أوّل الكلام آخره:
- تجتاح عاصفة كورونا بلاد الهند التي سجلت أرقاما قياسية للوفيات اليومية الأسبوع الماضي بنحو 350 ألف حالة في اليوم خلال عطلة نهاية الأسبوع.
- يواجه رئيس الوزراء ناريندرا مودي انتقادات لعدم كفاءة حكومته في التعامل مع الوباء.
- بدأت العديد من الدول، ومنها المملكة المتحدة وأستراليا والإمارات العربية المتحدة، في تقييد الرحلات الجوية من الهند وإليها أو إلغائها.
- جذبت محنة الهند انتباه دول العالم، مما قد يؤدي إلى بذل جهود لزيادة ما يسمى بـ«دبلوماسية اللقاحات».
تجتاح عاصفة كورونا بلاد الهند التي سجلت أرقاما قياسية للوفيات اليومية الأسبوع الماضي بنحو 350 ألف حالة في اليوم خلال عطلة نهاية الأسبوع. فالمستشفيات الهندية مكتظة بمصابي كورونا مع المعاناة من نقص في أنابيب الأكسجين وأجهزة التهوية على الصعيد الوطني، فضلا عن تخطي عدد المرضى عدد الأسرّة في المستشفيات وحصول العديد من الحوادث المميتة في المستشفيات، ومنها اندلاع حريق وتسرب الأوكسجين. وبشكل عام، سجلت الهند أكثر من 16.6 مليون حالة كورونا، وهي في المرتبة الثانية عالميا بعد الولايات المتحدة. ووفقا للأرقام الحكومية الرسمية، توفي خلال الأسبوع الماضي وحده ما يقارب 8000 هندي جراء الوباء. ويوم الجمعة تحديدا، أبلغ عن وفاة 2,263 مواطنا. ومن بين أكثر الأمور رعبا أن الآتي قد يكون أعظم، نظرا إلى أن ارتفاع معدل الوفيات يتأخر عن ارتفاع معدل الإصابة. إن المناطق الحضرية كثيفة السكان في الهند والأحياء المغلقة الفقيرة تجعل من شبه المستحيل الحد من ارتفاع الإصابات في المدن والبلدات والقرى ذات الكثافة السكانية العالية في جميع أنحاء البلاد. وعلى الرغم من أن المعطيات الأولية كانت تشير إلى أن الهند قد تتفادى مثل هذا المصير، إلا أن هذه الموجة الوحشية يمكن إرجاعها إلى نشوء مزيج من السلالات فضلا عن التراخي في اتخاذ الاحتياطات المناسبة. وتراقب الدول المجاورة عن كثب الأزمة المتطورة في الهند، والتي قد تتخطى حدود البلاد وتلحق الأذى بالمحيط.
وتعرضت حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي لانتقادات حادة بسبب أن إدارته فشلت في الاستعداد لمحاربة سلالات المرض. فهو كان قد سمح بعقد التجمعات الكبيرة، بما في ذلك المهرجانات الدينية والتجمعات السياسية، التي ساهمت في انتشار الفيروس. وكان مودي يدعم حزبه (حزب بهاراتيا جاناتا) في الانتخابات المحلية في ولاية البنغال الغربية، حيث حضر عشرات الآلاف من المؤيدين مسيرات في أماكن مغلقة. كما تعرض وزير الداخلية أحمد شاه لانتقادات شديدة لحضوره مع مودي في مختلف الاستعراضات السياسية بدلا من تنسيق جهود الحكومة للتعامل مع الأزمة المتصاعدة. ومن العوامل الأخرى التي أدت إلى شدة الموجة الثانية تخفيف تدابير السلامة، سواء بدافع اللامبالاة أو الكلل أو كليهما، والتساهل في مسألتي التباعد الاجتماعي وارتداء الأقنعة الواقية. ومن التطورات الأخرى المثيرة للقلق اكتشاف سلالة جديدة بطفرة مزدوجة في الهند. ومن الجدير ذكره أن ولاية ماهاراشترا الغربية، حيث تقع مومباي، هي الأكثر تضررا.
