أوّل الكلام آخره:
- أصبحت منطقة شمال غرب نيجيريا مؤخرا إحدى النقاط المحورية لفصائل جماعة بوكو حرام.
- إن زيادة أعمال قطاع الطرق في شمال غرب نيجيريا، والتي ساهم فيها إلى حد كبير ضعف الحكومة، مكنت جماعة بوكو حرام من إقامة علاقات مع المجرمين وغيرهم من الجهات الفاعلة غير الحكومية.
- على الرغم من أن أحدا لم يتبنّ معظم الهجمات التي وقعت في شمال غرب نيجيريا، إلا أن التكتيكات والأهداف تشبه تلك المتعلقة بفصائل بوكو حرام.
- إن التقارب المتزايد بين مناطق عمليات الجماعات الجهادية الساحلية والنيجيرية يسهل التعاون بينها.
لقد كانت منطقة شمال شرق نيجيريا بؤرة للأنشطة الجهادية لأكثر من عقد من الزمان. وكانت جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد من أولى الجماعات الجهادية، فقد ظهرت عام 2010 وغيرت اسمها إلى تنظيم داعش – غرب إفريقيا عام 2015 عندما أعلن زعيمها أبو بكر شيكاو مبايعة أبي بكر البغدادي. وعلى الرغم من أن جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد كانت غير نشطة في عام 2015 عند ظهور تنظيم داعش – غرب إفريقيا، إلا أن شيكاو قام بعد ذلك بإحياء نشاط جماعته في العام التالي. وقد حدث ذلك بعد انقسام تنظيم داعش – غرب إفريقيا، وإسقاط شيكاو وتسليم الزعامة لآخر. ومع ذلك، يطلق على كل من جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد وتنظيم داعش – غرب إفريقيا اسم «بوكو حرام» التي يعني اسمها «التعليم (الغربي) حرام»، على الرغم من اختلاف التنظيمين. وفي عام 2012، تأسس فصيل ثالث موال لتنظيم القاعدة يعرف باسم أنصارو، وحتى مع توقف أنشطته منذ عام 2015، فإن أيديولوجيته تبدو حاضرة في العديد من الهجمات التي لا تزال مجهولة الفاعل في شمال غرب نيجيريا.
وعلى الرغم من تنافس جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد وتنظيم داعش – غرب إفريقيا، تجنبت الجماعتان وقوع صراع بينهما بعد عام 2016. وفي الوقت نفسه، سعى كلاهما في تخريب ولاية بورنو في شمال شرق نيجيريا. وشن تنظيم داعش – غرب إفريقيا هجمات وغارات متطورة على الثكنات العسكرية النيجيرية، فضلا عن زرعه الكمائن على جوانب الطرق في غرب ولاية بورنو وشمالها وشرقها. وقامت جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد بصد محاولات القوات العسكرية والأمنية للاستيلاء على قواعدها الرئيسة في جنوب ولاية بورنو. وبحلول أوائل عام 2020، وسعت المجموعتان نطاق عملياتهما وقامتا بهجمات حول منطقة بحيرة تشاد، بما في ذلك في النيجر وتشاد والكاميرون. وعلى الرغم من أن جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد وجماعة أنصارو كانتا نشطتين في منطقة شمال غرب نيجيريا بين عامي 2012 و2013، وأن المنطقة كانت تحت التهديد المستمر منذ عام 2010، إلا أنها لم تعد محط تركيز الجهاديين في نصف العقد الماضي.
