات المتحدة بالامتثال النووي حتى تخفف الولايات المتحدة من عقوباتها. وبصفته حليفا مقربا للمرشد الأعلى، الذي وعد بعودة إيران إلى الامتثال للاتفاق إذا قامت الولايات المتحدة بذلك، فمن المرجح أن يكمل رئيسي المفاوضات النووية في حال استيفاء متطلبات تخفيف العقوبات الأساسية على إيران. وفي الواقع، تتمتع إيران بإمكانية تسريع محادثات فيينا من أجل محاولة التوصل إلى اتفاق قبل تولي رئيسي منصبه. ومن شأن تحقيق ذلك، أن يمكن رئيسي من تجنب انتقاد المتشددين لعودة إيران إلى الامتثال للاتفاق. وبغض النظر عن التوقيت، يطرح الاتفاق الأمريكي الإيراني في فيينا تساؤلا مفتوحا عما إذا كان بإمكان الولايات المتحدة تحقيق تقارب أوسع مع إيران يقودها رجل يتبنى علنا المبادئ الأساسية للثورة الإسلامية.