أوّل الكلام آخره:
- خلص تحقيق قضائي فرنسي إلى أن شركة لافارج للإسمنت سوريا، التابعة لشركة لافارج، دفعت ما يصل إلى 13 مليون يورو لمجموعة من الجماعات المسلحة العاملة في سوريا، بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
- اتُهم العديد من كبار المسؤولين التنفيذيين السابقين، بمن فيهم اثنان من الرؤساء التنفيذيين السابقين، بتهم تمويل الإرهاب في عام 2018.
- رفض حكم محكمة في فرنسا صدر عام 2019 تهم التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية، لكن المحكمة العليا في فرنسا نقضت هذا الحكم، وأمرت بإعادة المحاكمة في أيلول (سبتمبر) 2021.
- يأمل بعض نشطاء حقوق الإنسان أن تكون قضية لافارج نموذجا لمحاكمات أخرى لشركات متعددة الجنسيات متورطة في تمويل الإرهاب ومتواطئة في جرائم ضد الإنسانية.
خلص تحقيق قضائي فرنسي إلى أن شركة لافارج للأسمنت السورية، التابعة لشركة لافارج، دفعت ما يقرب من 13 مليون يورو لمجموعة من الجماعات المسلحة العاملة في سوريا، بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). تعود الاتهامات إلى عامي 2012 و2014، أي إلى السنوات الأولى من الحرب الأهلية السورية المتواصلة. وقد دفعت المبالغ إلى تنظيم الدولة الإسلامية من خلال شبكة من الوسطاء. وكانت لافارج تسعى من خلال الدفع إلى الحفاظ على عملياتها والتخفيف من مخاطر تنظيم الدولة الإسلامية عليها. وكان تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا يسعى للاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي والحفاظ على سير العمليات الصناعية والتجارية، وإجبار الموظفين على البقاء في أماكنهم والعمل، مما وفّر إيرادات إضافية للخلافة المزعومة التي أنشأها التنظيم الإرهابي. وفضلا عن شركات الأسمنت مثل لافارج، استهدف تنظيم الدولة شركات النفط والبنية التحتية الحيوية الأخرى عبر مناطق الصراع في سوريا والعراق.
وقد اتهم العديد من كبار المسؤولين التنفيذيين السابقين، بما في ذلك اثنان من الرؤساء التنفيذيين السابقين، بتمويل الإرهاب في عام 2018. ويواجه هؤلاء الأفراد عقوبة تصل إلى 10 سنوات في السجن في حالة إدانتهم. وتواجه الشركة، التي اندمجت في عام 2015 مع شركة هولسيم السويسرية لمواد البناء، عقوبات كبيرة إذا أدينت بدعم الإرهاب والجرائم ضد الإنسانية. وقد رفض حكم محكمة في فرنسا صدر عام 2019 تهم التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية، لكن المحكمة العليا في فرنسا نقضت هذا الحكم، وأمرت بإعادة المحاكمة في أيلول (سبتمبر) 2021. وقد يُطلب أيضًا من الرئيس التنفيذي السابق لشركة لافارج المثول أمام المحكمة. وذكرت محكمة الاستئناف الفرنسية أن لافارج «مولت، عبر الشركات التابعة لها، عمليات تنظيم الدولة الإسلامية بعدة ملايين من اليوروات مع علمها الكامل بأنشطتها». ومن المعلوم أن تنظيم داعش تصنفه الأمم المتحدة وكثير من الدول تنظيما إرهابيا، وكذلك الحال مع كثير من فروعه الإقليمية. ولعله كان، عندما كان في ذروة صعوده، أغنى تنظيما إرهابيا في التاريخ، حيث كسب ما بين ملياري دولار وثلاثة مليارات دولار من مجموعة من الأنشطة المدرة للدخل.
وقد رفع الدعوى ضد لافارج المركزُ الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان جنبًا إلى جنب مع منظمة فرنسية لمكافحة الفساد تعرف باسم شيربا، نيابة عن 11 موظفًا سوريًا سابقًا في لافارج. وكانت لافارج قد أجلت العديد من كبار مسؤوليها التنفيذيين العاملين في سوريا، ولكنها أبقت الموظفين السوريين في مواقعهم. وفي الدعوى المقدمة، زعم الموظفون أنهم تعرضوا لضغوط للعمل في ظروف خطرة، رغم أنهم حذروا من تدهور الأوضاع بسبب الحرب الأهلية المستمرة. وعندما هاجم مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية مصنع لافارج الواقع على الحدود الشمالية لسوريا مع تركيا، أجبر الموظفون على الفرار.
عندما تعمل الشركات في مناطق النزاع، فإنها تحتاج إلى مراعاة مجموعة من الاعتبارات، بما في ذلك سلامة الموظفين واستمرارية الأعمال والعلاقات السياسية. وفي كثير من الأحيان، كما يبدو في قضية لافارج، تضع الشركات أرباحها فوق سلامة موظفيها، وتؤدي عملياتها المستمرة إلى تكوين علاقات مع الجماعات الإرهابية أو الأنظمة الوحشية. ويأمل بعض نشطاء حقوق الإنسان أن تكون قضية لافارج نموذجا للمحاكمات المستقبلية للشركات المتعددة الجنسيات المتهمة بتمويل الإرهاب. ولعل هذه القضية هي من بين القضايا الجنائية الأكثر اتساعًا في فرنسا منذ سنوات. وقد أنكرت شركة هولسيم المزاعم المتعلقة بمسؤوليتها ولم توافق على قرار محكمة الاستئناف. وإذا ما وجّه الاتهام إلى لافارج في نهاية المطاف، فسيكون ذلك بمثابة سابقة، حيث لم تحاكم أي شركة فرنسية في السابق بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وتمويل الإرهاب.