ومن الواضح أن ديناميات الصراع في نيجيريا تتغير. فمنذ عام 2017، ازدادت أعمال قطاع الطرق في شمال غرب البلاد ازديادا كبيرا، وأصبح المدنيون المستهدف الأول بمؤامرات الاختطاف للحصول على فدية، وازدادت أعمال النهب والسلب مع مرور الأشهر، وأسفرت بعض الغارات عن وقوع أضرار جانبية كبيرة وقتل عشرات المدنيين. ومن أسباب زيادة أعمال قطاع الطرق ضعف فعالية الحكومة في شمال غرب نيجيريا إلى جانب فقدان المراعي بسبب التدهور البيئي. ومن تداعيات هذه الأعمال في شمال غرب نيجيريا، أنها تتيح لجماعة أهل السنة للدعوة والجهاد وتنظيم داعش – غرب إفريقيا فرصة الهروب من الضغط في ولاية بورنو وجمع الأموال عن طريق نهب المجتمعات المحلية. ويمكن لهذه الجماعات أن توسع نفوذها وتنشر أيديولوجيتها من خلال الارتباط بجماعات قطاع الطرق في شمال غرب نيجيريا، وهي علاقات تجمع الجريمة والإرهاب على نحو ما نرى في أجزاء أخرى من منطقة الساحل. ومن أولى دلائل انتقال تنظيم داعش – غرب إفريقيا إلى شمال غرب نيجيريا في تشرين الأول / أكتوبر 2019، تبنيها لهجوم في سوكوتو من قاعدة في النيجر. وأفاد القرويون في وقت لاحق أنهم شاهدوا «قطاع طرق» أخبروهم بوجودهم في منطقة تابعة لتنظيم داعش – غرب إفريقيا. ومن بعدها نشرت جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد شريطي فيديو في تموز / يوليو وآب / أغسطس 2020 حول منطقة شمال غرب نيجيريا. وقد ظهر في الفيلم الأول مقاتلون في ولايتي النيجر وزمفارا في شمال غرب نيجيريا يعلنون ولاءهم لأبي بكر شيكاو، في حين ظهر في الفيديو الثاني المئات من أعضاء الجماعة وهم يؤدون الصلاة في مخيم في ولاية النيجر في عيد الأضحى في استعراض واضح للقوة. ومن ناحية أخرى، تبنت جماعة أنصارو عدة هجمات فى شمال غرب نيجيريا. ويبدو أن عددا من الهجمات الأخرى في المنطقة، بما في ذلك بعض الهجمات على كنائس القرى وزعماء القبائل البارزين ورؤسائها، يتسق مع إيديولوجية جماعة أنصارو واستهدافاتها. ومع ذلك، فلا تزال معظم الهجمات مجهولة الفاعل.
وفي خضم التقارير الأخيرة الواردة من الولايات المتحدة ونيجيريا والأمم المتحدة حول تفاقم دور تنظيم القاعدة في شمال غرب نيجيريا، أصبح تنافس جماعة أنصارو مع جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد وتنظيم داعش – غرب إفريقيا في المنطقة تنافسا جليا. وعلاوة على ذلك، فإن تهديد الجهاديين للأمن أخذ بالتمدد في نيجيريا من شمالها الغربي إلى شمالها الشرقي. وهذا يثير أيضا احتمالات ارتباط تنظيم داعش – غرب إفريقيا وجماعة أنصارو مع حلفائهما الجهاديين في تنظيم داعش والجماعات المتحالفة مع تنظيم القاعدة في النيجر والساحل المجاورين. ويبدو أن «قوس عدم الاستقرار» في منطقة الساحل قد تحقق فعليا، ولا يبدو أن السلطات المحلية مؤهلة للتعامل معه. وتشير الأحداث الأخيرة في شمال غرب نيجيريا إلى أن مجموعات في نيجيريا ومنطقة الساحل باتت بالفعل تتعاون بشكل أوثق فيما بينها. ونظرا للولاء المتبادل وتاريخ التعاون الطويل بين الجهاديين من الساحل والنيجيريين، فمن المرجح أن تتعاون هذه الجماعات مجدّدا كلما صب هذا التعاون في مصالحهم، معتمدين على الارتباط الوثيق بين الجريمة والإرهاب في نيجيريا ومنطقة الساحل.