أوّل الكلام آخره:
- أظهرت زيارة رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول إلى الإمارات العربية المتحدة في يناير 2023 اهتمام البلدين بتوسيع دائرة استخدام الطاقة النووية لمكافحة تغير المناخ.
- تخلى الرئيس يون، الذي تولى منصبه في مارس، عن خطط حكومته السابقة للتخلص التدريجي من الطاقة النووية.
- وافقت كوريا الجنوبية على توسيع التعاون في مجال الطاقة مع الإمارات، بما في ذلك من خلال التسويق المشترك للطاقة النووية إلى الدول الأخرى.
- وخلال القمة الثنائية، زار يون أيضًا القوات الخاصة الكورية الجنوبية المنتشرة في الإمارات، وتلقى توبيخًا من طهران بسبب حديثه عن التهديد الذي تشكله إيران للإمارات.
أظهرت زيارة رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول للإمارات العربية المتحدة في منتصف شهر يناير التزام البلدين بتوسيع نطاق استخدام الطاقة النووية ومناقشة التعاون المستقبلي المحتمل في قطاع الطاقة وغيره من القطاعات. وكانت الإمارات وكوريا الجنوبية قد تعهدتا بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050. كما تساور قادة الإمارات مخاوف تتعلق بالطاقة النووية، بالنظر إلى موقع الدولة على الخليج بالقرابة من بوشهر على الضفة الأخرى، حيث تقع المحطة النووية الإيرانية. وكانت الولايات المتحدة قد اشتبكت عدة مرات مع القوات البحرية التابعة للحرس الثوري الإسلامي في الخليج على مدى العقود الأربعة الماضية، وهاجمت البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلات أجنبية في مياه الإمارات العربية المتحدة. وعلاوة على ذلك، فقد أدى القتال بين أوكرانيا وروسيا حول محطتين نوويتين أوكرانيتين إلى زيادة القلق العام بشأن الحوادث النووية. وتأتى زيارة يون بعد ثلاثة أشهر من توقيع سيئول ووارسو اتفاقيات تمهيدية لتطوير الطاقة النووية فى بولندا، مما يعزز تعهداته بإحياء صناعة الطاقة النووية في كوريا الجنوبية.
وتشير الزيارة إلى أن يون يتطلع إلى توسيع العلاقات مع الإمارات، كما أنها تعزز جهود رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان لتصوير بلاده رائدة في الانتقال نحو الطاقة النظيفة، على الرغم من أنها مصدر رئيسي للنفط. وقال يون إنه يأمل في أن يوسع البلدان هذا «النموذج الجديد للتعاون» ليشمل الوقود النووي، والمفاعلات الصغيرة، وغيرها من أوجه التقدم المشتركة ليشمل دولا أخرى. وأشار مسؤولون كوريون جنوبيون إلى المملكة المتحدة بوصفها عميلا محتملا لمشروع مشترك للطاقة النووية بين الإمارات وكوريا الجنوبية، وأضافوا أن الجهود المشتركة ستستفيد من احتياطيات الإمارات الوفيرة من رأس المال. وخلال الزيارة، أعلن مكتب يون أيضًا عن التزام الإمارات باستثمار 30 مليار دولار في صناعات الطاقة النووية والدفاع والصناعات الهيدروجينية والطاقة الشمسية في كوريا الجنوبية.
وكان يون قد انقلب على سياسة التخلص التدريجي من الطاقة النووية التي تبنتها حكومته السابقة استجابة لارتفاع أسعار الطاقة الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا، بهدف توفير ما لا يقل عن 30% من الكهرباء في البلاد عبر الطاقة النووية بحلول عام 2030. وتزهو كوريا الجنوبية بطاقتها النووية المتقدمة التي تولد بالفعل 27% من الكهرباء من خلال 25 مفاعلًا نوويًا، كما أنها تسوق تقنيتها النووية في الخارج. ومع ذلك، فمن المتوقع أن تظل كوريا الجنوبية معتمدة بشكل كبير على الوقود الأحفوري، وخاصة الغاز الطبيعي، إذ يشكل الوقود الأحفوري أكثر من 80% من إجمالي مصادر الطاقة المستهلكة في البلاد، وتستورد البلاد أكثر من 90% من حاجاتها من الوقود الأحفوري.