وبالفعل، بدأت بعض الدول، كأستراليا والإمارات العربية المتحدة، في الحد من الرحلات الجوية المباشرة القادمة من الهند أو إلغائها. وقد ألغى رئيس وزراء المملكة المتحدة بوريس جونسون مؤخرا رحلته إلى دلهي وأضيفت الهند إلى «القائمة الحمراء» في المملكة المتحدة مما يعني أن على العائدين القيام بالحجر الصحي لمدة عشرة أيام. ويتهم بعضهم الحكومة بتعمد تخفيض عدد الوفيات كل يوم. وأخيرا، بدأت نيودلهي بعمليات الإغلاق قبل أسبوع واحد، وحذت حذوها العديد من الولايات الهندية الأخرى، بما في ذلك ولاية أوتار براديش وجارخاند. ونظرا إلى أن الهند مركز من مراكز إنتاج اللقاحات في العالم، فقد صدرت الملايين من اللقاحات في وقت سابق من هذا العام، إلا أنها اليوم تواجه نقصا حادا في تأمين الجرعات لمواطنيها. وفي الشهر الماضي، أوقفت الهند صادرات كبيرة من أجل توسيع برنامجها المحلي للتطعيم، وهو جهد هائل في بلد يبلغ عدد سكانه حوالي 1.3 مليار نسمة.
ومما لا شك فيه أن محنة الهند قد جذبت انتباه دول العالم أجمع. وتعهدت ألمانيا بإرسال ما يقارب عشرين محطة متنقلة لتوليد الأكسجين. وخلال عطلة نهاية الأسبوع، قامت الهند بنقل صهاريج من الأوكسيجين من سنغافورة عبر سلاح الجو الهندي. وقد وافقت الهند مؤخرا على استخدام لقاح سبوتنيك في حالات الطوارئ، وهو لقاح روسي الصنع. ولا تزال التساؤلات حول الدور الذي ستلعبه الولايات المتحدة في مساعدة الهند، على الرغم من أن السيناتور الأمريكي إدوارد ماركي قال إن الولايات المتحدة «لديها الموارد اللازمة لتقديم المساعدة، والآخرين يحتاجون هذه المساعدة» مما يجعل من «واجبنا الأخلاقي القيام بذلك». وقام كل من وزير الخارجية أنتوني بلينكين ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان بنشر تغريدات دعم خلال عطلة نهاية الأسبوع، إذ أشار بلينكين إلى أن واشنطن «تعمل بشكل وثيق مع شركائنا في الحكومة الهندية» من أجل «نشر دعم إضافي سريع لشعب الهند وأبطال الرعاية الصحية فيها». وبعد مرور أكثر من عام على انتشار الوباء، يظهر تباعد حاد بين البلدان المتقدمة والنامية من حيث إنتاج اللقاحات والحصول عليها وتوزيعها. والحل الوحيد للحد من هذا التفاوت هو بذل جهد عالمي حقيقي للتصدي للوباء ومساعدة أكثر البلدان ضعفا. وفي حين وافقت الولايات المتحدة على تقديم دعم تمويلي بقيمة 4 مليارات دولار للتحالف العالمي للقاحات والتحصين لضمان حصول الاقتصادات ذات الدخل المنخفض على لقاحات آمنة وفعالة للفيروس بأسرع وقت ممكن حالها حال البلدان الأكثر ثراء، كانت الصين ودول أخرى أسبق في الاستثمار الفعال في «دبلوماسية اللقاحات» لتقديم المساعدة الطبية والمواد إلى الدول النامية. وفي عالم مترابط حيث الفيروسات، مثل تحديات الأمن والتنمية، من الصعب تقييدها بالحدود، يتعين على الدول الغنية مساعدة الدول الفقيرة في وقف موجات انتشار الوباء والوفيات.