دفعت احتياجات سيئول من النفط والغاز البلاد إلى الانخراط على نطاق واسع مع دول في منطقة الخليج العربي الغنية بالطاقة. وعلى مدار العقد الماضي، دفعت العقوبات المتصاعدة التي فرضت على صادرات إيران من النفط إلى قيام سيئول ببناء شراكات جديدة مع دول الخليج العربية في مجلس التعاون الخليجي، والتي تتألف من المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة وقطر وسلطنة عمان. وتشكل قطر مصدرا رئيسيا للغاز الطبيعي الضروري لاقتصاد كوريا الجنوبية. كما أقامت كوريا الجنوبية علاقات واسعة مع الإمارات العربية المتحدة بناءً على اهتمامهما المشترك بالبدائل النووية وغيرها من البدائل للوقود الأحفوري. وبموجب صفقة بقيمة 20 مليار دولار أعلن عنها في ديسمبر 2009، يبني كونسورتيوم بقيادة كيبكو أربعة مفاعلات نووية تجارية في صحراء الإمارات العربية المتحدة. وقد وُصلت ثلاث وحدات نووية بشبكة الكهرباء، ومن المتوقع أن توفر المحطة 25% من احتياجات الكهرباء لدولة الإمارات العربية المتحدة بمجرد اكتمالها. ويعمل المشروع أيضًا على تعزيز هدف القيادة الإماراتية للمساعدة في قيادة انتقال عالمي إلى الطاقة النظيفة مع تحرير المزيد من احتياطيات النفط الخام الوفيرة في البلاد للتصدير على المدى القصير. وتشكل البراكة أول محطة للطاقة النووية في شبه الجزيرة العربية، والثانية في منطقة الخليج (والأخرى هي المحطة النووية التي بنتها روسيا في بوشهر بإيران)، وأول محطة طاقة نووية تجارية في دولة عربية. وهي أيضًا أول محطة طاقة نووية تبنيها شركات كورية جنوبية في الخارج.
إلى جانب التعاون في مجال الطاقة، كشفت زيارة يون الأخيرة عن تعاون استراتيجي غير معروف ولا يزال منخفض المستوى بين كوريا الجنوبية والإمارات العربية المتحدة. وخلال رحلة يون زار «وحدة آخ» المكونة من 150 فردًا من القوات الخاصة الكورية الجنوبية المتمركزة في الإمارات العربية المتحدة. ووصف يون أثناء زيارته لقوات آخ الإمارات بأنها «أمة شقيقة» مرتبطة بتعاون اقتصادي وعسكري متنامٍ. وقارن يون التهديد الذي تواجهه الإمارات من إيران بالتهديد الذي تواجهه كوريا الجنوبية من كوريا الشمالية المسلحة نوويًا. ولكن تلك المقارنة استدعت توبيخًا من المسؤولين الإيرانيين، الذين وصفوه بـ «بيان التدخل». على أن كوريا الجنوبية، التي تلتزم بالعقوبات الأمريكية على استيراد النفط، ليس لديها الكثير لتخسره. وتشترك كوريا الجنوبية مع الولايات المتحدة في أنها لا تحبذ نفوذا إضافيا لروسيا والصين في منطقة الخليج. وتتماشى إشارة يون إلى التهديد الإيراني مع جهود بلاده لبيع معدات عسكرية إضافية للإمارات. وقد دفع الإماراتيون 3.5 مليار دولار مقابل نظام صواريخ تشونغونغ 2 أو «قوس السماء» من صنع كوريا الجنوبية لتعزيز دفاعاتهم ضد الصواريخ الإيرانية والطائرات المسيرة. وعلى الرغم من أنه ليس لإيران أو روسيا أو الصين ما يدعوها للقلق من تطور العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وكوريا الجنوبية، فإن القمة قد تكون ذات أهمية استراتيجية بالغة في الخليج العربي وشمال شرق آسيا على الأمد البعيد.